رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل هيلارى.. وتوقعات حول إدارة بايدن


من المؤكد أننا لا ينبغى أن ننسى ما حدث لنا من أحداث فى ٢٥ يناير ٢٠١١، وما حدث فى هذا اليوم، وما تلاه من تحولات وتغيرات وفوضى عارمة، ومن المؤكد أيضًا أننا لا ينبغى أن ننسى خطة التقسيم التى وضعها برنارد لويس لتقسيم المنطقة العربية فى عام ١٩٨٣، التى وافق عليها الكونجرس الأمريكى حينذاك، ثم وضعت فى الأدراج إلى أن يحين موعد تنفيذها على أرض الواقع.

ثم بدأ تنفيذها مع مجىء إدارة باراك أوباما إلى الحكم رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وكانت وزيرة خارجيته ومهندسة التنفيذ هيلارى كلينتون، وكان نائبه حينذاك جو باين، الذى عاد الآن إلى سدة الحكم رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية عن الحزب الديمقراطى.

وفى قراءة متأنية لى مؤخرًا لرسائل هيلارى كلينتون التى سمح الرئيس السابق دونالد ترامب لوزارة الخارجية الأمريكية بالإفراج عن بعضها فى أكتوبر ٢٠٢٠ عاد إلى ذاكرتى كل التغييرات المتتالية التى حدثت عقب أحداث يناير ٢٠١١ وما شاهدناه من قتل الشباب فى ميدان التحرير، وفتح السجون، وحرق الأقسام، وقتل رجال الأمن، وحرق المؤسسات المصرية والتحرش بالنساء وزرع التطرّف، وإثارة الفتن، ونشر الفوضى العارمة وجرائم الإرهاب.

كما عادت إلى ذاكرتى زيارة هيلارى كلينتون لمصر أثناء حكم الظلاميين، ولقاؤها محمد مرسى، وعاد إلى ذاكرتى أيضًا تهديدها لمصر بأن البوارج الأمريكية تقف فى مواجهة البحر المتوسط، ومواقف شجاعة للرئيس عبدالفتاح السيسى فى التصدى للتهديد الأمريكى ودعم إرادة الشعب الذى كان رافضًا وبشدة للإخوان ولجرائمهم، وذلك حينما كان وزيرًا للدفاع، وتفويض الشعب له فى محاربة الإرهاب، ثم انتخابه بالأغلبية الساحقة، واستمرار حرب مصر على الإرهاب كل يوم، وحتى يومنا هذا حيث يستشهد يوميًا أبطال من خير أجناد الأرض من رجال الجيش والشرطة دفاعًا عن الشعب والأرض.

تذكرت كل هذا، وشعرت بضرورة أن نتنبه إلى أن نكون، وأن نظل على درجة عالية من الحذر ومن الحرص على أن نظل يدًا واحدة شعبًا وجيشًا وشرطة وقيادة سياسية، لأن الحزب الديمقراطى قد عاد بقوة إلى سدة الحكم فى أمريكا وعلى قمة الإدارة الأمريكية الرئيس جو بايدن الذى كان نائبًا للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، الذى فى عهده تم تنفيذ خطة التقسيم التى وضعها برنارد لويس فى ١٩٨٣ لتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة متناحرة.

تذكرت كل هذا، حيث أعدت قراءة رسائل هيلارى كلينتون التى تكشف الدور الأمريكى الذى تم تنفيذه لنشر الفوضى فى مصر بالتعاون مع الإخوان ليصلوا إلى سدة الحكم ثم يتم تقسيم مصر بتمويل من إدارة قطر، مما يكشف بوضوح من خلال المراسلات والإيميلات عدة وقائع خطيرة حول دور الإدارة الأمريكية فى إشعال الفتن فى مصر، وفى الدول العربية.

حيث تكشف الرسائل لقاء هيلارى كلينتون مع رئيس شبكة الجزيرة وضاح خنفر، وأعضاء مجلس الإدارة للقناة لدعم الفتن فى مصر والدول العربية لدعم ما سمته قطر وإدارة أوباما ثورات الربيع العربى، وما تلاها من دور مشبوه لتغطية التظاهرات.

وأيضًا كشفت الرسائل عن لقاءات ومراسلات مكثفة مع مسئولين من تنظيم الإخوان لدعمهم وتمكينهم من الوصول للحكم، ليس فى مصر، فقط وإنما فى كل المنطقة العربية، وذلك فى انتخابات مايو ٢٠١٢ بمصر، ثم وبعد وصولهم للحكم بدأت مفاوضات بين الإخوان وضخ ١٠٠ مليون دولار لإنشاء مؤسسة إعلامية تقودها جماعة الإخوان فى المنطقة، وبرعاية هيلارى والإدارة الأمريكية.

إلا أن مشروع إدارة أوباما وقناة الجزيرة القطرية فشل بسبب نجاح ثورة شعب مصر فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ فى الإطاحة بمحمد مرسى وتنظيمه الإرهابى، وهكذا أنقذت ثورة الشعب المصرى الحاشدة فى يونيو ٢٠١٣ التى حماها الجيش مصر من حكم الظلاميين الذين كان قد وصلوا إلى الحكم بدعم وحماية من إدارة باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون.

كما تكشف الرسائل فشل تهديد هيلارى كلينتون لوزير دفاع مصر حينذاك عبدالفتاح السيسى بألا تمس شعرة من محمد مرسى حينما وصل إلى الحكم فى مصر، إلا أن وزير الدفاع المصرى تصدى بكل شجاعة ووطنية، كما تصدى رجال الجيش المصرى للتهديد الأمريكى دفاعًا عن إرادة الشعب المصرى الرافض لتنظيم الإخوان وممارساته الإجرامية تجاه الشعب المصرى بدعم أمريكى وبأموال قطرية.

ومما لا شك فيه، أن قراءة بعض مراسلات وإيميلات وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون تقودنا إلى تذكر أحداث خطيرة، وتحولات متتالية حدثت فى بلادنا، وفوضى وممارسات إجرامية، وفتن وقلاقل كانت كلها بهدف تنفيذ خطة تقسيم مصر ودخولها فى نفق الفوضى والصراعات الداخلية، وخسائر فادحة فى الأرواح، وانتهاك الأعراض، وتدمير الهوية المصرية وكوارث لا نهاية لها.

ولم ينقذ مصر من كل هذه الكوارث إلا أمر واحد أساسى، هو اتحاد إرادة الشعب والجيش والشرطة معًا فى الدفاع عن وطننا الغالى العريق، وأنا حينما أعدت قراءة مراسلات وبريد هيلارى كلينتون التى أفرجت عنها إدارة ترامب فى أكتوبر ٢٠٢٠، وجدت أننا لا بد أن نكون على حذر ووعى، وأن استقرار مصر لا يزال مستهدفًا من خلال خطة أمريكية وضعت فى الأدراج مؤقتًا بسبب ثورة الشعب فى يونيو ٢٠١٣، إلا أن الخطة من الممكن أن تعود بأساليب مختلفة، وبعدة طرق أخرى لأن الحزب الديمقراطى برجاله، قد عاد لِسَّدة الحكم فى أمريكا.

ومن هنا، فإن استقرار وأمان مصر، ما زال يتطلب منا أن نظل دائمًا يدًا واحدة، شعًبا وجيشًا وشرطة مهما كانت الصعاب، أو التحديات، فلا يزال الخطر كامنًا فى تقديرى، وما زالت الخطط ستحاك، ولكن بأشكال مختلفة، ولا بد أن نكون معًا يدًا واحدة خلف قيادة سياسية وطنية نثق فيها، مما جعل مصر عصية على التقسيم، وعصية على الفوضى، وعصية على الفتن حتى الآن. كما أن استقرار مصر، هو أمانة فى رقبة كل منا، وأن أمان مصر، هو أمانة فى رقبة كل وطنى ووطنية من المخلصين لها، وأن لكل منا دورًا محوريًا فى الحفاظ على بلدنا وحمايته الآن وغدًا ودائمًا.