رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيدة بريطانيا الثانية!


سيدة بريطانيا الأولى، هى الملكة إليزابيث الثانية، طبعًا، التى ستحتفل فى فبراير المقبل بالذكرى السبعين لجلوسها على العرش. أما لقب السيدة الثانية فيمكن إطلاقه، مجازًا، على كارى سيموندز، Carrie Symonds، خطيبة بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى، وأم سادس أو سابع أبنائه، التى قيل إنها تلعب دورًا كبيرًا، أو الدور الأكبر، فى إدارة البلاد، وطالبت مجموعة أبحاث قريبة من حزب المحافظين بإجراء تحقيق بشأن هذا الدور.
والدها هو الصحفى البريطانى ماثيو سيموندز، أحد مؤسسى جريدة الـ«إندبندنت»، وبعد أن درست التاريخ والمسرح، التحقت سنة ٢٠١٠ بالمكتب الإعلامى لحزب المحافظين، وعملت سنة ٢٠١٢ فى حملة جونسون لإعادة انتخابه عمدة للعاصمة البريطانية، كما عملت مستشارة لاثنين من الوزراء، أحدهما ساجد جاويد، حين كان وزيرًا للداخلية، وقبل أن تكمل عامها الثامن والعشرين صارت مدير الإعلام فى حزب المحافظين، وهى الوظيفة التى تركتها قبل وقت قصير من الكشف عن علاقتها بجونسون، وأصبحت مستشارة لجمعية خيرية معنية بحقوق الحيوانات والبيئة وتعمل على تنظيف المحيطات من المخلفات البلاستيكية.
ستحتفل «سيموندز»، فى ١٧ مارس المقبل، بعيد ميلادها الرابع والثلاثين، وفى ١٩ يونيو، سيكمل جونسون عامه الثامن والخمسين، ما يعنى أن الفارق بين الاثنين يقترب من ربع قرن. وبما أن الشباب، شباب القلب، فما يعنينا فى الموضوع هو أن الكشف عن علاقتها جاء عقب الإعلان عن انفصال جونسون عن زوجته مارينا ويلر بعد زواج استمر ٢٥ عامًا وأسفر عن ٤ أبناء. وجاء الإعلان عن خطبتهما، فى ٢٩ فبراير الماضى، قبل أسابيع من إنجاب سيموندز أول ابن لها من جونسون، والسادس أو السابع للأخير، لو أضفنا ابنًا أو اثنين خارج إطار الزواج.
بين الكشف عن العلاقة وإعلان الخطوبة، حدثت عجائب وطرائف، أبرزها ما حدث فى ٢١ يونيو ٢٠١٩، حين استجابت الشرطة لاتصال تليفونى تلقته، بعد منتصف الليل بـ٢٤ دقيقة، من أحد سكان مقاطعة كامبرويل، قال فيه إنه سمع امرأة، فى الشقة المجاورة، تصرخ وتقول «اتركنى.. اخرج من بيتى»، ثم أعقبت ذلك جلبة وأصوات اصطدام وضوضاء عالية.
بوصول الشرطة، اتضح أن تلك الشقة تسكنها سيموندز وأنها كانت تتشاجر مع جونسون، الذى رفض لاحقًا الإجابة والرد على أى استفسارات بشأن أسباب المشاجرة. ومع أن الحادث وقع قبل شهر تقريبًا من تصويت حزب المحافظين الحاكم على اختيار مَن سيخلف تريزا ماى، رئيسة الوزراء السابقة، إلا أنه لم يؤثر على نتيجة التصويت، وفاز بوريس جونسون بزعامة الحزب، وبالتالى برئاسة الحكومة، بفارق كبير عن منافسه جيريمى هانت.
المهم، هو أن جريدة الـ«إندبندنت»، التى كان والد سيموندز بين مؤسسيها، كما أشرنا، نقلت عن مجموعة «باو» للأبحاث، The Bow Group، أن خطيبة رئيس الوزراء البريطانى تتمتع بنفوذ كبير فى وضع سياسات الحكومة وتعيين وفصل كبار موظفيها، دون أن يكون لها وظيفة رسمية: «لم يتم انتخابها، وليست لها أى صلاحيات قانونية أو دستورية لاتخاذ قرارات تتعلق بمن يجب أن يشغل مناصب حكومية، أو للحصول على المعلومات، أو لتحديد سياسات الدولة».
فى تقريرها، ذكرت الـ«إندبندنت» أن اثنين من أصدقاء سيموندز المقربين تم تعيينهما مؤخرًا فى مناصب حكومية رفيعة: هنرى نيومان، الذى يوصف بأنه صديقها «المقرب للغاية»، تم تعيينه مستشارًا خاصًا لجونسون.. وسيمونا فين، التى استضافت فى منزلها حفل عيد ميلاد سيموندز الثلاثين، صارت نائبًا لرئيس موظفى الخدمة المدنية. كما أشارت الجريدة إلى أن خطيبة رئيس الوزراء كانت وراء إقالة اثنين من أقرب مستشاريه: دومينيك كامينجز وحليفه لى كاين، وتسببت أيضًا فى استقالة أوليفر لويس، رئيس «وحدة الاتحاد»، Union unit، المعنية بالحفاظ على تماسك المملكة المتحدة.
تصف مجموعة «باو» نفسها بأنها «أقدم مؤسسة فكرية محافظة فى بريطانيا، وتضم عددًا من نواب البرلمان عن حزب المحافظين». وغير جريدة الـ«إندبندنت»، تناولت ما ذكرته المجموعة عن الدور الذى تلعبه سيموندز، الـ«ديلى ميل» و«التايمز» والـ«ديلى إكسبريس» و«ذا ناشيونال» و... و... وغيرها. لكن أليجرا ستراتون، السكرتيرة الصحفية لجونسون، نفت ذلك كله، أمس الأول الإثنين، وقالت إن خطيبة رئيس الوزراء فى إجازة أمومة، وتربى ابنهما، وستعود قريبًا إلى مؤسسة أسبينال الخيرية للحياة البرية. وخلال مؤتمر صحفى، رفضت ستراتون التعليق على مطالبة مجموعة الأبحاث بإجراء تحقيق، وقالت إن رئيس الوزراء تقدم بخطة من ٦٠ صفحة لإخراجنا من الإغلاق، وهذا هو كل ما يشغله فى الوقت الحالى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الخطيبين يعيشان، معًا، فى مقر إقامة رئيس الوزراء الرسمى: ١٠ داونينج ستريت، بالعاصمة البريطانية لندن، وحال زواجهما، إن شاء الله، سيكون جونسون هو أول رئيس وزراء بريطانى يتزوج وهو فى السلطة منذ ٢٥٠ سنة!