كيف تطور شركات المقاولات الصغيرة نظم الأمن والسلامة المهنية؟
قال الدكتور مالك دنقلا، نائب رئيس اتحاد المقاولين العرب وعضو لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال الأفارقة، إن شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة بالدول العربية والأفريقية تواجه تدني قدرتها على توفير منظومة الأمن والصحة والسلامة المهنية في مواقع العمل، رغم أن هذا الأمر يعد أحد العناصر الأساسية والرئيسية لصناعة البناء والتشييد في كل دول العالم، بل أن تحديث إجراءات الأمن والسلامة ومتابعتها باستمرار من ضروريات هذه الصناعة كثيفة العمالة.
وأوضح، «مالك» لـ«الدستور» أن تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية تشير إلى أن قطاع البناء من أكثر القطاعات خطورة في العالم، إذ يساهم بحوالي 30 % من الوفيات في البيئات المهنية، كما تكشف دراسات أخرى عن حدوث نسبة عالية من الحوادث في مواقع البناء خاصة في البلدان النامية.
وأشار إلى أن معظم شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة تعتمد على العمالة الموسمية والعرضية؛ تخفيضًا للنفقات وتهربًا من الترتيبات التعاقدية والتزامات قوانين العمل وما تتطلبه من ضمانات رسمية للعمالة الثابتة من ضرائب وتأمينات ورعاية صحية وتوفير مساكن ومواصلات، لذا تعاني هذه الشركات من نقص واضح في العمالة المدربة والماهرة، الأمر الذي يتسبب في كثرة حوادث العمل، وفي العديد من الممارسات المتهورة بسبب عدم الإلمام الكافي للعمالة العرضية بكيفية أداء وظائفهم بأمان، حيث هم في الغالب أميون، ويفتقرون إلى فهم قوانين الصحة والسلامة المهنية، ويحتاجون إلى التدريب للتعرف على الأخطار المحتملة وتجنبها على أنفسهم والآخرين.
من ناحية أخرى، أضاف نائب رئيس الاتحاد، أن نتيجة التكلفة الرأسمالية لاقتناء المعدات والآلات تعد تكلفة باهظة بالنسبة لصغار المقاولين في البلدان النامية، نظرًا للمشاكل التي يواجهونها في الحصول على التسهيلات الائتمانية، ولأن العمالة في هذه الدول رخيصة نسبيًا، تعتمد الشركات الصغيرة الأساليب القائمة على العمالة كخيار اقتصادي أكثر من اعتمادها من الأساليب كثيفة المعدات أو كثيفة رأس المال، وهذا يعني أن المزيد من العاملين في الموقع يتعرضون لمخاطر الصحة والسلامة.
كما أشار إلى أن عدم توافر المعدات والأدوات اللازمة، ونقص معدات الحماية الشخصية في مواقع العمل الخاصة بصغار المقاولين يشكل مخاطر جسيمة على الصحة والسلامة، سواء للعمال أو مستخدمي مرافق البناء، ونظرًا لأن طرق طرح المناقصات والمشتريات بالبلدان النامية تتم غالبًا من خلال عملية المناقصة التنافسية التي تركز على سعر العطاء، نجد أن ذلك يؤدي إلى منافسات شرسة بين عدد كبير من الشركات، وبالتالي إلى تخفيض الأسعار في محاولة للفوز بالعقود، ما يعني في النهاية عدم القدرة على توفير نفقات كل متطلبات الأمن والسلامة، حيث إن أدنى سعر ليس هو أفضل وسيلة في تنفيذ المشروعات.
وأكد عضو التشييد والبناء، أن نتيجة لعدم اشتراط ادماج إجراءات الصحة والسلامة في نظم طرح المشروعات بالدول النامية نتيجة الفصل بين عمليات التصميم والتشييد، ولأن العطاءات التنافسية تهمش الصحة والسلامة في البناء نظرًا لظروف السوق التنافسية، تجد شركات المقاولات الصغيرة نفسها في موقف حائر، حيث إذا قدمت المخصصات المطلوبة لإجراءات الصحة والسلامة فإنها تخاطر بخسارة كبيرة، هذا بالاضافة إلى هيمنة شركات القطاع العام على المشروعات الكبرى، والتي هي بدورها تقوم بتجزئة عمليات المشروع على الشركات الصغيرة، وتؤدي التجزئة إلى زيادة مخاطر الصحة والسلامة أثناء إنشاء المشاريع وتشغيلها وصيانتها.
ونوه عضو التشييد والبناء، لأن هشاشة الأوضاع المالية وعدم الاستقرار المالي يعيق اعتماد ممارسات الصحة والسلامة الجيدة؛ فمن الطبيعي ألا يدير صغار المقاولين مخاطر الصحة والسلامة بنفس فعالية المقاولين الكبار، وبالتالي يعانون من مخاطر حوادث مهنية أعلى من الشركات الكبيرة، فنتيجة صغر حجم رأس مال هؤلاء المقاولين؛ فإن الموارد والمرافق اللازمة لتمكين البناء الآمن غير متوفرة بسهولة، حيث يُنظر إلى مسألة التكلفة، فشراء معدات الحماية الشخصية، وتوظيف ضباط السلامة في المشاريع يعني دائمًا تكاليف إضافية، في حين أن كبار المقاولين يظهرون أداءً جيدًا للسلامة؛ لأن لديهم الموارد والفاعلية لتطوير وتنفيذ أنظمة قوية لإدارة السلامة.