رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سادة البحار.. عسكريًا ومدنيًا

مع افتتاح قاعدة «٣ يوليو» البحرية، دخلت مصر عصر بحريات المياه الزرقاء، Blue Water Navy، أو بحريات المحيطات والمياه العميقة، وسيحقق الميناء المدنى القريب، والأقرب لسواحل أوروبا، الذى يحمل اسم «٣ يوليو»، أيضًا، طفرة فى حركة التجارة والسياحة الإقليمية والدولية، وكلاهما يدعم خطة تنمية غرب مصر، التى أطلقها الرئيس، أواخر ٢٠١٥، وجرى خلالها تنفيذ مشروعات قومية عديدة، باستثمارات تجاوزت نصف التريليون جنيه.

فى ٣ يوليو ٢٠١٣، استرد المصريون وطنهم، باستجابة قواتهم المسلحة لمطالب ثورتهم المجيدة «ثورة ٣٠ يونيو»، وبدأت مصر مرحلة انتقالية، امتدت حتى ٨ يونيو ٢٠١٤، جرى خلالها التحضير للانتخابات الرئاسية، التى أوصلت الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم، ليبدأ تأسيس جمهورية ثانية، ننتظر إعلان قيامها قريبًا، وليعمل، بالتزامن، على تثبيت أركان الدولة بتعزيز وبناء قوتها العسكرية، وتطوير قدراتها فى كل المجالات والقطاعات، فى إطار برنامج وطنى شامل للإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

مع امتلاكها منظومات تكنولوجية متقدمة متكاملة فى مجالات التسليح والتدريب والتأمين الإدارى والفنى، قامت قواتنا المسلحة فى عهد الرئيس السيسى، بإعادة تجميع بعض تمركزاتها فى شكل قواعد عسكرية متكاملة تتوافر فيها جميع الخدمات ومقومات التدريب والقدرة القتالية، ولديها أرقى مستويات الجاهزية والاستعداد لتنفيذ أى مهام لحماية الأمن القومى المصرى على كل الاتجاهات الاستراتيجية. وفى السياق نفسه، ووفق خطة التطوير الشاملة، تم تحديث قواتنا البحرية بشكل غير مسبوق، يتناسب مع تغيّر التهديدات والتحديات، ويضمن تأمين ثرواتنا البحرية، ويفرض سيطرتنا على أكثر من ألفى كيلومتر على شواطئ البحرين الأبيض والأحمر.

فى ٢٢ يوليو ٢٠١٧، افتتح الرئيس السيسى قاعدة «محمد نجيب» الأكبر فى إفريقيا والشرق الأوسط، فى مدينة الحمام بمرسى مطروح، إلى جانب قاعدة «سيدى برانى» التى تبعد ١٠٠ كيلومتر عن حدود مصر مع ليبيا. وفى يناير ٢٠٢٠، افتتح الرئيس قاعدة «برنيس» العسكرية البحرية الأكبر فى البحر الأحمر. وأمس السبت، أضيفت قاعدة «٣ يوليو» إلى منظومة القواعد البحرية، ضمن خطة التطوير الشامل، لتأمين البلاد فى الاتجاه الاستراتيجى الشمالى والغربى، ولتكون مركز انطلاق الدعم اللوجستى للقوات المصرية، تعزيزًا لقدرتها على مجابهة أى تحديات ومخاطر، وأيضًا لمكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وكما تم تنفيذ المناورة «قادر ٢٠٢٠» مع افتتاح قاعدة برنيس، تم أمس تنفيذ المناورة «قادر ٢٠٢١».

تقع قاعدة «٣ يوليو» بمنطقة جرجوب بمحافظة مطروح شمال غربى مصر، وتتوافق منشآتها مع كود القواعد العسكرية البحرية العالمى، إذ تضم ٧٤ منشأة ومهبط طائرات ملحقة به قاعة لاستقبال كبار الزوار، وعددًا من ميادين الرماية المتطورة، وميادين التدريب التكتيكى، ومركزًا للعمليات مزودًا بأحدث المنظومات، ومراكز للقيادة والسيطرة والتحكم والإنذار، وورشًا ومخازن وملاعب رياضية، وحمامات سباحة، وأماكن إيواء ومستشفى مركزيًا.

مع الكود العالى للموانئ البحرية، أيضًا، توافق منشآت ميناء «٣ يوليو»، الذى يتضمن ميناء للركاب ومنطقة اقتصادية ولوجستية، وفنادق عالمية، ومجتمعًا عمرانيًا متكاملًا، إضافة إلى ميناء حاويات تجارى عالمى يخدم عددًا من المشروعات التجارية والصناعية العملاقة، وسيحدث نقلة نوعية فى النقل البحرى، والأهم، هو أنه يوفر أكثر من ٣٠ ألف فرصة عمل، كما تعمل هيئة السكك الحديدية على ربط سيوة بميناء جرجوب بخط سكة حديد، يبلغ طوله نحو ٨٠ كم.

للقاعدة البحرية العسكرية رصيف حربى بطول ألف متر وعمق ١٤ مترًا، وعدد من الأرصفة التجارية بطول ٢٢٠٠ متر وعمق ١٧ مترًا، تصلح لرسو كل أنواع السفن والقطع البحرية، وتوفر كل الخدمات اللوجستية، إضافة إلى برج مراقبة بارتفاع ٢٩ مترًا وحاجزين صخريين لتكسير الأمواج بطول ٣٦٥٠ مترًا. بينما يتجاور طول رصيف ميناء «٣ يوليو» المدنى الـ١٠٠٠ متر، وعمقه ١٥ مترًا، ويمتد حاجزه الصخرى لـ٣ كم فى عمق البحر، ونظرًا لقربه من السواحل الأوروبية، فإنه سيلعب دورًا كبيرًا فى تنشيط حركة التجارة والسياحة الإقليمية والدولية.

نحن، باختصار، أمام نموذجين واضحين، سبقتهما وستلحق بهما عشرات النماذج، التى تؤكد أن لدينا رؤية استراتيجية شاملة لبناء دولة قوية متقدمة وحديثة. وكان اختيارًا موفقًا أن يتفقد الرئيس وضيوفه الوحدات البحرية الجديدة بقاعدة «٣ يوليو» على لحن أغنية محمد عبدالوهاب، التى كتبها منصور وعاصى الرحبانى: طول ما أملى معايا، وفى إيديا سلاح.. حافضل أجاهد وامشى وامشى، من كفاح لكفاح.. طول ما إيديا فى إيدك، أقوم أقف واهتف وأقول.. حى على الفلاح.

المصريون، فعلًا وليس مجازًا، صاروا سادة البحار، مدنيًا وعسكريًا. كما أنهم، بقاعدة وميناء «٣ يوليو»، يؤكدون، مجددًا، أن لديهم يدًا عفية تقوم بالتنمية، تحميها يدٌ قوية، شعارها النصر بشرف أو الاستشهاد ببطولة: يدٌ تبنى.. ويدٌ تحمل السلاح.