«ديلر تحت بيتي».. جولة لـ«الدستور» تكشف معاناة الأهالي مع تجار المخدرات
قبل أيام قليلة، قُتل شاب في محافظة القليوبية على يد "ديلر"، بسبب اعتراضه على تجارته في المنطقة التي يقطن بها، بعد مناوشات عدة دارت بينهم على مدار أيام، انتهت بقتل الضحية الذي لم يمر على زيجته أكثر من شهر.
لم يكن ذلك الشاب هو الضحية الوحيدة لتجارة المخدرات أسفل المنازل في المناطق العشوائية، لذا تعرض "الدستور" قصص واقعية حدثت في الفترة الأخيرة، تدل على الانحطاط الأخلاقي الذي توغل داخل البيوت المصرية، وأصبح خطرًا داهمًا يهدد الأهالي باستمرار.
في البداية، أجرينا جولة داخل منطقة الطالبية فيصل، التي تشهد حواريها الضيقة سوقا كبيرا لتجارة المخدرات بكافة أنواعها، بجانب أعمال البلطجة التي يشكو القاطنين بها من حدوثها طوال الوقت، والخطر الكبير الذي يهدد حياة أولادهم الصغار، حين يرون أمامهم هذه الجرائم، ما يخلق بداخلهم دوافع نفسية خطيرة.
شوارع صغيرة ومظلمة، الوصول إليها ليس سهلًا، التجار يصطفون على نواصيها لاصطياد الزبائن الوافدين إلى المنطقة، وبيع المخدرات لهم، وبمجرد وصولنا للمنطقة المذكورة التف حولنا 5 أشخاص، ليبدأوا حديثهم: "عاوز ايه يا باشا.. كل المكيفات موجودة".
حاولنا الابتعاد عنهم بقدر الإمكان، والانفراد بأهالي المنطقة، للحديث عن المشكلات التي تواجههم من قبل هؤلاء المجرمين، وبالفعل رحبوا بنا ليتحدثوا عن أزمتهم، وكان من بينهم رجل سبعيني، لديه ابن في سن العشرين، هجره منذ سنوات عدة، بعد انخراطه داخل هذا العالم، بسبب الصحبة السيئة التي أرشدته إلى طريق تجارة المخدرات على النواصي.
بدأ الحاج عزيز، حديثه لـ"الدستور"، معبرًا عن كم الحزن الذي بداخله، بعد رؤيته لضياع ابنه الوحيد، وهو يقف مكتوف الأيدي، لم يستطع مواجهته أو السيطرة على تفكيره في ذلك الأمر، خاصة بعد توغله في تعاطي المخدرات بسبب معرفته بالتجار الذين تمركزوا على ناصية الشارع، وأقنعوه بالاشتراك معهم لجني أكبر قدر من الأموال.
"ابني كان أشطر واحد في المدرسة، مجرد ما نزل الشارع رجعلنا بمصيبة"، أشار الرجل إلى تجارة المخدرات التي استوطنت منطقته القاطن بها، وتسبب في دمار ذويه، بعد حدوث مشادات بينه وبين ابنه، نتج عنها هروب الشاب من البيت، واختياره للعيش بجانب التجار، معلقًا على حديثه: "أرغب في مداهمة المنطقة من قبل رجال الشرطة، والتخلص من هذه الجريمة التي طالت كل منزل في المنطقة".
وبالانتقال إلى شارع آخر في منطقة العشرين فيصل، تقابلنا مع أحد أصحاب المحال، الذي شهد ضررا كبيرا من قبل تجار المخدرات في الشارع، حين اعترض على وقوفهم أمام المحل، وبيعهم الغير قانوني داخل المنطقة، بجانب أعمال البلطجة التي يفتعلونها مع المارة أو المنافسين لهم.
يروي أحمد عتمان، صاحب محل أدوات أدوات صحية في المنطقة، قصته لـ"الدستور"، قائلًا: "الناس دي وقفت حالي، والناس بقت تخاف تيجي المحل عشان العصابة اللي واقفة قدامه"، عبر الرجل عن مدى الضرر المادي الذي يعيشه بسبب هذه الجرائم التي يرغب المتضررين منها أن تنتهي تمامًا، من خلال تدخل الجهات الرقابية لإنهاء الأمر.
قبل ثلاثة أشهر، حاول "عتمان" منعهم من الوقوف أمام المحل الخاص به، لكن رد فعلهم كان صادمًا للغاية، حين اعترضوا حديثه بالسب والقذف، بل تطاول أحدهم عليه، وهدده بتشويه جسده إذ اعترض مرة أخرى.
نصت المادة 33 من قانون العقوبات أن كل من يقوم بممارسة الاتجار في المواد المخدرة يعاقب بدءًا من السجن المشدد 3 سنوات، إلى السجن المؤبد أو الإعدام في بعض الحالات، والغرامة المالية التي تصل إلى 100 ألف جنيه مصري، كما أنها لا تزيد عن 500 ألف جنيه مصري، وهذا في حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات.