«رسالة خلدت بطولته».. قصة طبيب مصري أنقذ أسرة يهودية من «الهولوكوست»
قصصٌ كثيرة ما زالت تُسرد عن المحرقة النازية، المعروفة باسم «الهولوكوست»- التي ارتكبها أدولف هتلر زعيم ألمانيا النازي، ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وقتل فيها نحو ستة ملايين يهودي- ومنها ما فعله طبيب مصري، مع أسرة يهودية، وما وفره لهم من حماية.
ونفذ هتلر النازي «الهولوكوست» داخل 47 معسكر تم نقل اليهود إليه، منها 17 داخل ألمانيا، و9 في بولندا، والباقيين في عدة دول مثل النرويج وهولندا وإيطاليا وغيرهم، فيما كان معسكر «أوشفيتز» في بولندا هو أبرز المعسكرات التي تتم فيها عمليات التعذيب والتصفية الجسدية.
طبيب مصري ينقذ يهود من الهولوكوست
محمد حلمي هو طبيب مصري كان يعيش في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، تحديدًا في العاصمة برلين، ورغم أنه عانى من العنصرية التي مارسها النظام النازي بقيادة هتلر، إلا أنه عمل على إنقاذ أسرة يهودية من كابوس المحرقة.
ونشرت الصفحة الرسمية لإسرائيل – باللغة العربية - على موقع «تويتر»، اليوم الخميس، تغريدة عن الطبيب المصري، قالت فيها: " قصة بطل مصري: د.محمد حلمي أنقذ عائلة يهودية من براثن النازية حيث قام باخفائها طيلة فترة المحرقة، كرمته إسرائيل لإنقاذه يهودا وأصبح بذلك أول عربي يتم تكريمه بلقب (الشرفاء بين الأمم) وهو اللقب الذي يحظى به الأشخاص من غير اليهود ممن قاموا بإنقاذ يهود إبان الحرب العالمية الثانية".
من هو الطبيب المصري «منقذ الأسرة اليهودية»؟
محمد حلمي هو طبيب يحمل الجنسية المصرية، رغم أنه ولد في الخرطوم عام 1901، وانتقل عام 1922 إلى ألمانيا من أجل دراسة الطب، وعمل في معهد «روبرت كوخ» بعد التخرج، وأحب فتاة ألمانية وعملا معا على الترتيب لزواجهما.
ولم يكن الطبيب المصري بمعزل عن العنصرية التي مارسها هتلر ونظامه، فبعد صعودهم إلى الحكم، تم فصله من عمله عام 1937 ومنع عمله في أي جهة أخرى، بالإضافة إلى منع زواجه من حبيبته الألمانية، وتدعى «إيمي»، رغم إتمام خطبتهما، كما تم اعتقال عام 1939 برفقة مجموعة من المصريين، لكونه عُرف بانتقاده الدائم للنظام النازي، ولكن تقرر الإفراج عنه فيما بعد لمعاناته من مشكلات صحية.
وتوفى حلمي في برلين من حبيبته الألمانية عام 1982، ولم ينجبا أطفال، فيما توفيت هي الأخرى عام 1998.
تفاصيل إنقاذ طبيب مصري لأسرة يهودية في الهولوكوست
لم يتوقف الطبيب المصري «حلمي» عن معالجة اليهود، الموجودين في محيطه، خلال الحرب العالمية الثانية، وكان يزودهم بالأدوية التي يحتاجونها بعيدا عن أعين نظام هتلر.
ومن بين العائلات اليهودية التي ساعدها الطبيب المصري كانت أسرة «آنا بوروس جوتمان»، والتي كانت مكونة من 4 أفراد، هي ووالدتها وزوج والدتها، وجدتها، إذ كان يمدهم بالعناية الطبية اللازمة، كما ساعدهم في الحصول على أوراق لهويات جديدة من أجل تمكنهم من العيش دون التعرض للعنصرية والحرق.
وتظهر وثيقة، في متحف «ياد فاشيم» الإسرائيلي، لجزء كتبته «آنا»، حول مساعدة الطبيب المصري لأسرتها، وجاء فيها: "الطبيب حلمي جعلني في منزله داخل برلين منذ 10 مارس عام 1942، وحتى انتهاء الحرب، وكان ينقلني في الكثير من الأحيان إلى أشخاص أخرى على صلة به في حال اقتراب الخطر منا، وكان يقدمني إلى الجميع بأنني ابنه اخته.. الطبيب حلمي تعامل معنا بقلب رحيم،وساظل أشكره إلى الأبد على ما فعله معنا".
إسرائيل تكرم الطبيب المصري.. وأسرته ترفض الحضور
وفي عام 2013 أعلنت تل أبيب تكريمها للطبيب المصري الذي أنقذ أسرة يهودية من جحيم المحرقة النازية ضدهم في ألمانيا، قائلة إنه سيصبح العربي الوحيد الذي يمنح وسام يحمل اسم «الشرفاء بين الأمم».
وبعد الوصول إلى أقاربه، رفضت أسرة الطبيب المصري، استلام أي تكريم من إسرائيل، لرفضهم الاحتلال، بالإضافة إلى توضيحهم أن «حلمي» فعل ذلك بدافع إنساني بحت، وأن المحرقة وقعت قبل قيام الكيان الإسرائيلي، ومن ثم اكتفت الأخيرة بتوثيق تلك القصة في متحفها «ياد فاشيم".
فيلم يوثق قصة الطبيب المصري
ووثقت قصة إنقاذ الطبيب المصري للأسرة اليهودية من قبل مخرجة إسرائيلية، في فيلم وثائقي بعنوان" محمد وآنا.. شجاعة الإنقاذ"، وتم عرضه في عام 2017.
وأثناء تصوير الفيلم، تمكنت المخرجة الإسرائيلية من الوصول إلى أحد أقارب حلمي، وهو نجل ابن عمه، وبذلت جهودا لتسليمه تكريم الطبيب المصري، بواسطة ألمانيا، التي تدين المحرقة ضد اليهود، وهو ما وافق عليه، إذ تسلم الوسام في وزارة الخارجية الألمانية.