رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناتالى الخورى: المرأة العربية وجدان ينبض حبًّا وحياة

ناتالي الخوري غريب
ناتالي الخوري غريب

يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وبالنظر إلى ما قدمته المرأة العربية في مجالات الإبداع المختلفة سنجد العديد من الأسماء التي شغلت تاريخ المشهد الثقافي العربي.

الأمثلة كثيرة بدءًا من عائشة التيمورية، وبنت الشاطيء، ومي زيادة، وصولا إلى سهير القلماوي وغيرهن، وفي إطار ذلك الاحتفال طرحنا سؤالنا حول دور المرأة في المشهد الثقافي والإبداعي العربي، وعن مدى تحققها في ظل مجتمعاتنا العربية.

وتقول الكاتبة والناقدة الأكاديمية اللبنانية ناتالي خوري إن المرأة وجدان ينبض حبًّا وحياة، وفكر يثور قلقًا ورؤية، تترجم بكلماتها ونصوصها هذا التفاعل بين القلب والعقل والروح في بيان، يُصبّ في قوالب تصنّف في إبداعات، والعناوين شتّى.

وأضافت "خوري"، فى شهادتها لـ"الدستور" والتى جاءت تحت عنوان "المرأة في المشهد الثقافي العربي اليوم. المرأة الأديبة. الناقدة والفيلسوفة"، أن من هذه القوالب الأدب شعرًا ونثرًا والنقد الأدبي والفلسفة.

المرأة والفلسفة
وعن المرأة والفلسفة تسأل "هل نجد في العالم العربي نساء فيلسوفات؟ ولنتّفق أولًا على مصطلح الفيلسوفة: هي تلك المرأة التي تمتلك منظومة فلسفيّة، بهذا المعنى، لا أعتقد أنّ ثمّة أسماء معاصرة في هذا المنحى المنهجي في ابتداع نظرية فكريّة أو منظومة شبه متكاملة".

وتشير إلى أن معوّقات وجود امرأة فيلسوفة ليس كونها امرأة، فهذا الأمر بحدّ ذاته إشكاليّةٌ في عالمنا العربي بشكل عام، ولا علاقة للرجل بكونه يقف عائقا ولا يعترف لها بإنجازات فكرية، على العكس، الفكر بحدّ ذاته يعاني في مجتمعاتنا كونه من العلوم التي تتطلّب مقدرة ذهنيّة عالية وعملا مثابرا، بمعنى يتطلّب تفرّغا للكتابة فيه، العائق الأوّل، يكمن في غياب أيّة حوافز من أيّ نوع، والعائق الآخر في المتلقّي، لهذا الفكر كونه يعتبره نظريات استعلائية فوقية لا تهتم بشؤونهم الحياتيّة العامة، إذًا الأزمة أزمة فكر ومجتمعات، وإذا نظرنا إلى العالم الغربي، في ما يتعلّق بالمرأة الفيلسوفة، هو أمر نادر جدا أيضًا، بحيث يلمع اسم واحد ما لا يشكّل ظاهرة يعوّل عليها.

المرأة والنقد
وعن المرأة والنقد تضيف: "في عالم النقد الأدبي، لا شكّ في أنّ تطور المرأة في هذا المجال يتّخذ منحى تصاعديًّا متألّقًا، فالمرأة على المستوى النقدي الأكاديمي استطاعت أن تقدّم الكثير، نظريًّا وتطبيقيًّا، وإصدارتهنّ الدائمة مؤشّرٌ له دلالة صارخة على كيان نقدي وهويّة نقديّة للنساء، أمّا الكلام على المرأة والنقد في الصفحات الثقافيّة، فيكفي أن نتابعها يوميًّا لندرك أنّ كتاباتها النقديّة ركنّ أساسي من هذه الصفحات".

المرأة والأدب
وتشير ناتالي الخوري إلى أن "الأدب هو نتاج الوجدان المباشر، وصارت زحمة الكتابة الأدبيّة اليوم على قاعدة كلّنا نشعر، كلّنا نكتب، فسهولة النشر اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، جعلت كلّ إنسان رجلًا كان أم امرأة كاتبًا وأديبًا، والحريّة التي باتت تتمتّع بها المرأة تجعلها تعبّر عن مكنوناتها بطريقة عفويّة لا خجل فيها ولا تورية، في هذا المنحى أصبحت كلّ امرأة تعبّر عن مشاعرها بقالب أدبي ما، ولكن هل هذا يعني أنّ كلّ النساء اللواتي كتبن ويكتبن أصبحن أديبات؟ بغضّ النظر إذا اعتبرنا أنّ ما يكتبنه يساهم في تفريغ شحناتهن العاطفيّة ويؤدي دورًا بارزًا في علاج الذات من تشوّهاتها ولا تخلو ذات منها، ففي الكتابة مصالحة مع الذات ولها مفعول علاجي لا يمكن أن ينكر دوره. ولكن هل هذه معايير نحكم من خلالها على فنيّة العمل الأدبي؟ هل المعايير الأكاديميّة في الحكم على نتاج أدبي ما، هي الأصح استخدامها للحكم على نجاح شاعرة أو روائيّة؟ وماذا نفعل بهذه المعايير الأكاديميّة حين تتعارض مع الذوق الشعبي العام؟ وتباع ملايين النسخ؟".

وتلفت: "إذا قبلنا ببعض المعايير التي ذكرناها على أنها قاعدة النجاح، نستطيع القول أنّ المرأة بلغت شأوًا بعيدا في دنيا الأدب، بخاصّة في ظلّ الصالونات الأدبية الكثيرة الحديثة ومشاركاتها الفاعلة. وعلى صعيد الإصدارات الشعرية والروائية، فهي في تزايد تخطّى ما اعتدنا عليه، إذا، لا معوّقات أمام المرأة لتكون أديبة أو روائيّة".

وتختم عوض أن نردد دومًا القول بأن الزمن زمن انحطاط في كثرة الأدباء، فلنعتبرها نعمة، ولندع التاريخ يحكم في استمرارية من يكتب، ولتكسر النساء قوارير الطيب، ولتنثرن عطرَهن في هذا الفضاء الذي نحتاج فيه إلى الكثير من الأدب والحياة ولتملأن العمر ألقًا وفرحًا".