نيويورك تايمز: اتساع دوائر الجدل بين الدول الغنية والعالم بشأن تكنولوجيا اللقاحات
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية في عددها الصادر اليوم الإثنين الضوء على اتساع دوائر الجدل بين الدول الغنية وبقية دول العالم الأقل ثراءً بشأن مشاركة تكنولوجيا وبراءات الاختراعات الخاصة بصناعة اللقاحات المضادة لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19 ".
وأفادت الصحيفة (في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني) بأنه سيتم، في الأيام المقبلة، إصدار براءة اختراع جديدة لاختراع يعود لخمس سنوات ماضية، وهو إنجاز في الهندسة الجزيئية، لكنه أصبح في قلب عملية تصنيع خمسة لقاحات رئيسية على الأقل لـ كوفيد-19، فيما سوف تتحكم فيه الولايات المتحدة.
وقالت إن براءة الاختراع الجديدة سوف تقدم فرصة، اعتبرها البعض أفضل فرصة جاءت في السنوات الأخيرة، من أجل ممارسة النفوذ على شركات الأدوية التي تنتج اللقاحات والضغط عليها لتوسيع نطاق الوصول إلى البلدان الأقل ثراءً.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت حكومات الدول الغنية ستفعل أي شيء على الإطلاق؟!، وقالت: "إن التطور السريع للقاحات كوفيد-19، والتي تحققت بسرعة قياسية وبتمويل عام ضخم من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، يمثل انتصارًا كبيرًا في جهود العالم للسيطرة على الوباء،فيما دخلت هذه الحكومات في شراكة مع صانعي الأدوية، حيث ضخت مليارات الدولارات لشراء المواد الخام وتمويل التجارب السريرية وتطوير المصانع، كما تم تخصيص مليارات أخرى لشراء المنتج النهائي".
وأضافت الصحيفة:"أن أعداد متزايدة من مسئولي الصحة وجماعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم،تدعو الحكومات الغربية إلى استخدام سلطات عدوانية لإجبار الشركات على نشر تكنولوجيا اللقاحات، ومشاركة خبرتها وتكثيف التصنيع مع البلدان الأقل ثراءً.
كما طالب المدافعون عن الصحة العامة بتقدم يد المساعدة، بما في ذلك مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باستخدام براءة الاختراع الحالية من أجل الضغط لتوصيل اللقاح ونشره على نطاق أوسع".
مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن النجاح الغربي في هذا الصدد تسبب في ظلم صارخ، حيث تلقى سكان البلدان الغنية ومتوسطة الدخل حوالي 90 في المائة من حوالي 400 مليون لقاح تم إنتاجهم حتى الآن، وفي ظل التوقعات الحالية، سيتعين على العديد من الباقين الانتظار سنوات!.
وتابعت الصحيفة:"انه من خلال الشراكة مع شركات الأدوية، نجح القادة الغربيون في زرع طريقهم في مقدمة الصفوف، لكنهم تجاهلوا أيضًا سنوات من التحذيرات والدعوات الصريحة من قبل منظمة الصحة العالمية لضمان نشر جرعات كافية للبلدان الفقيرة أو تشجع الشركات على مشاركة معارفها وبراءات الاختراع التي تتحكم فيها مع هذه البلدان".
وأكدت "نيويورك تايمز"في هذا الشأن، أن احتمال انتظار مليارات الأشخاص في دول العالم لسنوات من أجل تلقي التطعيم يشكل في حقيقة الأمر تهديدًا صحيًا حتى لأغنى البلدان.
وهنا يمكن اعتبار التجربة البريطانية أفضل مثالا على ذلك؛ ففي الوقت الذي كان فيه تفعيل برامج التلقيح على أفضل مستوى، اكتشف مسئولو الصحة هناك نوعًا من التحور الفيروسي ظهر في جنوب إفريقيا، حيث تكون تغطية اللقاحات ضعيفة،ومع احتمالية أن يكون هذا البديل قادرًا على تخفيف تأثير اللقاحات، فهذا يعني أنه حتى الأشخاص الذين تم تطعيمهم قد يمرضون مجددًا.
وردا على ذلك، قال مسئولو الصحة الغربيون إنهم لم يقصدوا أبدًا استبعاد الدول الأخرى أو حرمانها من اللقاحات، ولكن مع مواجهة بلدانهم أعداد هائلة من وفيات كوفيد، كان التركيز في الداخل أقوى، مع الإشارة إلى أن تقاسم براءات الاختراع لم يتم طرحه مطلقًا.
وأشار هؤلاء المسئولون إلى تعهد بايدن بمساعدة شركة هندية على إنتاج حوالي مليار جرعة بنهاية عام 2022، فضلا عن تبرع إدارته بجرعات إضافية للمكسيك وكندا، لكن تركيزه الأكبر لا يزال منصبا على إدارة الأزمة في الداخل.
وقال بايدن في هذا الشأن:" إننا سنبدأ في التأكد من رعاية الأمريكيين أولًا، مع المضي في الوقت نفسه في محاولة مساعدة بقية العالم".
وأخيرا اعتبرت "نيويورك تايمز" أنه قد يُنظر إلى محاولات الضغط على شركات الأدوية، لمشاركة براءات الاختراع على أنه تقويض لروح الابتكار أو محاولة لتخريب شركات صناعة الأدوية،أو اختيار الخوض في معارك طويلة الأمد ومكلفة مع الشركات ذاتها التي تبحث عن مخرج من الوباء.
وقالت: "انه بينما تكافح الدول الغنية للحفاظ على طبيعة الأشياء كما هي، نقلت دول أخرى مثل جنوب إفريقيا والهند المعركة إلى منظمة التجارة العالمية، سعيًا وراء التنازل عن قيود براءات الاختراع الخاصة بلقاحات كوفيد-19".
وفي غضون ذلك، وعدت روسيا والصين بملء الفراغ كجزء من دبلوماسية اللقاح.. فعلى سبيل المثال، دخل معهد جماليا في موسكو في شراكات مع منتجين من كازاخستان وكوريا الجنوبية، فيما توصلت شركات تصنيع اللقاحات الصينية إلى صفقات مماثلة في الإمارات العربية المتحدة والبرازيل وإندونيسيا.