رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد المتيم: شاكر عبدالحميد كان صوفيا بامتياز وسط غابة من الظلاميين

شاكر عبدالحميد
شاكر عبدالحميد

فجع الوسط الثقافي المصري والعربي مساء أمس بخبر رحيل٬ وزير الثقافة الأسبق، الناقد الدكتور شاكر عبد الحميد، وعبر المثقفون والمبدعون عن فجيعتهم وحزنهم إثر إعلان خبر رحيله٬ حيث توالت كلمات الرثاء والعزاء عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

كتب الشاعر محمد المتيم عبر صفحة التواصل الفيس البوك " قبل خمس سنوات تقريبًا كنت أعمل في صيدلية في منطقة حدائق الأهرام (البوابة الأولى)، أجلس على الكاونتر ومعي اثنان من المساعدين، والكاميرات على مدخل الصيدلية تُطلعنا على العميل القادم قبل دخوله امتلأت شاشة المراقبة ذات مساء بوجه د. شاكر عبد الحميد الصبوح، قلت للزملاء: "الراجل اللي داخل عليكم ده وزير".

بُهِتوا: "كيف بلا حراسة ولا حاشية!"، قلت لهم: "وزير سابق، ووزير ثقافة، وزارة غير سيادية".

ويتابع المتيم "دخل د. شاكر وتباسط معنا، قلتُ مداعبًا أو لأختبر شيئًا ما: "مرحبًا معالي الوزير"، تهلل وجهه بفرحة كبيرة وقال "أتعرفني؟!"، قلت: "نعم، حضرتك قيمة كبيرة". كانت فرحته فرحة طفل في جسد رجل، كانت دهشة الكبار المتواضعين أنهم معروفون بلا سعيٍ لذلك.

طلب شريط بنادول، أحضرت له شريط بنادول مستورد، ورفضت حسابه، فأصرَّ على البنادول العادي وأصرَّ أكثر على دفع حسابه. لم يسمح لي بالامتنان له على جماله الإنساني على طريقتي، واكتفى بلمعان العيون المُحِبَّة".

ويشير المتيم " المرة الثانية التي التقيته فيها كانت في مناقشة ديوان الصديقة إسراء النمر، تحدث هو عن ثيمة الانفصال أو التشظي الجسدي في شعر إسراء النمر وقصيدة النثر في العموم، لم أتداخل بعد المناقشة، لكن بعد انتهاء الندوة كنت وعبد الله رامي ندخن معًا ونتبادل الرأي في كلام المناقشين، اقترب منا د. شاكر وصافحنا وقال هل لديكم تعقيب على كلامي في المناقشة؟ يا الله.. أيّ تواضع هذا!

زهدي في الاقتراب بأي صورة من الكبار والبارزين يجعلني أبتسم بود ولا أفتح الباب لأي نوع من الاقتراب، لكن ورّطني عبد الله وقال نعم يا دكتور، المتيم لديه وجهة نظر.

وواصل المتيم: " أصرّ الدكتور شاكر على أن أقول ما لديّ وظل يؤكد على رحابة صدره لأي نقاش كمن يدرأ عن نفسه مثلبة من مثالب عموم الوسط الثقافي المصري، فقلت له إن الشعر العربي عرف الإرادة المنفصلة لجزء من الجسد من قبل قصيدة النثر، واستشهدت ببيت أبي تمام

تعوَّدَ بسط الكف حتى لو انّهُ
ثناها لقبضٍ لم تُطِعْهُ أنامِلُه

فقال لي: بل الأمر سابق على أبي تمام، واستفاض في إلقاء نماذج من الشعر الإغريقي.. كان الرجل يتصَبَّبُ معرفةً.

ويختم المتيم: "كان أستاذًا في علم الجمال، وبإزاحة العلم -لمرةٍ واحدةٍ دون حرج- كان أستاذًا في الجمال. أستطيع الآن بلا تردد أن أقول: شاكر عبد الحميد كان صوفيًا بامتياز في غابة من الظلاميين والضِّباع؛ مهما افتعلوا بطولةً تنويرية أو معرفية أو جمالية