قصة «سلیمان أفندي» الذي وصف أسامة أنور عكاشة بـ«الغبي»
عام واحد قضاه في أسامة أنور عكاشة- الذي تحل اليوم الجمعة، الثامن والعشرين من مايو ذكرى وفاته- في الكتابة، لا يذكر منها إلا خرزانة "سلیمان أفندی"، عدد من الخيزران يصفه أسامة بأنه السمهرى القوام، اللدن، الذي تثنيه حتى يلتقي الطرف بالطرف دون أن ينكسر، والذي تسمع له صوتا رهيبا منذرا إذا طوح به "الأستاذ سليمان" مستعرضا بجوار أذنك والذي لا يمكن لك أن تنسی لسعته اللاهبة الحارقة على بطن قدميك إذ يربطا "بالفلقة" ويمدا أمام سلیمان أفندی الجالس على الكرسي واضعا ساقا على ساق وهو يهوی بخرزانته على قدميك ويدخن "عقب" سيجارة في ذات الوقت.
كان "سلیمان أفندي" يعلم الأطفال في الكتاب مبادىء الحساب وهي لا تزيد- حسب تعبير عكاشة- على معرفته شكل الأرقام وكيف تكتب وتنطق، ثم بعض الجمع والطرح لا أكثر، ومع ذلك فقد أفلح في غرس كراهية الحساب في نفس أسامة وبات زبونا دائما علی "فلقة" سليمان أفندي، وبالتالي كان لابد أن يحدث ما حدث في ذلك اليوم المشهود من أيام طفولة أسامة أنور عكاشة.
يحكي أسامة بنفسه في جريدة "أخبار الأدب" في سبتمبر 1999 ما دار في ذلك اليوم فيقول:"كان سلیمان أفندی قد التقى بالحاج- والدى- ذات يوم وشكا له غبائي ورفضي العنيد لتعلم أي شيء يمت للحساب بصلة.. فطلب منه الوالد أن يعطيني درسا خصوصيا نظير عشرة قروش شهريا، بالتالي فقد كنت مجبرا على الذهاب عصر كل يوم إلى بيت سلیمان أفندی لألتقی بخيزرانه للمرة الثانية في نفس اليوم..وذات عصر.. أعطاني- اللوح الأردواز- والطباشير.. لأحل مسألتى جمع في فترة قيامه بخطف "صلاة العصر" حاضر! وكان معي أربعة أخرين من زملاء الكتاب".
يواصل أسامة حكيه كعادته في روي الحكاية وريها بماء السرد فيقول: "وبدأ هو يصلي وأنا على كنبه استانبولی خلفه أحاول حل اللغز الحسابي.. وقد جلست حرمه منهمكة في تنقية صينية أرز على مائدة السفرة.. كان سلیمان أفندی يرتدی جلبابا منزليا انشلح من على رقبته وهو يجلس متورکا بقرأ التحيات.. فبان لی- قفاه- طويلا عاريا مغريا.. وإذا بكل حزازات الخيزرانه و"الفلقه" تنفجر في لحظة وأفاجأ بنفسي وقد هبطت من جلستي على الكنبة واتجهت إلى سليمان أفندي وبكل قوة عثرت عليها كفي الصغيرة تنهال صفعا على قفا الرجل!".