خبراء يناقشون مقترح «نصف الثروة للزوجة بعد الطلاق»
أحدثت تصريحات عبير الأنصاري، رئيس نادى المطلقين والمطلقات، جدلًا كبيرًا، بعد أن اقترحت حصول المرأة في حال طلاقها على نصف ثروة الزوج، ذلك المقترح الذي استنكره البعض، وشجعه البعض الآخر.
“الدستور” فتحت الملف للتعرف من خلال خبراء الأسرة والقانون وعلماء الدين على ذلك المقترح، وإمكانية تطبيقه، فقال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر، أن الإسلام وشريعته قد كفلا للزوجة حقوقاً سواء في حال الزواج أو في حال استحالة العشرة بينها وبين زوجها ووقوع الطلاق، ومن بين هذه الحقوق الكثيرة رد الزوج لطليقته القائمة الزوجية، ومؤخر الصداق، وإذا كان بينهما أطفال إلزامه بأن يتكفل بالإنفاق الكامل عليهما إضافة لكونه ملزماً بتوفيره لمطلقته مسكناً لها ولأولادهما.
وأوضح “الأطرش” لـ"الدستور"، أن كافة هذه الحقوق التي كفلتها الشريعة للزوجة في حال وقوع الطلاق إذا تم الالتزام بها من قبل الزوج، فهذا كفيلاً ألا تحتاج معها أن تحصل على نصف ثروة الزوج أو خلافه من المقترحات على الإطلاق.
وتابع أن هذا الفكر الذي يعطي الزوجة الحق في الحصول على نصف ثروة طليقها هو أمر متبع في بعض البلدان الغربية إلا أنه مخالف للشريعة الإسلامية، كما أنه لا يتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا الشرقية.
الدكتور هشام ماجد استشاري الأمراض النفسية أرجح أن تكون مثل هذه الآراء التي اسمها بدعاً قد ظهرت من قبل البعض للتغطية على ما أوصى به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضرورة التوصل إلى تعديلات عادلة على قانون الأحوال الشخصية من شأنها إرضاء فئات المجتمع وتحقيق العدالة بينهما.
وأوضح أن مثل هذه الآراء تمثل شكلاً من أشكال التطرف، وقد طفت على السطح لتشغل الرأي العام في الهراء وتلهيه عن الانشغال بالمناقشات في الموضوعات التي حقاً تهمه وتمثل إفادة حقيقية لفئاته، مشيراً الى أن تطبيق مثل هذه الأفكار المتطرفة من شأنه أن يقلل من معدلات الزواج ويزيد من معدلات الطلاق في مجتمعاتنا الشرقية.
ولفت إلى أن قاعدة حصول الزوجة على نصف ميراث الزوج هو نظام متبع في كثيراً من المجتمعات الغربية، موضحاً أن طبيعة تلك المجتمعات تختلف عن مجتمعاتنا في كل شئ، وأن أمر حصول المرأة على نصف ثروة الزوج مستقطع من قانون الغرب، مضيفًا:"فإذا أردنا أن نطبقه في مجتمعاتنا العربية فعلينا أن نطبق كل القانون لانأخذ شئ ونترك آخر".
وواصل: "واقعياً إذا حاولنا ذلك لا نتحمل، فعلى سبيل المثال في الغرب يحصل الطرف الأصلح على الأبناء أياً كان هو، ولا يوجد هناك ما يسمى بسن حضانة الأطفال أو خلافه، فإذا كانت الأم لا تصلح فذلك يعني أن الأبناء يذهبون عند آباهم إلى الآبد، ويحرمون من الأم تماماً، وهذا بالطبع ما لا نقبله في مجتمعاتنا العربية، لذا فعلينا أن نلتزم بشريعاتنا الإسلامية التي ليس بها عوار وجاءت منصفة للزوجة والزوج والأبناء والمجتمع كافة".
وبين أن الزواج هو ميثاقاً غليظاً بين طرفين، وهو أسمى علاقة في الوجود، وليس من الصحيح على الإطلاق أن نثمن هذه العلاقة ونختزلها في أمور مادية، وأن يقف فيها الطرفين كل متربص بالآخر من البداية، بأن يخرج الطرف الآخر خسران في حال وقوع طلاق، فهي ليست حرب بالنهاية.
ونوهت ياسمين محمود خبيرة العلاقات الأسرية لـ"الدستور"، بأن تطبيق مقترح حصول الزوجة على نصف ثروة الزوج في حال الطلاق هذا سيجعل الشباب ينتابهم قلق وتردد كثيرين قبل الإقدام على خطوة مثل خطوة الزواج،متخوفين من ضياع نصف أموالهم في حال حدوث اختلافاً أدى إلى الطلاق،" وهذا أمر وارد"، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع أساساً من العنوسة وعدم اقبال الشباب على الزواج.
وذكرت أنه "وحتى بعد إتمام الزواج سيجعل هذا المقترح"إذا تم تطبيقه" طبيعة العلاقة بين الزوج وزوجته قائمة على خوفه من الطلاق والتمسك بالحياة الزوجية فقط من أجل هذا الخوف، وليس مودة وحباً في العلاقة، وكذلك قد ينشأ هذا الأمر عنصر التربص من الزوجة لزوجها لارتكاب زوجها أي خطأ في حقها من أجل أن يقع الطلاق، وتحصل على نصف أمواله".
وكانت عبير الانصاري رئيس نادي المطلقات، أثارت جدلًا بعدما اقترحت حصول الزوجة على نصف ثروة الزوج في حال الطلاق، موضحة أن هذه الفكرة مقبولة ويتم وضعها لكي تستطيع المرأة أن تصرف على نفسها وتعويض سنوات الشقاء والمعاناة والتفاني مع زوجها.
وحسب مركز التعبئة والإحصاء، بلغت نسبة الطلاق العام الماضي 218 ألف حالة، كما بلغت نسبة المرأة المعيلة في مصر من 10% إلى 15%.