رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبوألفين جنيه


يعنى إنت عايز الشاب، اللى مرتبه ألفين جنيه، يتبرع، ويشترى تى شيرت لاعب، عشان تجدد له بـ خمسين مليون؟ إنت ما عندكش دم. الواقع، محدش عايز حاجة زى كدا، وأساسًا دا مش «تبرع»، والحكاية كلها مش مترتبة بـ الصورة دى، وخلونا نعيد ترتيبها من الأول:
دلوقتى، أنا وإنت وهو وهى، وناهد وكلنا، كل واحد له «دخل»، أو حتى كل أسرة. الدخل دا ممكن يبقى ألف جنيه، وممكن يبقى ١٠٠ مليون جنيه، وكل الأرقام بينهم ممكنة.
هذا الدخل، كل واحد بـ يستخدمه لـ شراء «مستلزماته»، المستلزمات دى، فيه منها «احتياجات» وفيه منها «رغبات»، وعلى قد فهمى المتواضع، حتى آليات التسويق، بـ تفرق بين النوعين دول.
لكن السوق، أى سوق، لازم يبقى فيها النوعين، ما ينفعش خالص إنه كل المنتجات تشتغل فقط على «الاحتياجات»، لو العالم ما أنتجش غير الأكل والشرب واللبس، وكمان الرخيص منه، حاجات كتير أوى هـ تختفى، ولما تختفى، هـ يحصل حاجتين:
الأولى، هـ يبقى العالم زى عالم الحيوان بـ الظبط، الناس بـ تاكل وتشرب وتتكاثر وتنام، ودا شىء كابوس، فوق الكابوس بـ شوية كمان.
التانية أهم، وهى إنه اختفاء المنتجات التى لا تلبى الاحتياجات الأساسية، هـ يؤدى إلى إنه قطاع عريض جدًا من البشر مش هـ يلاقى ما يلبى احتياجاته الأساسية. اتكلمت فى الحكاية دى كتير قبل كدا:
أى صناعة «بـ المفهوم الواسع لـ الصناعة» بـ تفتح بيوت ناس كتير أوى، عارف حضرتك لو مفيش نشاط زى كرة القدم، كام بنى آدم فى مصر، مش هـ يلاقوا ياكلوا، وأغلبهم على باب الله، أو حتى دخلهم معقول، زى أى دخل فى الدنيا.
مش هـ أكلمك عن الأندية نفسها، إنما مثلًا الميديا المرتبطة بـ الكورة، مش كلهم مدحت شلبى وشوبير، فيه معدين وعمال إضاءة ونجارين «أيوه نجارين» وموظفى حسابات وإداريين، ومخرجين ومساعدى مخرجين، وهلم كبيرة عشان يتعمل الاستديو اللى إحنا بـ نشوفه.
معظم الناس دى أجرها عادى، وفيه الأقل من العادى كمان.
صناعة السينما مش الممثل، صناعة الأغانى مش المطرب، صناعة الكتب مش المؤلف والناشر، صناعة النضارات مش صاحب الشركة، صناعة الساعات مش المالك.
طيب، مين اللى هـ يصرف على المنتجات اللى ممكن نشوفها كماليات مالهاش لازمة؟
زباينها طبعًا، هو فيه جهة ممكن تصرف على حاجة إلى ما لا نهاية؟ ولا حتى الدولة.
حضرتك لما بـ تشوف الدورى الإنجليزى، سواء فى البيت، فـ هـ تدفع اشتراك قد كدا، أو ع القهوة، فـ تدفع المشروب دوبل، ليه مش بـ تقول: وأنا يعنى أبوألفين جنيه، هـ أصرف على صلاح، اللى بـ يقبض عشرميت مليون فى السنة؟
مفيش صناعة فى الدنيا بـ تصرف على نفسها، وتتوزع مجانًا، أو هكذا يفترض يعنى.
إحنا هنا فى مصر ممكن نعترض على حاجتين: الأولى، إننا بـ ندفع بينما المنتج مش على المستوى المطلوب، بس فى النقطة دى الواقع إننا ما بـ ندفعش تقريبًا، الماتشات وتحليلها على قنوات مفتوحة.
الماتشات من غير جماهير، فـ مفيش تذاكر، والفلوس جاية من الإعلانات، ودى ملاليم، إسهام أى حد مننا فيها، لا يكاد يذكر، فـ كتر خير صناع الكورة فى مصر، إنهم مقدمين دورى مش بطال.
النقطة التانية اللى ممكن نعترض عليها، هى ضرورة تنظيم المسألة، بـ حيث ما تخرجش بـ هذه الطريقة البلدى، ومبادرة وتبرعات وما إلى ذلك، بس دا كمان محتاج منظومة أكبر، والدولة لازم تبقى لاعب رئيسى فيها، فـ لـ حد ما دا يحصل، إذا حصل، تبقى مبادرات زى: اشترى تى شيرت اللاعب الفلانى عشان نجدد له، مبادرات طيبة.
وإن كان على الشاب المحترم، اللى بـ يقبض ألفين جنيه، ما يشتريش، هم مش محتاجين يبيعوا ٢٠ مليون تى شيرت، واحد فى المية من هذا الرقم كويس أوى. وإن كنت أشك فى نجاح هذه التجربة، لـ إنها مش بـ تمشى كدا.
بس لو مشيت، هـ يبقى شىء لطيف، وإنت يا أبوألفين جنيه، هـ تبقى أول مستفيد، فـ مش فاهم إنت بـ تكسر المجاديف ليه؟