رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حضن الأم».. «خلاويص» ترجع آلاف الغارمات لأبنائهن قبل عيد الأم

الغارمات
الغارمات

دائمًا ما نسمع عن ألم دخول السجن ووحشته، ما بالك بمن أجبر عليه نتيجة الوقوع في الدين لسنوات وشهور، فيكون الوجع مضاعفًا، وهو ما عاشته "ن. ع" صاحبة التسع وأربعين عامًا التي دخلت السجن يونيو 2014 نتيجة إيصالات أمانة، بقيمة 80 ألف جنيه.

أُجبرت "ن.ع" على الدين لعلاج ابنتها "هاجر" صاحبة الـ19 عامًا، والتي أصيبت باعاقة حركية في حادث أثناء العودة من المدرسة، وبعد رحلة بحث طويلة عن سبل العلاج حتى لا ينتهي مستقبل الصغيرة مبكرًا، فاستقر الأطباء على ضرورة إجراء عملية جراحية.

ترك الأب المستهتر الأسرة في حاجتها، وعندما ألحّت عليه الزوجة بوجوب تدبير قيمة الجراحة تهرب كثيرًا، وعندما ضغطت عليه أخبرها أنه لا يمانع أن تعيش ابنته في عجز ما تبقى من عمرها، ومن هنا كان على الأم الاستدانة، وبالفعل تمكنت من جمع المال الكافى، لكن العمل كخادمة في المنازل كان بالكاد يكفي لجمع مصروفات العلاج لذا لم يكن هناك قدرة على السداد ولجأ الدائنين للقضاء فحكم عليها في مجموع القضايا بـ 25 عامًا.

تروي أنها حاولت كثيرًا النقض والاستئناف لكن لم تقدر على مصروفات المحاماة، فسرعان ما أصبحت وراء القضبان وتكبلت بأغلاله، خمس سنوات اعتبرت فيها الحياة عبارة عن نفق مظلم لا ضوء له، إلى أن فوجئت مع اقتراب شهر رمضان الكريم العام الماضي بقرار عفو رئاسي عن عدد من الغارمات وكان اسمها من ضمنهن.

لا يأتي عيد الأم كل عام، وآلاف الأمهات ينتظرن في عنابر السجون أن يعيشن نفس فرحة "أم هاجر" مع أولادهن، لا سيما انهن دخلنه من وراء ديون أجبروا عليها في سبيل إساعدهم وتربيتهم بشكل آدامي، أو تزويجهم بعد أن كبروا، لكن قررت مؤسسة "مصر الخير" أن تنهي هذا الألم لآلاف المحبوسين بسبب الدين، فمع قرب الاحتفال بعيدهن أطلقت حملة "خلاويص"، وهي للتوعية بضرورة جمع تبرعات تكفي فك كرب ألفين غارمة قبل عيد الأم.

وأوضحت سهير عوض، مدير برنامج الغارمين بمؤسسة مصر الخير، إن مبادرة "خلاويص"، هدفها إنقاذ الغارمات من السجون، وساند المبادرة هذا العام عدد كبير من الإعلاميين والفنانيين، والرياضيين، مما اعطاها صدى أوسع من كل عام، فبحسب ما ذكرت لـ"الدستور"، فإنهم يساهموا كل عام في فك كرب 1000 غارمة، وهذا العام أطلقوا هذه المبادرة وهدفها إخراج 2000 أم هذا العام، لكي يكنّ مع أسرهم في عيد الأم.

وأكلمت: "عوض أن الأمر لن ينتهي عند اخراجهن من السجن، لكن سيتم تمكين الأمهات اقتصاديا، وعمل مشاريع لهن، ويتم متابعتهن حتى يستطعن استكمال المبادرة في سلام"، موضحة أن هناك إيجابية وتفاعلًا كبيرًا مع المبادرة.

وتابعت مدير برنامج الغارمين بمؤسسة "مصر الخير"، أنهم أطلقوا مبادرة أخرى لمشاركة المواطنين في ذلك عن طريق المشاركة بسهم قيمته ألف جنيه، وكلما كانت هناك تبرعات أكثر كلما استطاعت مصر الخير أن تنقذ غارمات أكثر، مشددة على أنهم لديهم العديد من وسائل التواصل مع المتبرعين للمشاركة في هذه المبادرة.

وفي سياق متصل أوضحت أن العمل لهذا الهدف ليس لأول مرة، فمنذ أن تأسست الجمعية وهي تسخر جهدها لهذا الغرض، فقد استطاعت فك كرب نحو 55 ألف غارم حتى الآن، كما تستهدف المؤسسة فك كرب 10 آلاف غارم وغارمة خلال العام الحالى.

وبشكل أوسع ذكرت مديرة برنامج الغارمات أن "مصر الخير" تسعى للقضاء على ظاهرة الغارمات، وترى أنها ترجع إلى الحاجة والفقر والجهل، لافتة إلى أن الموسسة أقامت للغارمين فى البداية مشروعات صغيرة، ونسبة منهم استجابوا، وبعدها اتجهت للمشروعات المجمعة تحت إدارة مؤسسة مصر الخير، وتمت إقامة أول مصنع منذ 4 سنوات، كما تم وضع حجر الأساس لمصنع خامس يوفر 5 آلاف فرصة عمل، حتى أصبحنا نصدر سجاد يدوى إلى 3 دول هى أمريكا وكندا وإيطاليا والآن الإمارات.

ومن بين من ينتظر هذا العام خروج والدته بفارغ الصبر، هو محمد طلعت، فالفتى صاحب الثلاث عشر عامًا حُرم من أمه منذ ثلاث سنوات وتسعة أشهر يعدهم باليوم، فقد سجنت أمه بعد موت أبيه في حادث سيارة، كان الاثنين اقترضا من أجل شرائها بالتقسيط، وخرجت السيارة كحال صاحبها فبيعت خردة لا تكفي لتسديد قسط واحد، وعند تراكم الأقساط، اشتكى صاحب المعرض والدته بإيصال أمانة به ثلاثة أضعاف القيمة الفعلية.

عاش "محمد"، خلال تلك الفترة، عالة على أقاربه وتنقل من بيت لآخر بسبب استيائهم من وجوده وتحمل نفاقات تعليمه، ومنذ عدة أشهر شاهد إعلان يتحدث عن جهود "مصر الخير" فتواصل مع فرعها بالمنوفية، وبالفعل هو على موعد حاليًا لإخراج والدته بعد تسوية الأوضاع مع المشتكي وتسديد ديونها.