علي جمعة: التوبة هي الندم بالقلب والاستغفار باللسان والإقلاع عن الذنب
قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، قد اختلفت عبارات العلماء في معنى التوبة النصوح، وأشهرها ما روي مرفوعًا عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «التوبة النصوح أن يندم المذنب على الذنب الذي أصابه فيعتذر إلى الله عز وجل ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع » [ذكره الأصبهاني في العظمة] وأن التوبة النصوح هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع.
وتابع "جمعة" وقيل أن التوبة النصوح هي الندم بالقلب، والاستغفار باللسان والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنه لا يعود، فلابد من المراجعة الدائمة لأنها عظيمة النفع في ترقي الإنسان وخلاصه من الدنايا، ولقد ضرب لنا المصطفى مثلاً من نفسه؛ حيث قال: « يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة » [رواه الترمذي]، وسنة الله في طبيعة البشر اقتضت أن تكون تلك التوبة والمراجعة دائمة، ولا ينبغي أن نمل من كثرة التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والقصور، لا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين.
وأوضح: والله يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطئه، حتى لو تكرر الخطأ أو الخطيئة، فهو يقبل التوبة من عبادة ويعفو عن كثير، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) [رواه أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك]. والتوبة فلسفة كبيرة في عدم اليأس، وفي وجوب أن نجدد حياتنا وننظر إلى المستقبل، وأن لا نستثقل حمل الماضي، وإن كان ولابد أن نتعلم منه دروسًا لمستقبلنا، لكن لا نقف عنده في إحباط ويأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. التوبة فيها رقابة ذاتية تعلمنا التصحيح وتعلمنا التوخي والحذر في قابل الأيام، وهي من الصفات المحبوبة؛ فلنجلعها ركنًا من أركان الحب، والتوبة تخرج الإنسان من ذنوبه، وكأنه لم يفعل ذنبا قط، قال النبي صلى الله عليه وسلم :«التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ» [رواه ابن ماجه]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار والتوبة إليه ليترقى في درجات القرب، وليعلمنا كثرة الاستغفار، فقال صلى الله عليه وسلم : « إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِى الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً ». [رواه ابن ماجة في سننه].