في رحاب المساجد (الحلقة 3)
أعتقه أبو العباس وخصه بعلمه.. قصة مسجد «ياقوت العرش» سيد أولياء الإسكندرية (فيديو)
«اقروا الفاتحة لأبو العباس.. والفاتحة التانية لسيدي ياقوت» مقولة قديمة وأغنية تراثية من الفلكلور السكندري ارتبط بها اسم أبو العباس (ياقوت العرش)، أحد تلامذة الإمام المرسي الذي خصه بعلمه وزوجه ابنته، كما تجاور مسجدهما في ميدان المساجد ليصبح مسجد سيدي ياقوت العرش أحد العلامات التي التي تتميز بها الإسكندرية.
بداخل ميدان المساجد بمنطقة بحري بحي الجمرك في الإسكندرية، يقع مسجد سيدي ياقوت العرش بجوار مسجد سيدي أبو العباس، ورغم أن المسجد بهيئته الحالية هو بناء حديث إلا أنه له في قلوب أهالي الإسكندرية مكانة كبيرة، وتعلق بضريح سيد الأولياء الكثير والكثير.
ترصد «الدستور» قصة مسجد وسيرة الإمام العارف بالله سيدي ياقوت العرش، ضمن حلقات في رحاب ميدان المساجد في شهر رمضان.
•سيرة الإمام
يقول الشيخ جابر قاسم نائب عام الطريقة البيومية الأحمدية، المسؤول عن الأضرحة والحضرات الصوفية بالإسكندرية، إن العلامة العارف بالله سيدي ياقوت العرش، هو الشيخ ياقوت بن عبد الله الحبشي القرشي، ولد ببلاد الحبشة، وتتلمذ على يد سيدي ابو العباس المرسي، ووصفه الإمام المرسي بـ« ابن أبيك»، كان شيخًا مباركًا ذا هيبة ووقار وكان يُقصد للدعاء والتبرك، وسماه أبو العباس بـ «ياقوت العرش»، لقوله إن قلبه كان دائمًا ينظر إلى العرش، كما وصفه الإمام الشعراني في طبقاته الكبري بقول: «كان إمامًا في المعارف عبدًا زاهدًا، وهو من آجل من آخذ عن الشيخ ابو العباس المرسي، وكان يخصه دون تلاميذه بالفتوح الرباني عليه».
أضاف «قاسم» لـ« الدستور» أن سيدي ياقوت العرش تتلمذ على يد الشيخ أبو العباس المرسي، بعد أن نذر تاجر من تجار الإسكندرية بإهداء عبدًا للشيخ ابو العباس، وكان هو ياقوت العرش، فاعتقه الإمام أبو العباس، وأصبح من تلامذته الصادقين المريدين والمقربين، وتزوج ابنته السيدة «مهجة» والتي يوجد ضريحها بجوار ضريح أبو العباس بداخل مسجده.
أوضح أن سيدي ياقوت العرش توفي في 18 من جمادي الآخر 732ه وهو في سن الـ 80عامًا، وقبره وضريحه داخل مسجده المقام بجوار مسجد ابو العباس، وتقيم له السادة الشاذلية احتفالا بذكراه في ليلة 25 رمضان من كل عام.
• بناء المسجد
ويقول الشيخ أيمن حجازي إمام وخطيب مسجد ياقوت العرش بميدان المساجد، إن مسجد سيدي ياقوت العرش، صرح عظيم من صروح العمارة الإسلامية في ميدان المساجد بمنطقة بحري، وهذا المسجد أعيد بنائه على هذا الطراز 1996 بالجهود الذاتية بالتعاون مع الدولة، ليخرج هذا البيت العام بتلك الجمال الفني والمعماري، لافتًا إلى أن سيدي ياقوت العرش توفي في 732ه، وتم إنشاء مسجد على ضريحه في القرن الثامن الهجري وتوالت عليه الكثير من الإنشاءات والتطوير حتي أصبح مؤخرًا على هذه الهيئة التي هو عليها الآن.
أضاف لـ«الدستور» أن المسجد سمي على اسم الإمام، سيدي أبي الدر ياقوت العرش عبد الله الحبشي، والذي قدم من بلاد الحبشة «أثيوبيا حاليًا» إلى الإسكندرية، حيث يروي في سيرته أنه كان عبدا حبشيًا، وكان هناك العديد من التجار الكبار الذين يأتون بالعبيد من بلاد الحبشة إلى الإسكندرية، وبينما كان تاجرًا يحمل العبيد في مركب إلى الإسكندرية ثار البحر وكان في حالة غضب شديد، فدعا الرجل الله، إذا كشف عنهم ذلك الغم ونجاهم، سوف يهب ذلك العبد إلى الشيخ ابو العباس المرسي بالإسكندرية.
وتابع أن خلال الرحلة وما تعرضت له المركب، أصيب ياقوت العرش بحكة في جلده، وعندما نجاهم الله، رجع التاجر في نذره وقال اشتري عبدًا ليس به عيب وأهديه إلى سيدي ابو العباس، وبعد أن فعل ذلك وتوجه له بالفعل فقال له الإمام أبو العباس إني أريد العبد الذي به الحكة، إنك لو تعلم مقامه وقربه من ربه ما فرطت فيه، فرجع في بيعه وأهداه له، وأصبح ياقوت العرش من احد تلامذة الإمام ابو العباس، وتعلم الصوفية على يديه، ثم تزوج ابنته وصار صهرًا له.
•روحانيات خاصة
أوضح إمام المسجد أن هناك أمورًا نراها و نلحظها في بيوت الله دائمًا، ولكن قد تعلو هذه الأمور في مكان عن مكان آخر، وهي السكينة والراحة والطمأنينة، هذا الأمر يظهر في ذلك المسجد الذي له طابع خاص، كمان أنه علامة في سماء الإسكندرية، وله تاريخ عند السكندريين، وخاصًا أهل بحري، لافتًا انه يدخل لنا المسجد بعض الناس البعيدين عن طريق الله، عندما نتحدث معهم يسهل الأمر والهداية، ونرجع ذلك لبركة وعظمة المكان، وليس اجتهادا منا، فتُفتح لنا الأبواب والقلوب.
• ضريح سيدي مكين الأسمر
بداخل مسجد سيدي ياقوت العرش وبجوار ضريحه، يوجد ضريح آخر لسيدي مكين الأسمر، حيث يقول الشيخ «جابر قاسم» إن سيدي مكين الأسمر، هو الفقيه المقرئ عبد الله بن منصور الاسكندراني شيخ القراء بالإسكندرية، اخد القراءة عن أبي القاسم الصفراوي، وكان سيدي ابو الحسن الشاذلي يصفه بأنه من الأبدال.
وذكر أن سيدي أبو عطاء السكندري قال عنه خرجت يومًا من عند الفقيه مكين الدين الأسمر، وخرج معي ابو الحسن الجزيري وكان من أصحاب الشيخ ابو الحسن الشاذلي فسلمت عليه، فسلم علي ببشاشة واقبال فقلت له من اين تعرفني، فقال لي وكيف لا اعرفك؟ وكنت يومًا جالسا عند الشباب، فانقطغ فلان وفلان عن الملازمة وهذا الشاب ملازم، قال، فقال الشيخ ابو العباس لن يموت هذا الشاب حتى يكون داعيا يدعو إلى الله.
توفي في ذي القعدة سنة 692ه وقبره وضريحه بمسجد سيدي ياقوت العرش بميدان المساجد بأبي العباس المرسي، وكانت المشيخة الصوفية تقيم احتفالًا بذكراه ليلة 26رمضان من كل عام.