«بوق الإرهاب».. نائب رئيس مجلس الدولة يكشف «أكذوبة» اتحاد علماء المسلمين
قول المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، إن الحوار بين أصحاب الديانات يهدف إلى تعرف كل طرف على الآخر، وهذا التعارف يؤدى إلى تحقيق التعايش السلمى بين الجميع من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن ثقافة الحوار بين الأديان تساهم مساهمة فعالة في مكافحة الفكر المتطرف والحد من الأنشطة الضارة لدعاة الكراهية والعنف.
ووأضاف «خفاجي»، في دراسته، وتعد ثقافة الحوار بين الأديان من بين أهم الوسائل اللازمة فى مواجهة الجماعات المارقة عن حدود الأوطان التى تسخدم الدين ستارا للتطرف والتشدد والإرهاب وذلك باستغلالهم انتشار جهل بعض الشرائح الفقيرة بمعتقدات الأخرين لينشرون من خلاله خطاب العنف والبغضاء والكراهية، فالقطيعة بين الأديان ليس من الأخلاق الحميدة الكريمة، والشيم المرضية التي أمر الله عباده بها التى تُقوِّم السلوك بين البشر بغض النظر عن دياناتهم ليستقيم على الفطرة السوية من حُسن المعتقد، وحب الخير للناس، واجتنابِ الشحناء، والتهاجر، والتباغض، ومما لا ريب فيه أن حوار الأديان على النحو المتقدم، يعد من المحامد الجميلة والمسالك الراقية، مما يحقق السلام الإنساني النبيل.
الأقليات الدينية
وذكر الدكتور محمد خفاجى إن الخطورة الحقيقية تكمن في أن جماعات التطرف والعنف تقوم بالتركيز على الأقليات الدينية ومحاولة القضاء عليها فى كل مجتمع بقصد اقصائها من الوجود بحجة أن ذلك يدخل ضمن تعاليم الدين وهو منه براء، ويجب القول أن ظاهرة استخدام الدين لتحقيق أغراض سياسية أو تطرف إيدلوجي، أخذت تتنامى وتتزايد كل يوم فى كثير من المجتمعات على مستوى العالم نتيجة إساءة استخدام وسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة وهو ما تستغله الجماعات المتطرفة المارقة وشعارها الدين من أجل السياسة بهدف إضعاف الأمة العربية وتقويض دعائم الاستقرار والتقدم فى البلاد العربية، ومصر فى قلبها النابض.
وهى التى اشتهرت على مدار التاريخ بالتنوع والتعايش والتسامح عبر كل العصور فالعمق التاريخي للإسلام الحنيف يشهد على روعة التعايش والتسامح بين المسلمين وغيرهم وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال وتدعيم البناءً التشاركى لتحقيق السلام الإنسانى بين المجتمعات تحت مظلة تعميق مفهوم المواطنة فى كل دولة
مكافحة الإرهاب
ونوه بأن مكافحة الإرهاب ليس بالقوة وحدها بل بإذكاء الوعى الإنسانى عن طريق حوار متعدد الجوانب لرجال الدين والفكر والثقافة لإيقاظ الضمير الدولى نحو العمل المشترك، ولا ريب أن رجال الدين يأتون على القمة من تحمل المسئولية نحو حوار بناء بين الأديان، فمثل ذلك الحوار مع الأخر هو الذى يقطع أواصر الخوف ويبدد مظاهره، وقادة الدين فى الدول هم الفريق المستنير الذين يملكون الإرث المشترك لروح الإنسانية البشرية، ولا ريب أن هذه الاستنارة وذلك الاعتدال والفهم الصحيح للدين ونظرته فى احترام الأديان الأخرى هى الإرادة الحقيقية للبناء القوى العتيد عن التناغم الاجتماعي والتعايش السلمي، بما يصون الكرامة لكل كائن بشرى أيا كانت أصوله أو دينه.
وبيّن أن هناك إرهاصات أولى عن مراكز الحوار للأديان بجهود طيبة لبعض البلاد العربية فى إنشاء مراكز لحوار الأديان لكنها تبقى جهودا منفردة دون أن تشمل كافة الدول العربية والإسلامية، ومثالها مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" الذى أسسته المملكة العربية السعودية عام ٢٠١٢ بالتعاون مع جمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوا مؤسسًا مراقبًا، والكائن مقره فى في مدينة فيننا عاصمة النمسا، وتقوم أهدافه على دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع انتبثاقا من أن الدين قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية.
وعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التى يبذلها مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات إلا أنه تعرض لحملة شرسة غير عادلة بالدعوة لغلقه وهو ما دعا المفوض السامى للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل مورانينوس فى يوليو 2019 إلى وصفها بغير مقبولة معربا أن مبادرة التحالف للحضارات بالأمم المتحدة شريك أساسى لمركز الملك عبد الله لحوار الأديان مؤكدًا المفوض السامى أن العمل فى حوار الأديان أمر أساسى يجب إدراجه فى الخطة الحالية لمواجهة الإرهاب.
وفى 12 يناير 2021 عقد مركز الملك عبد الله لحوار الأديان لقاءً افتراضيًا حول القيم والتضامن والأمنيات الشخصية لكل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وآماله المنشودة بغد أفضل للعالم عام 2021، لإبراز رؤية المركز الداعية إلى التعاون والداعمة للتضامن والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات على أساس المشتركات الإنسانية، وتطلعاتهم المرجوة للعالم.
وفى دولة الإمارات افتُتح عام 2012 في العاصمة الإماراتية أبوظبي مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف، المعروف باسم "هداية" وهو المركز الذى يقوم على بناء شراكات مع مؤسسات عدة، ضمن مجال مكافحة التطرف العنيف، ودعم ضحايا الإرهاب. وفى مملكة البحرين صدر فى 4 مارس 2018 أمر ملكى بإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي يتبع للديوان الملكي.
وفى المغرب يوجد أيضًا المركز المغربي للتسامح وحوار الأديان، وله جهود طيبة فى هذا المجال، وفى الأزهر الشريف فى يونيه عام 2015 أصدر شيخ الأزهر الشريف قررًا بإنشاء مركز للحوار بين الأديان، ويتبع المركز شيخ الأزهر مباشرة، وضم فى عضويته أساتذة بجامعة الأزهر أستاذ بقسم اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، ومدرس بقسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بالجامعة الأزهر، ومدرس بقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بطنطا، والمشرف على شعبة الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بالجامعة الأزهر،وباحث في الحوار الإسلامي المسيحي، عضو بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ويختص مركز الحوار بالأزهر الشريف بنشر ثقافة الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة، والعمل على قبول الآخر والتعايش المشترك، والتأكيد على القيم الدينية المشتركة، وتعزيز التعاون بين الأزهر والمؤسسات الدينية المختلفة في هذا المجال، وتقديم الدعم لبيت العائلة المصرية في تحقيق أغراضه ورسالته.
وعلى هذا النحو المتقدم يبقى إنشاء مراكز لحوار الأديان مجرد محاولات فردية مشكورة لبعض الدول العربية لكنها لا تتصف بالصفة العالمية من حيث عدد الدول الأعضاء المكونين لها أو المنتسبين إليها، مما يمكن القول أنها محض إرهاصات محمودة فى هذا المجال لكنها لا تكفى لكى ينتج حوار الأديان اَثاره المرجوة على المستوى الأممى، وحتى تتحقق الغايات المرجوة من مراكز حوار الأديان يجب أن تكون هناك معاهدة دولية بين الأقطار المختلفة تضم مختلف الأمم المعنية بهذا الأمر تتشارك فيما بينها ولا تنفرد، وسندى فى ذلك أن حوادث الإرهاب لدعاة التشدد والعنف والتطرف لم تعد قاصرة على أُمة دون أخرى أو ديانة دون غيرها مما يستلزم الأمر معه تكاتف وتعاضد الجهود الرسمية التشاركية لمعظم الدول على نحو ما تقدم.
مجلس القرضاوي الوهمي
وأوضح أنه على الرغم من أن تلك المحاولات تمثل الإرهاصات الأولى لمراكز الحوار بين الأديان فى البلاد العربية والإسلامية وغيرها، إلا أنها تبقى محاولات منفردة لبعض الدول دون أن يضفى عليها ذلك السمة العالمية للتشارك الدولى الفعلى فى العضوية لمختلف الديانات والثقافات حول العالم، مما أنادى معه بإنشاء مجلس عالمى لحوار الأديان تتشارك فيه الدول ولا تنفرد به دولة بمفردها لليكون عمل المجلس العالمى لحوار الأديان مثمرا على مستوى العالم ويؤتى أكله، ولتلافى محاربة المجالس الوهمية التى تتخذ من الدين ستارا للعنف مثل مجلس القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وقد تأسس ذلك الاتحاد فى 11 يوليو 2004 بمناسبة عقد مؤتمر فى لندن بإنجلترا ونص البند رقم (3) من مشروع الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين تحت عنوان " سمات الاتحاد المنشود " ما نصه: " الشعبية: فهو ليس مؤسسة حكومية وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به ولكنه لا يعادى الحكومات ----" وينص البند رقم (4) من ذات المشروع على إنه: " الاستقلال: فهو لا يتبع دولة من الدول ولا جماعة من الجماعات ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته ".
علماء المسلمين ليس مؤسسة رسمية
يقول الدكتور محمد خفاجى أنه يكشف ولأول مرة فى العالم العربى أن الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذى يترأسه مفتى الجماعة الإرهابية يوسف عبد الله القرضاوى ليس مؤسسة رسمية حكومية تتبع أى دولة من الدول بنص إنشائه وتحتضنه قطر، ومن ثم فإن هذا الاتحاد يعمل بلا ترخيص أو قانون أو لائحة لأية دولة من دول العالم.
وكشف عن نيته أنه يعمل على معاداة الحكومات وإلا فما أعوزه الدليل من النص فى البند الثالث من مشروع إنشائه على أنه "لا يعادى الحكومات" وهو ما يسمى فى علم النفس القضائى استباق الاعتراف.
وبهذه المثابة فهذا الاتحاد بلا وطن سوى أن له مقر رئيسى فى الدوحة بقطر، وفروع فى كل من القاهرة أيام الجماعة الإرهابية تم غلقه بعد ثورة 30 يونيه 2013، وتونس وغزة بفلسطين، ودون أن يتحصل على ترخيص رسمى من أية دولة فى العالم كما ذكرنا، لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدولة والحدود الجفرافية فيما بينها.
وأصدرت حكم في قضية انتهاء عضوية القرضاوى أيام الجماعة الإرهابية حيث أصدر رئيس الجمهورية المنتمى لتلك الجماعة قرارا جمهوريًا بعضوية القرضاوى بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وكان لا يتوارى عن فتاويه ضد رجال الجيش والشرطة المحرضىة على العنف، مما دعا بعض العاملين بالأزهر الشريف إلى إقامة دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية حينذاك بقصد إلغاء قراره بضم اسم القرضاوى مفتى الإرهاب لعضوية هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أمام محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاستنا فى ذلك الوقت، وحكمت المحكمة بانتهاء الخصومة وأصدرت حكما باعتبار الخصومة منتهية فى الدعوى لإصدار شيخ الأزهر القرار رقم 8 ھ بتاريخ 23 ديسمبر 2013 بإنهاء عضوية الشيخ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوى من وظيفته بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وألزمت المحكمة شيخ الأزهر المصروفات لاستجابته لطلب المدعين بعد رفع الدعوى.
وفى أبريل 2013 قاطع القرضاوى مؤتمرًا عن حوار الأديان فى الدوحة بسبب حضور الجانب اليهودي، فكيف ينكر وهو رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين المزعوم - الذى بينا أنه اتحاد بلا وطن ولا قانون سوى الدولة التى تحتضنه بغير ترخيص منها حتى لا تتحقق مسئوليتها الدولية - على أصحاب الديانة اليهودية حوارًا ثقافيًا ودينيًا مع أقرانهم من أصحاب الديانتين المسيحية والإسلام !! مما تبدو الحاجة ماسة معه لوجاهة ما ننادى به من إنشاء مجلس عالمى لحوار الأديان تتشارك فيه كافة الدول.
ولا يكون جهدا منفردا لدولة معينة، مع عدم الاعتراف بما يسمى الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين لعدم تبعتيه بحكم مشروع إنشائه لأية دولة فى العالم ودون قانون أو لائحة وتحتضنه قطر وحدها من بين دول العالم بأسره.