«الدستور» تخترق عالم «الدهابة».. كواليس التنقيب عن الذهب في أسوان
يعد التنقيب عن معدن الذهب من المهن الخطرة وتصنف غير مشروعة نظرًا للقيام بها خلسه، والغريب في الأمر أن الذين ينتمون أليها يدركون تمامًا المخاطر التي يتعرضون إليها، حيث أن كل رحلة للبحث والتنقيب تكون أشبه أنهم يحملون أرواحهم على أيديهم ويتوجهوا إلى مكان العمل الذي تم اختياره مسبقًا، لكن بالمنظور الإنساني نجد أن ذلك نتيجته ترجع إلى حكم الظروف المعيشية وضيق الحال.
وخلال الأونة الأخيرة اشترك السودانيين في مجال التنقيب عن الذهب بجبال أسوان، لكن دورهم يقتصر على العمل فقط ويتقاضون أجرا يتم احتسابه بالنسبة بعد الانتهاء من بيع الذهب.
ومع غلاء أسعار الذهب وزيادة عمليات التنقيب عن أحجار الذهب في مدينة أسوان، تخترق «الدستور» عالم «الدهابة» بأسوان لمعرفة الأحجار التي يتواجد بها خام الذهب.
- كيفية معرفة أحجار «الكوارتز» التي تحتوي على خام الذهب بالجبال
كشف (أ. م) رفض ذكر أسمه لـ«الدستور» أن الدهابة لديهم خبرة كافية لمعرفة الأحجار التي تحتوي على خام الذهب بمجرد النظر إليها نظرًا لأنها تتواجد في جبال معروفة علميًا بـ«البركانية» وأن مناطق التنقيب تعتبر معروفة جدًا لهم، ويتم التعرف عليها بمجرد النظر للحجر أو ما يلقبونه بـ«العرق» ويعد شكله بمثابة ساندًا للجبل، مضيفا «الحجر اللي فيها الذهب بتبقى شكلها سايح كده».
وأضاف: «يتم التأكد من احتواء الجبل على خام الذهب بواسطة طريقة بدائية جدًا لتحديد إذا كان سيتم العمل بالمنطقة الجبلية أو لا، وتتم كالتالي أولاً جلب 4 أحجار من الجبل صغيرة الحجم ودقها باستخدام قطعة حديدية يطلق عليها «الهون» بشكل يدوي وبعدها تصبح الأحجار مثل البودرة الناعمة، ثم يتم وضعها في طبق معدني ووضع نسبة قليلة من المياه «تنسيمها» ثم يتم تصفية التراب الموجود بالطبق برفق.
وأوضح أنه أثناء عملية التصفية يظل خام الذهب عالق بالطبق مثل خيط بسيط إذا كانت نسبة خامة الذهب صغيرة، ولكن إذا كانت الخيوط كثيرة تعني أنها تحتوي على كميات كبيرة، وتعتبر جيدة جدًا لأن الطن الواحد منها ينتج 50 جرام من الذهب، ويم تحديد ذلك بخبرتهم ومهاراتهم التي اكتسبوها خلال العمل في هذا المجال.
وتابع: «بعد التعرف على عرق الجبل فيه ذهب ولا لا لو فيه ذهب بنقول عليه «شنشش» ده معناها أنه فيه دهب، بعدها بنيجي نحضر معداتنا علشان نبدء الشغل فيه».
- مدة رحلة التنقيب والمتعلقات الشخصية التي يصطحبها «الدهابة»
وأكد أنه عند الذهب لرحلة التنقيب عن أحجار «الكوارتز» التي تحتوي على معدن الذهب يصطحبوا معهم جميع
غذائهم ومشروباتهم، وبوتاجاز ليطهوا عليه الغذاء الذي يكفيهم طول مدة العمل بالجبل، نظرًا للأيام التي يستغرقوها للانتهاء من الحصول على كمية من الأطنان الأحجار.
واستكمل أن هناك أنواع لأحجار بالجبال «العرق» منها عريض، ويعد من الأنواع التي أعمالها بسيطة جدًا، وتنتج كميات كبيرة، حيث أنه من الممكن خلال اليوم الواحد باستخدام المعدات اليدوية إنتاج كميل قد تصل إلى 5 أطنان، تكفي تعبئة سيارة نقل «شسيه» أما بالنسبة النوع الصغير من العرق والشديد يحتاج لعدة أيام لكي يتم التنظيف حوله فقط والبدء في أعمال استخراج الأحجار، لافتًا إلى أن المدة التي يستغرقونها تختلف في التنقيب على حسب نوعية الحجر.
- المخاطر التي يتعرضون لها
وكشف أن هناك خطورة عليهم خلال عمليات التنقيب، نظرًا لأنه خلال أعمالهم بالجبل من المتوقع إصابتهم أو وفاتهم خلال عملية التنقيب بسبب سقوط أي قطعة جبلية.
وحكي أن هناك عددا منهم يرفض العمل في الحالات الخطرة الواقعة أسفل الجبل مباشرة، ويكتفي بالبسيطة الموجودة على سطح الأرض، نظرًا للمواقف التي هم على دراية بها وراح ضحيتها كثيرين، أو الذين تم القبض عليهم إثرها، لذلك هناك متابعة متواصلة بين مجموعات «الدهابة» لحين الانتهاء من الأعمال، مضيفًا أن هذه المهنة خلال الأونة الأخيرة يعمل بها الأطفال أيضًا بدءًا من 10 سنوات.
- مشاركة السودانين في أعمال التنقيب عن الذهب بأسوان
وأوضح أن السودانيين يشاركون في أعمال التنقيب عن الذهب كعمال فقط، وليسوا أصحاب عمل، حيث يتفق صاحب العمل معهم على أنه سيتم توفير الغذاء والمشروبات لهم في مكان التنقيب لاستخراج الأحجار بواسطة المعدات، إما للعمل داخل طواحين الذهب، ويتم الاتفاق معهم على نسبة مالية معينة تتراوح مابين الثلث أو الربع.