«مئات القطع الأثرية ومغارة علي بابا».. لصوص التاريخ في قبضة العدالة
خلال الـ 40 يوما الماضية، نجحت الدولة المصرية من خلال الأجهزة المختصة في استرداد عدد كبير من آثار مصر المنهوبة والكشف عن 3 قضايا كبرى خاصة بلصوص الآثار.
وخلال التقرير التالي نوضح تفاصيل ما تم الإعلان عنه من قضايا خاصة بالآثار المصرية خلال تلك الفترة.
شقة الزمالك
بتاريخ 27 مايو الماضي، عثرت إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة على كمية من المجوهرات والأحجار الكريمة والتحف الأثرية بإحدى الشقق في منطقة الزمالك تغطي مساحة الشقة تقريباً.
ووفقا لبيان رسمي حينها تم إخطار مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائي المستشار محمد شوقي الذي أخطر المستشار عمر مروان وزير العدل بالواقعة.
مقتنيات شقة الزمالك
وقررت إدارة التفتيش تشميع الشقة، وتعيين حراسة مشددة عليها، وندب عدة لجان من الجهات المتخصصة، لحصر وفحص الموجودات تحت الإشراف المباشر اليومي لعدد من قضاة التنفيذ، على أن يتم إعداد تقرير بما تنتهي إليه هذه اللجان حتى يتم اتخاذ اللازم قانوناً على ضوئه.
مقتنيات شقة الزمالك
وكشفت إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة برئاسة المستشار عمرو ممدوح، في مؤتمر صحفي ، ما تم العثور عليه بـ«شقة الزمالك»، والقرارات التي اتخذت بشأن الواقعة.
وقال رئيس إدارة التنفيذ إنه سبق وأن أعلنت إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة عن أنه عند اتخاذ الإجراءات القانونية لتنفيذ الحكم النهائي في العقار رقم 30 شارع المنصور محمد، بالزمالك، تفاجأت بوجود كم كبير وغير معتاد من منقولات قديمة وتاريخية ومجوهرات تحتاج إلى متخصصين لفحصها داخل الشقة والمحل المرشد عنه بمعرفة طالب التنفيذ.
وقررت إدارة التنفيذ تشكيل لجان من المجلس الأعلى الآثار ووزارة الثقافة ومصلحة الدمغة والموازين لفحص المنقولات، ولما باتت الواقعة محل اهتمام الرأي العام فكان من الضروري إعلانه بنتائج عمل اللجان.
- تأمين موقع التنفيذ
تم تشميع الشقة بالشمع الأحمر ووضع كاميرات في أنحاء مختلفة داخل الشقة وخارجها، كما تم وضع بوابة للكشف على المعادن على باب الشقة وحراسة الشرطة المستمرة على مدار اليوم.
- نتائج عمل اللجان الفنية
لجنة المجلس الأعلى للآثار
أعدت اللجنة تقريراً أثبتت فيه أنها توجهت إلى مقر الشقة والمتجر موضوع التنفيذ، وتبين لها وجود العديد من القطع التي تخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 83 وتعديلاته على النحو التالي:
- 1204 قطع أثرية ترجع للحضارة المصرية القديمة والعصر الإسلامي.
- 787 قطعة أثرية ترجع لأسرة محمد علي.
مقتنيات شقة الزمالك
- كما تبين من فحص الكتالوجات المضبوطة أنها تخص مزادات تم عقدها في صالات شهيرة تتابعها وزارة الآثار بشكل مستمر، والتي تعرض قطعاً أثرية مصرية للبيع يشتبه فى خروجها من مصر بطرق غير شرعية.
لجنة وزارة الثقافة
أعدت لجنة وزارة الثقافة تقريراً أثبتت فيه أنها قامت بفحص 216 لوحة فنية، وتم تصنيفها إلى 3 فئات:
- الفئة الأولى: 103 لوحات ذات قيمة فنية وتاريخية ومادية عالية جداً تصلح للعرض المتحفي، منها لوحات أثرية تحت مسلسل 17 و18 و19 و34 و61 و87 و88 و89 و91 و100 و102 من التقرير.
- الفئة الثانية: 56 لوحة ذات قيمة فنية ومادية عالية تصلح للعرض المتحفي.
- الفئة الثالثة: 47 لوحة وتعد من الأعمال التجارية، و10 لوحات أوصت بعرضها على دار الكتب والوثائق.
• لجنة مصلحة الدمغة والموازين
فحصت اللجنة 3707 قطع بخلاف ما تم اعتباره أثرياً، منها 2907 قطع من الذهب سواء الأصفر أو الأبيض أو البلاتين والماس عالي الجودة ومنخفض الجودة، والأحجار الكريمة وشبه الكريمة والتي تحلى بعض القطع من معدن النحاس وغيره من المعادن الأخرى، و800 قطعة اكسسوار عالي القيمة.
بالإضافة إلى ما سبق أسفر جرد محتويات الشقة عن وجود سلاح ناري وذخيرة مسدس ماركت «كولت كوبرا»، ومبالغ مالية متنوعة من عملات مختلفة.
النيابة العامة تسترد 114 قطعة أثرية منهوبة هُرِّبت لفرنسا
ليست تلك هي القضية الوحيدة الخاصة باثار مصر، فمن أيام أعلنت النيابة العامة في بيان رسمي لها وصول النائب العام الي فرنسا في مهمة رسمية، لم تفصح عن تفاصيلها.
وأعلنت بعد النيابة في بيان رسمي أيضا، عن انتقال المستشار النائب العام ووفد رفيع المستوى من «النيابة العامة» إلى مقر السفارة المصرية في باريس، وكان في صحبة الوفد «الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار»، و«مدير الإدارة العامة للآثار المستردة»؛ لاسترداد مئة وأربع عشرة قطعة أثرية منهوبة هُرِّبت إلى فرنسا، وذلك في ضوء تحقيقات هامة باشرتها «النيابة العامة المصرية» بالتعاون مع السلطات القضائية الفرنسية أسفرت عن استرداد تلك القطع بعد وقف كافة إجراءات عرضها للبيع أو التعامل عليها.
وبدأت إجراءات الاسترداد بوصول فريق عمل المكتب المركزي لمكافحة الاتجار في المقتنيات الفنية بوزارة الداخلية الفرنسية، ونَقْل القطع إلى مقر السفارة وفض تغليفها، حيث باشر «رئيس المجلس الأعلى للآثار» و«مدير إدارة الآثار المستردة» -تحت إشراف وفد النيابة العامة المصرية- إجراءات معاينة وفحص وجرد واسترداد القطع الأثرية تمهيدًا لنقلها إلى القاهرة.
وتفقد النائب العام وفي صحبته سفير جمهورية مصر العربية لدى فرنسا القطع الأثرية المستردة خلال تقديم «الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار» شرحًا تضمن وصف القطع ونسبتها للحضارة المصرية القديمة في عصورها المختلفة.
وكانت تحقيقات «النيابة العامة» في القضية التي استُرِدَّت فيها تلك القطع قد بدأت منذ عام 2019، حيث أَبلغ فَرنسيَّا الجنسية «سفارةَ جمهورية مصر العربية» لدى فرنسا باقتناء فرنسيٍّ -متوفى- القطع الأثرية بمسكنه في باريس بعد دخولها بطريقة غير مشروعة، وأُخطِرت «النيابة العامة المصرية» بالواقعة وباشرت إجراءات التحقيق، وكذا اتخذت سبل التعاون القضائي الدولي مع السلطات القضائية الفرنسية، وأُلقي القبض على فرنسي بالبلاد ومصريَيْنِ اثنين شاركوا في الواقعة، وكانوا على صلة بالمتوفى، فاستُجوبوا فيما نُسب إليهم من اتهامات، وانتهى التنسيق بين السلطتين القضائيتين إلى تعاون مثمرٍ أسفر عن وقف التعامل إزاء القطع الأثرية سواء بالبيع أو بأي صورة أخرى، وردها إلى الدولة المصرية.
سقوط نائب الجن في قضية الآثار الكبرى
البداية بتلك القضية جاءت عندما ألقت الأجهزة الأمنية، يوم الخميس الموافق 24 يونيو القبض على النائب البرلماني السابق علاء حسانين؛ لاتهامه بالاتجار والتنقيب عن الآثار، وأفادت التحريات التي أجرتها الأجهزة الأمنية أن النائب البرلماني يقود تشكيلًا عصابيًا، للتنقيب عن الآثار بعدة محافظات بالجمهورية، والاتجار في القطع المستخرجة.
وعثرت أجهزة الأمن بحوزة المتهمين على 201 قطعة أثرية، تمت إحالتها إلى لجان فنية لفحصها بوزارة الآثار، وبعد التحقيق معه وعرضه على قاضي المعارضات بمحكمة جنوب القاهرة، قرر تجديد حبس علاء حسانين وآخرين في التنقيب على الآثار، ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات.
وأوضحت التحقيقات أن علاء حسانين النائب البرلماني السابق المعروف إعلاميًا بـ«نائب الجن والعفاريت» سبق اتهامه في 4 قضايا مماثلة من بينها قضية نصب واحتيال على رجل أعمال شهير يمتلك قناة فضائية.
وأضافت التحقيقات أن «نائب الجن والعفاريت» يتزعم عصابة للاتجار في الآثار، ويقوم بتمويل وتوفير الدعم اللازم للعصابة وتجميع القطع الأثرية تمهيدًا لتهريبها.
كانت معلومات وردت لقطاع أمن القاهرة عن قيام تشكيل عصابي بنهب ثروات الوطن والاتجار بالآثار واعتزام تهريب القطع الأثرية خارج البلاد بالمخالفة للقانون.
وأكدت التحريات قيام المتهمين بالتنقيب في عدة محافظات من بينها القاهرة والجيزة وتجميع القطع الأثرية داخل أحد المخازن؛ تمهيدًا لبيعها وتهريبها خارج البلاد وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث مكبرة لكشف الملابسات وملاحقة المتهمين.
وبالعرض على النيابة العامة أمرت بضبط وإحضار المتهمين فى الواقعة وإعداد مأمورية أمنية داهمت أوكار المتهمين، وعثرت على كمية كبيرة من القطع الأثرية تقدر بنحو 201 قطعة.
القبض على حسن راتب
وفي خطوة جديدة بالقضية ألقت الأجهزة الأمنية أمس القبض على رجل الأعمال حسن راتب، وذلك تنفيذًا لقرار النيابة العامة، بشأن تمويله ماديًا لعلاء حسانين نائب الجن والعفاريت في عمليات التنقيب عن الآثار.
وكشفت تحقيقات النيابة عن قيام حسن راتب بعمليات تمويل بملايين الجنيهات لعصابة علاء حسانين وشقيقه فى التنقيب عن الآثار.
اعترافات شقيق علاء حسانين
وخلال التحقيقات بالقضية قال المتهم عزالدين حسانين، شقيق علاء حسانين النائب السابق الشهير بـ"نائب الجن والعفاريت"، إنه تورط مع شقيقه في البحث عن الآثار وكان يساعده على إيجاد الأماكن للبحث عن التماثيل والآثار القديمة مقابل مبلغ مالي عن كل عملية وعن المعدات التي كان يدفع لها مقابل جلبها له وأنهما ينقبان عن الآثار منذ خمس سنوات.
وتبين من التحقيقات تورط شقيق البرلماني السابق في الواقعة، فتم إلقاء القبض عليه ولكن اعترافاته كانت كفيلة في إصدار النيابة العامة قرار ضبط وإحضار رجل الأعمال حسن راتب، لتمويله عمليات التنقيب بملايين الجنيهات.
التحقيق مع حسن راتب
ظهر حسن راتب في النيابة مرتديًا جلبابًا أبيض وممسكًا بيده «سبحة»، ووسط حراسة أمنية مشددة وعقب إدخاله غرفة التحقيقات منذ الساعة الثانية عشرة، أنكر معرفته بالمتهمين، مشيرًا إلى تعرفه على علاء حسانين داخل حلقة ذكر، وأنه سبق واتهمه بالنصب عليه عددًا من المرات، ووجود خلافات مالية بينهما.
وواجهت النيابة العامة رجل الأعمال حسن راتب بأقوال شقيق البرلماني السابق علاء حسانين، واعترافاته عن عمليات تنقيب الآثار واتهامه بتمويل بملايين الجنيهات، ولكنه أنكر معرفته بالمتهمين وتمويله، وتم حبسه علي ذمة التحقيقات والتجديد له 15 يوما.