«الدستور» تزور مساكن «روضة السيدة».. والأهالي يتحدثون عن «حلم العمر» (صور)
خلال سنوات قليلة تحولت حياة عشرات الأسر من سكان تل العقارب الذين عاشوا عمرهم وسط القمامة والروائح الكريهة، واستيقظوا ليجدوا الحياة تغيرت فتحولت تل العقارب إلى روضة السيدة حيث العمارات الفخمة والشوارع المرصوفة وخصوصية الأسر الذين اعتادوا قديمًا مشاركة دورات المياة مع بعضهما، كل ذلك بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي سعى لتغير حياة سكان العشوائيات والمناطق الخطرة، وتوفير حياة أفضل لهم.
ونفذت الدولة مشروع "روضة السيدة زينب" بتكلفة ٣٣٠ مليون جنيه بمحافظة القاهرة، لتوفير مسكن آمن لـ٤٠٨٠ نسمة، وتحتوي المساكن الجديدة على ٨١٦ وحده سكنية بإجمالي ١٦ عمارة، ١٩٨ وحدة إدارية وتجارية.
"الدستور" اتجهت لروضة السيدة زينب في جولة ميدانية، وتواصلت مع سكانها، ورصدت في هذا الملف كيف تغيرت حياة سكانها من تل العقارب إلى روضة السيدة.
نور مجدي: وفرت حياة أفضل لأبنائنا
نور مجدي شاب في منتصف الثلاثينات، وُلد في منطقة تل العقارب وتزوج وأنجب بها إلا أن حياة أسرته تغيرت خلال سنوات قليلة بعد هدم تل العقارب وتحويلها لروضة السيدة زينب، وقال "أفضل ما يميز روضة السيدة هي أن حياة ابني ستكون أفضل كثيرًا من حياتي فأنا كبرت وسط القمامة والبيوت المهدمة التي يتشارك بعض سكانها دورات المياه، ولكن ابني سيكبر في بيئة نظيفة وشوارع مرصوفة وشقق كاملة التجهيزات تحافظ على خصوصية أصحابها".
وتابع "أعتبر نفسي محظوظ لأنني لم أنتقل من المنطقة التي تربيت بها إلى منطقة أخرى بعيدة عن مكان عملي حيث أعمل باليومية أو بعيدًا عن عائلتي، فكل ما حدث أننا عبرنا الشارع من جهة اليمين حيث القمامة إلى جهة اليسار حيث العمارات الجديدة، مشيرًا " باقي المنطقة تعمل عليها الحكومة حاليًا فقامت بهدم باقي المنازل العشوائية استعدادًا لتحويلها لتروضة السيدة ٢، وهو ما ينتظره العشرات من الأسر التي كانت تتمنى أن تتحول حياتها حيث النظافة والجمال كما حدث معنا".
زينب وسيدة: استلمنا شقة جديدة مفروشة بالكامل مقابل ٣٦٠ جنيه شهريًا
داخل الدور الأول بإحدى العمارات السكنية بروضة السيدة زينب تعيش زينب وسيدة عثمان، أختان، تخطت الكبرى سن ال٧٠ والصغيرة في ال٥٥، حصلتا على الشقة بالشراكة فهما العائلة لبعضمهما بعد أن قررا عدم الزواج ولم يتبقى من الأسرة غيرهما.
قالت سيدة "بيتنا كان قديم مبني من ٩٠ سنة، اتولدت فيه أنا وأختي وعشنا حتى انتقلنا إلى الشقة الجديدة بروضة السيدة، موضحة" استملنا شقة أوضتين وصالة كاملة التشطيب بها سفرة وأنتريه وغرفتين نوم، وجميع الأجهزة الكهربائية، وندفع في المقابل ٣٦٠ جنيه شهريًا".
وتابعت "عندما تم هدم تل العقارب نقلتنا الحكومة لشقق مؤقتة في مدينة السادس من أكتوبر، حتى تم بناء روضة السيدة وتم توزيع الشقق علينا، وحصلت أنا وأختي على شقة بالدور الأول لتكون حركتنا أسهل نظرًا لكبر سننا، مشيرة "شكل المنطقة تغير بالكامل فتل العقارب كانت بيوتها قديمة وننتظر سقوطها على سكانها كل يوم والشوارع كانت سيئة والقمامة تغمرها، ولكن الروضة جميع شوارعها مرصوفة والعمارات كاملة التشطيب وبعد ما كان أغلب سكان تل العقاري يتشاركون دورات المياه مع جيرانهم، أصبح لكل منهم شقة كاملة الخدمات.
واستطردت زينب الأخت الكبرى والتي تعمل خادمة في المنازل لتوفر احتياجاتها هي وأختها المريضة " أفضل ما يميز روضة السيدة أنها بنيت في نفس منطقتنا التي تربينا فيها، ولكن تحولت البيوت القديمة المهدمة إلى عمارات جميلة وشقق بها كل الخدمات ، موضحة " أدفع شهريًا ٣٦٠ جنيه إيجار وهو سعر لن نجده في أي سكن آخر، ورغم ظروفي الخاصة فأنا أتولى جميع مصاريف المنزل من إيجار وفواتير وطعام لأن أختي مريضة ولا تستطيع الحركة، إلا أنني ملتزمة بدفع الإيجار في موعده لأنني لن أجده في أي منطقة أخرى.
أمل حسن أول ساكنة بالروضة: بحمد ربنا كل يوم على شقتي الجديدة
٣٥ عامًا عاشت فيهم أمل حسن في منطقة تل العقارب حيث كان منزل والدها ثم زوجها، وعندما بدأت الدولة في إزالة العشوائيات وهدم منطقة تل العقارب لتطويرها كانت أول من حصل على شقته بروضة السيدة زينب وانتقل للعيش بها مع زوجها وابنتها.
قالت أمل" أول لحظة دخلت فيهت شقتي الجديدة حمدت الله على تحول حالنا للأفضل، فرغم أننا مازلنا نعيش بنفس المنطقة إلا أنها تحولت بالكامل ولم تعد أعيننا ترى إلا الشوارع النظيفة والعمارات الجديدة، مشيرة" كنت أعيش بغرفة واحدة مع زوجي وبنتي، وأصبحت أملك الآن شقة غرفتين وصالة كاملة التشطيب، غرفة لي ولزوجي والأخرى لابنتي التي سعدت كثيرًا بعد انتقالنا من منزلنا القديم الذي كانت تخجل منه أمام زملائها، لروضة السيدة التي تتميز بشكل معماري جميل ومميز جعلتها فخورة به أمام زملائها".
واستطردت "مساحات الشقق في روضة السيدة ليست واحدة فهناك شقق ثلاث عرف وهناك غرفتين ويتم تسكينها حسب عدد أفراد الأسرة، ولكن في تل العقارب فكانت هناك أسر كاملة تعيش في غرفة واحدة وتشترك في الحمام مع سكان باقي الغرف".
نعمات: روضة السيدة نقلتني من شقة تعيش بها 3 أسر لشقة خاصة بي
طابور يومي كان في انتظار نعمات وأسرتها، حتى يتمكنوا من دخول دورة المياه أو تجهيز طعامهم في المطبخ، فكانت الشقة التي تعيش بها في تل العقارب عبارة عن شقتين متجاورتين مشتركتين في دورة المياه والمطبخ، وقالت "كنت أعيش مع أسرتي المكونة من خمس أفراد مع أسرتين آخرتين، وكنت أنتظر دوري لأستخدم دورة المياه أو المطبخ، ولكن بعد انتقالي لروضة السيدة تغيرت حياتي تمامًا، فأعيش بشقة مكونة من ثلاثة غرف وكاملة التشطيب".
وتابعت "كل حاجة في الروضة حلوة، فانتقلنا إليها بملابسنا فقط ووجدنا فيها كل ما نحتاجه من عفش وأجهزة وشوارع نظيفة وقريبة من مدارس أبنائي، موضحة " مبدفعش مصاريف مواصلات فزوجي يعمل قريبًا من المنطقة ومدارس أبنائي بجوارنا وأنا أعمل مقابل أجر في تنظيف سلالم عمارات روضة السيدة".
روضة السيدة تفتح باب الرزق لنادر عبدالتواب كحارس أمن: مصدر دخل إضافي
كانت مساكن روضة السيدة فاتحة خير ليس على سكانها الذين عادوا إليها من جديد في حُلتها الأنيقة المبنية على أحدث الطرز التي يشهد بها الكثيرون، ولكنها فتحت باب رزق أيضًا في توفير العمل للمواطنين من خارجها، حيث ساهمت في توفير فرصة عمل للرجل الأربعيني نادر عبدالتواب، الذي يعمل حارس أمن بالمنطقة.
يقول عبد التواب: المحلات التي تم بناءها ضمن المساكن محكومة بصنعات محددة فكان يجب توفير الأمن اللازم لها، وكذلك الحرص على توفير الأمن في المنطقة للسكان، فلا يُسمح بدخول أو خروج أحد إلا إذا كان معروف لأهل المنطقة حتى لا يسبب لهم الإزعاج وهو دورنا كأفراد أمن، فكل مدخل عليه حارس.
وأضاف أنه عندما تم الإعلان عن فرص عمل في المنطقة بادر للحصول على هذه الوظيفة لتكون له مصدر دخل إضافي بجانب عمله حارس أمن بمنطقة جامعة الدول العربية وعايش في جسر السويس، "بخلص شيفت هناك واروح الشيفت هنا المكان هادي وجميل والناس نفسها بتحافظ عليه، الدولة مهتمة بالمكان لأنه به نقدر نثبت العشوائيات كانت ايه وبقت ايه".
"الناس هنا كانوا في حاجة وبقوا في حاجة تانية خالص شتان الفرق بين الاثنين" بهذه الكلمات وصف عبدالتواب حياة سكان الروضة بعد انتقالهم إلى مساكنهم الجديدة، وفقًا لما يسمعه من كلامهم عن التغير الهائل الذي يعيشونه الآن بفضل هذا التحول والانتقال.
محمد عيد: المساكن تحتاج إلى تعديل السلوكيات مثلما حدث في الأسمرات لتستمر في صورتها الجيدة
منذ 5 أعوام تقريبًا بدأ منزل محمد عيد، الرجل الخمسيني، في الانهيار شيئا فشيء حيث مالت حوائطه وانهار جزء منها ويرجع هذا الأمر لتوارثه عن أجداده حيث بني منذ عام 1908 بمنطقة تل العقارب كما كانت تسمى من قبل، وعاش فيه مع إخوته وأولاد.
يقول عيد إنه عندما بدأت الحوائج في الانهيار والميل شعرنا بالخطر علينا جميعًا، ذهبت إلى قسم شرطة السيدة زينب وحررت محضر أن المنزل أصبح غير أمن ومعرض للسقوط في أي وقت، "لو وقع على عيل أو أي حد لا قدر ومكنتش مخلي مسؤوليتي وعامل محضر كان ممكن اتحبس فيها".
وأوضح أنه بدأ في البحث عن شقة للايجار تأويه هو وأسرته المكونة من ثلاث أبناء وشقة أخرى لأخته وأسرتها، "ملهاش غير في الهرم الايجار نار هنا في السيدة مكناش نقدر عليه"، مضيفًا أنه مع بداية توجه الحكومة لإزالة تل العقارب الذي أصبح حاليًا يُسمى بروضة السيدة اتصل عليه أحد جيرانه أخبره بالقدوم وتقديم الأوراق المطلوب "قالي انا هنستلم شقق مفروشة من الحكومة والمنطقة هتبقى على أحدث طراز"، وهو ما حدث بالفعل حيث تسلم شقة مكونة من غرفتين وصالة مفروشة بالكامل.
"المباني تحفة" بهذه الكلمات وصف عيد الوضع الجديد لمنطقة روضة السيدة بعد أن انتقلوا إليها، مضيفًا أن هناك جولات مستمرة من رئيس الحي ومن محافظ القاهرة للاطمئنان على الأوضاع واستمرار المحافظة على شكله كما هو، "لو محل من المحلات طلع منتجاته برا المحل رئيس المشروع بيجي فورًا يبلغه أنه لازم يشيلها عشان الرصيف يفضل فاضي والشكل الحضاري للمكان مش يتشوه".
وذكر عيد أن ما تحتاجه المنطقة هو تعديل السلوكيات للمواطنين والسكان مثلما يحدث مع سكان الاسمرات، فلا يكفي أن توفر الحكومة السكن الملائم فقط للسكان وخاصة في منطقة عشوائية مثل تل العقارب بل يجب أن يكون هناك دورات وندوات لتعديل سلوكهم للحفاظ على المنطقة، "فالنظافة تعود والحفاظ على السكن والمكان المحيط به تعود".
مصطفى عبدالنبي: البيوت كانت مغارات وكوم زبالة
"أنا عمري كله هنا في تل العقارب" بهذه الكلمات بدأ مصطفى عبد النبي قصته في المنطقة التي وصفها "كانت كوم زبالة والبيوت كانت عاملة زي المغارات"، يواصل عبدالنبي وصف المنزل، الذي كان يقطن فيه، أنه كان مبني دور واحد من الحجارة والسقف عبارة عن عروق الخشب كان يعيش معه زوجته، وكانت المنازل عبارة عن غرف يتم تأجيرها والحمام مشترك بين الأسر.
وأوضح أنه بعد بناء المنطقة بالكامل تم إضافة نقطة شرطة بجوارها لتأمينها وكذلك يوجد حراس أمن على كل مدخل للمساكن، متابعًا: "بعد ما كانت جبل وكوم تراب بقت شقق أوضتين وصالة أو تلات أوض أخر نضافة ومفروشين كمان".
مصطفى إمام: أتمنى يعملوا لنا جنينة للأسر والأطفال بدل قعدة الشارع عشان يفضل المنظر كويس
أما مصطفى إمام، الشاب الثلاثيني، عبر عن سعادته بالمنطقة بعد أن تم تطويرها وأصبحت على أحدث طراز "زي العمارات اللي بتكون في الكومباوندات"، متمنيًا لو تعمل إدارة الحي على بناء ملعب صغير للاطفال وجنينة في نهاية المساكن كي يجلس فيها الأسر بدلًا من افتراش الشارع أسفل كل عقار أو عمل تجمعات في أحد المداخل كي يزل المنظر الحضاري للمكان كما هو، وإضافة زاوية مسجد تكون خاصة بالسكان وقريبة لهم.
وأوضح إمام أن المنطقة القديمة بعد أن كانت منازل دور ارضي أو دورين بالكثير وكانت مشتركة للكثير من الأسر "كان في أسر بتأجر غرفة في الشقة والحمام بينهم مشترك"، وبعد أن كنت اعيش في شقة ذات غرفتين فقط أصبحت شقتي ذات ثلاث غرف وصالة ومنافعها بعد أن أصبحت الآن الروضة عقار مكون ما بين ثلاث غرف أو غرفتين والدور الواحد يضم 4 شقق وكل شقة لديها كافة احتياجاتها ومرافقها، ومزودة بعدادات المياه والكهرباء والغاز".
وأشار إمام إلى أن عمل المساكن البديلة للعشوائيات بالنسبة لمنطقة تل العقارب في نفس المكان أفضل من انتقالها إلى أماكن بعيدة عنا، "المنطقة هنا اتولدنا وعيشنا فيها وقريبة من أشغالنا ووظايفنا ومدارس الأولاد كمان قريبة من هنا مبنقلقش عليهم يروحوا في أماكن جديدة أو غريبة".