رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطبيق القوانين




استقرت العلوم السياسية على مبدأ الفصل بين السلطات، الذى يعطى كل سلطة صلاحياتها المخولة إليها دون تدخل سلطة فى شئون سلطة أخرى. فالسلطة التشريعية «البرلمان» هى السلطة التى تقوم بتشريع القوانين فى الوقت الذى تراقب فيه السلطة التنفيذية «الحكومة» التى تلتزم بتنفيذ خطتها السياسية التى نتجت عن برنامج حزبها بعد حصولها على الأغلبية البرلمانية وبعد موافقة البرلمان على هذه الخطة. أما السلطة القضائية، فهى التى تطبق القانون الذى شُرّع عن طريق البرلمان موضع التطبيق العملى من خلال الأحكام الصادرة عن المحاكم بكل أنواعها على الجميع دون استثناء.
هنا لا بد أن نلفت النظر إلى أن السلطة التشريعية هى السلطة الوحيدة التى تتشكل عن طريق الانتخابات المباشرة من الشعب. وكذلك موقع رئيس الجمهورية وذلك لأن الشعب هو مصدر السيادة. فلماذا كان التشريع من حق السلطة التشريعية؟ لأن القانون الذى يترجم إلى أحكام هو عنوان الحقيقة. ولذلك يُشرع ويُمارس باسم الشعب. ولذلك لا بد أن يكون نابعًا ومعبرًا عن الشعب.
ولما كان البرلمان يجب أن يكون هو الممثل الحقيقى والقانونى عن الشعب، أصبح هو الذى يُشرّع القوانين. وماذا يعنى هذا؟ لما كان من المفروض أن يكون النائب ممثلًا للشعب، حيث جاء من القاعدة الجماهيرية وأصبح مرتبطًا ارتباطًا عضويًا بالجماهير، لذا فهو الذى يعبر عن آمالهم ويعى قضاياهم ويحل مشاكلهم.
فعندما تكون هناك مشكلة معوقة للمسيرة الحياتية للشعب ولا بد من إيجاد تشريع ليحل هذه المشكلة، يكون النائب الذى يرتبط بالجماهير، أى بالمشكلة، جاهزًا على التقدم بمشروع قانون يُعبّر عن آراء الجماهير ورؤيتهم فى حل المشكلة. فيأتى القانون معبرًا عن آراء الجماهير.
هنا يكون من الطبيعى أن تلتزم الجماهير بتطبيق هذا القانون، لأنه قد جاء معبرًا عن مشكلتهم، وفى نفس الوقت قد جاء بالحل الذى ارتضته الجماهير من خلال الحوار المجتمعى الذى تم عن طريق النواب أو وسائل الإعلام، وهذا فى المقام الأول يعنى أن التشريع لا بد أن يكون صاعدًا من أسفل إلى أعلى، وما المشكلة إذن؟ المشكلة أن الأحزاب يجب أن يكون لها برنامجها السياسى والحزبى الذى على أساسه تم انتخاب الأغلبية البرلمانية للحزب، فمن خلال هذا البرنامج إضافة إلى برنامج حكومة الأغلبية الذى وافق عليه البرلمان يقوم الحزب بإعداد التشريعات المطلوبة سواء المقدمة من النواب أو المقدمة من الحكومة لصياغتها القانونية عن طريق الخبراء القانونيين لطرحها على البرلمان، فى صورة مشروع قانون لتتم مناقشته وإقراره.
ولأنه لا يوجد مطبخ حزبى يجهز مشروعات القوانين للنواب، نرى أن أغلب المشروعات تقدم من الحكومة، والحكومة هنا من حقها أن تلتزم بأهدافها وتسعى لتحقيق ما تراه لتنفيذ خططها، خاصة أن المحور المهم هنا هو العمل على زيادة الإيرادات وهذا لا غبار عليه من حيث المبدأ، ولكن الأهم هو موافقة النواب على هذه المشروعات فيكون التطبيق بقناعة تؤكد الحرص على الحصول على الحقوق، فى الوقت الذى يجب أن يكون هناك حرص أيضًا على أداء الواجبات.. وهنا كان قانون الشهر العقارى الذى قامت الحكومة وحزب الأغلبية بإعادة تعديله.. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.