روابط أعمال.. مصر والسنغال
على رأس وفد رفيع المستوى، وعدد كبير من رجال الأعمال، وممثلى الشركات المصرية، ذهبت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، الأربعاء الماضى، إلى العاصمة السنغالية داكار، أولى محطات سلسلة بعثات «مبادرة روابط الأعمال» بين مصر ودول وسط وغرب إفريقيا، التى تم إطلاقها بالقاهرة، فى يونيو الماضى، لاستكشاف فرص التجارة والاستثمار فى القارة السمراء، وتعزيز التعاون بين مجتمع الأعمال المصرى ودوائر الأعمال الإفريقية.
بعد افتتاحها فعّاليات المبادرة، شهدت نيفين جامع مع نظيرتها السنغالية، أميناتا أسوم دياتا، توقيع بروتوكول إنشاء مجلس الأعمال المصرى السنغالى، وترأست الاجتماع الأول للمجلس، الذى يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادى المشترك. وأمس، السبت، استقبلها الرئيس السنغالى، ماكى سال، بالقصر الجمهورى، ونقلت إليه رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
خلال اللقاء، أكد الرئيس السنغالى أن زيارة الرئيس السيسى لداكار، سنة ٢٠١٩، عكست توافق الرؤى بين البلدين بشأن مختلف القضايا والموضوعات، وأكدت الرغبة المشتركة فى تعزيز العلاقات على كافة الأصعدة. وأعرب عن تطلع بلاده إلى تعزيز الشراكة مع مصر، والاستفادة من الخبرة المصرية الكبيرة فى التنمية الاقتصادية والرعاية الصحية. وعبّر عن تقديره للعلاقات المتميزة التى تربط بين البلدين، وتطلعه إلى تعزيز العمل المشترك للارتقاء بمستوى تلك العلاقات إلى آفاق أوسع خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى المجال الاقتصادى، لدعم «خطة السنغال البازغة» للتنمية الاقتصادية.
السنغال لديها، بالفعل، خطة طموحة للتنمية الاقتصادية، توفّر فرصًا استثمارية وشراكات بين القطاعين العام والخاص. وعكس الوفد رفيع المستوى، والعدد الكبير من رجال الأعمال وممثلى الشركات، جدّية مجتمع الأعمال، وحكومتى البلدين، لإحداث نقلة نوعية فى العلاقات المشتركة. والشىء نفسه أكدته رسالة الرئيس السيسى، التى حملتها نيفين جامع إلى نظيره السنغالى.
فى الرسالة، أشاد الرئيس بمستوى التنسيق الراهن، والتواصل المستمر بين البلدين بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وشدّد على عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التى تربط البلدين، قيادةً وشعبًا، وأكد حرص مصر على تطوير مختلف أطر التعاون المشترك، وتطلعها إلى أن يسهم دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز النفاذ، منذ بداية يناير الماضى، فى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لشعوب القارة السمراء، ودفع حركة التبادل التجارى بين دول القارة، بشكل عام، وبين مصر والسنغال على وجه الخصوص.
بتكثيفها التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة، أعادت «دولة ٣٠ يونيو» رسم خريطة موازين القوى فى القارة السمراء. والإشارة هنا مهمة إلى أن الدائرة الإفريقية كانت واحدة من ثلاث دوائر تحركت فيها السياسة الخارجية المصرية، بعد استقلالها: الدائرة العربية، ثم الإفريقية، ثم الإسلامية. وبقليل من التركيز، يمكنك ملاحظة أن مصر، منذ تولى الرئيس السيسى الحكم، فى يونيو ٢٠١٤، بدأت تتحرك فى الدوائر الثلاث نفسها، وأولت اهتمامًا خاصًا بعمقها الاستراتيجى، وحرصت على تعزيز علاقاتها مع دول القارة فى مختلف المجالات، وعلى مختلف الأصعدة.
هذه الأولوية المتقدمة، التى تحظى بها القضايا الإفريقية فى السياسة الخارجية المصرية، أكدتها رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، إذ قامت خلالها بتسخير كل إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك، وشهدت إطلاق «منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية»، التى تهدف إلى إزالة الحواجز الجمركية بين دول القارة، وربط أسواقها واستكمال مسار الاندماج بينها، وتعزيز القدرة التنافسية، على مستوى الصناعات والمؤسسات، سواء باستغلال فرص الإنتاج على نطاق واسع، أو عبر إعادة تخصيص الموارد بشكل أفضل.
تأسيسًا على ذلك، أشاد الرئيس السنغالى بالدور المحورى الذى لعبته مصر، خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى، فى الدفاع عن القضايا الإفريقية على الساحة الدولية، وبجهودها المتواصلة لتحقيق التنمية لكل شعوب القارة. وشدّد على دعم السنغال الكامل لحقوق الشعب المصرى الأزلية فى مياه نهر النيل، وسعيها للتأكيد على هذا الأمر فى كافة المحافل الإقليمية والدولية. كما أشار إلى أن بلاده، التى ستترأس الدورة المقبلة للاتحاد الإفريقى، فى فبراير المقبل، ستضع على رأس أولوياتها إيجاد حل جذرى لهذه الأزمة، للحفاظ على حقوق مصر التاريخية، مؤكدًا أن هذا هو التوجه الصحيح، الذى يجب على كل الأطراف الالتزام به.
.. وتبقى الإشارة إلى أن السنغال إحدى الدول المحورية بمنطقة غرب إفريقيا. وكان من المقرر أن تستضيف عاصمتها داكار، فى مارس الماضى، المنتدى العالمى التاسع للمياه، إلا أن وباء «كورونا المستجد» أرجأ انعقاد المؤتمر إلى مارس المقبل. واستعدادًا لهذا الحدث، أقيمت فعاليات الدورة الثالثة من أسبوع القاهرة للمياه، فى أكتوبر الماضى، تحت شعار «اﻷمن المائى من أجل السلام والتنمية فى المناطق القاحلة- الطريق إلى داكار»، بحضور لوى فوشون ماسيج بوبوسكى، رئيس مجلس المياه العالمى، ونحو ٥٠ منظمة دولية وإقليمية معنية بهذا المجال.