في ذكرى وفاة أحمد رامي.. كيف جاءت فكرة غناء أم كلثوم لرباعيات الخيام؟
40 عاما مرت على وفاة الشاعر أحمد رامي الذي لقب بـ"شاعر الشباب"، إذ رحل عن عالمنا في 5 يونيو لعام 1981، بعد وفاته بالقاهرة، عن عمر ناهز الـ88 عاما، تاركا إرث كبير من الأعمال الشعرية والغنائية، وقدم لكوكب الشرق أم كلثوم وحدها 110 أغنيات، ومن بينها رباعيات الخيام التي غنتها أم كلثوم، ولحن رياض السنباطي.
وفي لقاء مع أحمد رامي بمجلة "البيان الكويتية" بعددها رقم 31 الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 1968 ، كشفت عن علاقته بعمر الخيام، وما جذبه في هذه الشخصية الفريدة بالتراث الإنساني، قائلا: أول معرفتي بعمر الخيام تمت عن طريق قراءتي لترجمة عربية لرباعياته عن الإنجليزية، من ترجمة "فيتزجيرالد"، وقد راقتني معانيها وأخيلتها، ولكني كنت أحس أن الأصل الإنجليزي أقرب إلى الفارسية لأن الترجمة إلى لغتين متواليتين تبدد الكثير من صدق الأصل.
وتابع: وبعد أن تخرجت من مدرسة المعلمين العليا، وأتقنت الإنجليزية، قرأت ترجمة "فيتزجيرالد" فلم تشف لي غليلي، فظللت أحلم أن أتعلم اللغة الفارسية ثماني سنين، حتى أوفدتني دار الكتب المصرية إلى باريس لدراسة فنون المكتبات واللغات الشرقية فاخترت اللغة الفارسية، رغبة مني في خدمة دار الكتب لفهرسة المخطوطات الفارسية الموجودة بها، وكان في قرارة نفسي أن أدرس الفارسية طمعا في قراءة هذه الرباعيات بلغتها الأصلية واتفق أن عثرت على نسخة من هذه الرباعيات مترجمة إلى اللغة الفرنسية نثرا، فكان هذا من أكبر البواعث لي على فهم هذه الرباعيات، لأن هذه الترجمة النثرية كانت دقيقة صادقة، وانصببت على قراءة هذه الرباعيات ودراستها والرجوع إلى المخطوطات الأخرى في مكتبات فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيران والهند، وانتقيت من كل ما نسب إلى الخيام قرابة 175 رباعية، بعد دراسة في سبيل التحقق من نسبتها إليه، لأن بعض النسخ المخطوطة كانت تحوي أكثر من 800 رباعية، ونسخة فيتزجيرالد لم تتعد رباعياتها المائة.
واستطرد: قضيت سنتين في دراسة هذه الرباعيات، ووضع مقدمة لحياة عمر الخيام وعصره ورباعياته، وأصدرت الطبعة الأولى منها عام 1924، وقدمتها كرسالة لنيل دبلوم مدرسة اللغات الشرقية في اللغة الفارسية.
وأضاف: عند عودتي إلى مصر، طبعتها ثانية وثالثة، حتى وصل عدد طبعاتها إلى إحدى عشرة طبعة، ودار بخلدي أن تغني السيدة أم كلثوم بعض هذه الرباعيات، فاخترنا خمسة عشر رباعية، لحنها السنباطي وغنتها سيدة الغناء، وقد راقني في الخيام منذ أن قرأته للمرة الأولى، تلك النزعة الصوفية العميقة التي تتسلل في رباعياته، وهذا الحب للحياة والاستمتاع بمباهجها وانتهاز فرصة اليوم وعدم التفكير في الغد.. يضاف إلى هذا، الإيمان العميق: من ابتهال واستغفار وتوبة وعودة إلى الله. فقد كانت آخر كلمات عمر الخيام وهو يجود بالنفس الأخير: "اللهم إني عرفتك على مبلغ إمكاني فاغفر لي، فإن معرفتي إياك وسيلتي إليك".