رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

8 مارس يوم المرأة العالمى والعلاقة مع النساء والعلاقة مع الله



إن الاحتفال المتكرر كل عام بيوم 8 مارس «يوم المرأة العالمى» لن يؤتى ثماره المرجوة إلا إذا حدث تغيير جذرى فى علاقتنا مع النساء وعلاقتنا مع الله، هذه هى قناعتى الشخصية التى تزداد رسوخًا مع الأيام وأنا أرى كيف تسير العلاقة مع النساء ومع الله، فهما العلاقتان الأساسيتان اللتان تحكمان كل حياتنا الخاصة والعامة.. إذن تصور التغيير دون إحداث تغيير فى هاتين العلاقتين هو تصور خاطئ، غير منطقى، وغير واقعى.
أولًا: العلاقة مع النساء، تعمل المؤسسات الثقافية والدينية والقانونية والتعليمية على ترسيخ علاقة الرجال بالنساء كعلاقة بين «أعلى» و«أدنى».. إن قانون الزواج الدينى للمسلمين والمسلمات الذى يخلق «نمط» الأسرة المصرية التى بدورها تصنع نساء ورجال الوطن ينص فى أول بنوده أو شروطه على أن واجب الزوج هو «الإنفاق» وواجب الزوجة هو «الطاعة»، إن «الطاعة» كلمة مهينة لأى إنسان، وهى من بقايا العبودية، حيث يوجد «أسياد» يحكمون و«عبيد» يخدمون، لكنها حتى الآن موجودة لتصف الزوجات أمام أزواجهن.. إن تحرير الزوجات من مصير «العبيد» إلى مصير «الأحرار» يعنى انهيار الأسرة «الذكورية» ثم انهيار النظام الأبوى بكامله.
ثانيًا: العلاقة مع الله، علاقتنا مع الله غير مباشرة يدخلها «الوسطاء»، أو ما نعرفهم باسم رجال الدين الذين يحتكرون فهم وتفسير الدين، فهم إما وسطاء يتبعون المؤسسات الدينية أو وسطاء بشكل فردى مثل الفقهاء وأصحاب المذاهب وشيوخ الفتاوى وخطباء المساجد والجوامع والزوايا وضيوف البرامج الدينية فى الإعلام الحكومى والخاص، مرئيًا ومسموعًا ومقروءًا، ولأن الله لم يعط أحدًا تفويضًا للتحدث باسمه، فإننا نعرفه كما يراه هؤلاء الوسطاء المختلفون فى الثقافة والمزاج، والنتيجة هى التخبط، فأى دين نعتنقه؟
علاقتنا بالله هى علاقة مؤسسة على الخوف، نحن نتصور الله يتربص بنا ليل نهار، يرصدنا، يراقبنا كى يمنحنا إما الثواب والصدقات أو ينزل علينا الغضب والعقاب، يفرض العبادات ليس لضمان نبل الأخلاق ولكن لاختبار «عبودية» الإنسان لربه، والنتيجة هى أننا نؤمن إيمانًا تقليديًا «مقلدًا» للآخرين لا فضل لنا فيه، هو ليس إيمانًا ولكن «سجن».
وبالتالى فإن العقيدة الدينية لا تؤدى إلى «تحررنا» ولا تقودنا إلى السعادة ولا تسهم فى «تقويم أخلاقنا». فالأخلاق والفضائل تكتسب قيمتها من ممارستها دون خوف وبكامل الحرية دون وساطة.
أؤمن بأن «الحرية» هى الدم المتدفق من جسد الحياة، وأنها «قدرنا»، وهى «الثمن» الذى ندفعه لكوننا «أحياء»، سواء شئنا أو لم نشأ، ستظل فاتورة واجبة السداد إذا لم ندفعها ونحن أحياء يدفعها «الورثة» مضاعفة.. أرى «الحرية» مصيرًا محتمًا على البشرية كلها الوصول إليه، قد نتأخر، قد نتعثر، قد نتوه، لكن المسيرة محسومة مسبقًا لصالح «الحرية».
أعتقد أن الإنسان الذى يقرر الانتحار يختار الهروب من «الحرية» مرة واحدة وإلى الأبد، لكن فعل الانتحار فى حد ذاته «تأكيد» للحرية وانتصار لها عكس ما يظن البعض، فأنا لا أستطيع الهروب من شىء أصلًا «غير موجود».
أنا حرة إذن أنا متناغمة مع الحياة، أنا حرة إذن أنا ابنة الحياة الأصيلة «الطبيعية» ولست أحتاج إلى إجراء اختبارات النسب والوراثة و«دى إن إيه» لإثبات أننى من صلب الحياة ومن دمها ولحمها.
والحرية مثل الله فى كل مكان، لكنها لا تذهب إلا لمنْ يحبها ويسبّح بحمدها ليل نهار ويذكر محاسنها بامتنان ويشكر النعم التى أغدقتها عليه، ويظل مخلصًا لما تمليه أقدارها، ملتزمًا بالثمن الذى تطلبه، ولا يستسلم لليأس والقنوط من رحمتها.
نحن مجتمعات أصابها اليأس المبكر من رحمة الحرية والقنوط الغاضب من غياب عنايتها وتأجيل مكافآتها، ولا نفكر ربما تختبرنا الحرية حتى تتأكد أننا دفعنا الثمن وأننا حقًا جديرون بها، إذن الحرية هى المفتاح الذى أضعناه، وهى كلمة السر التى نسيناها عندما نحب، ونشتهيها وندافع عنها ونسدد ثمنها أكثر مما نحب ونشتهى أى شىء آخر، فقط حينئذٍ يهاجمنا «فيروس» الحرية، الفيروس الوحيد الذى فى تخليه عن الكمون وتحركه النشط يكمن كامل الصحة ودوام الشفاء.
• من بستان قصائدى
لن يهنأ الإنسان بهدوء البال إلا بالاكتفاء بالضرورى من المال
سوف يحقق أحلامًا كانت من المحال
سيرى فى قبح الأشياء بعض الجمال
وستصبح لكل لحظة عابرة زمن الجبال.