رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف ينظر رجال جو بايدن إلى إسرائيل؟

جريدة الدستور

لاقى الطاقم الجديد فى البيت الأبيض الذى عينه الرئيس الأمريكى، جو بايدن، اهتمامًا كبيرًا من قبل إسرائيل، خاصة أن هؤلاء الأفراد سيتولون مهمة تشكيل سياسة الولايات المتحدة تجاه تل أبيب خاصة، والشرق الأوسط بشكل عام، وبالتالى فإن أفعالهم وتصريحاتهم السابقة يمكن أن تدل على الخط الذى سيتبعونه تجاه ذلك الملف المتشابك.
وأعاد «بايدن» بعض الأسماء البارزة من عهد الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، غالبيتهم معروفون جيدًا للوسط السياسى فى إسرائيل، بل يرتبطون بها بشكل فكرى وعقائدى، وهو ما سيكون له تأثيره الكبير على قرارات الإدارة الأمريكية تجاه تل أبيب.
فى السطور التالية، تستعرض «الدستور» أبرز هؤلاء الداعمين لإسرائيل فى الإدارة الأمريكية الجديدة، ومواقفهم السياسية المختلفة، والخلفيات الاجتماعية والسياسية التى خرجوا منها، خاصة فيما يتعلق بتل أبيب.


نائبة الرئيس علاقتها قوية بالمجتمع اليهودى.. وتتمسك بالمساعدة العسكرية الأمريكية لتل أبيب

ترتبط كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى، بعلاقة شخصية قوية بالمجتمع اليهودى فى الولايات المتحدة الأمريكية، فزوجها هو المحامى اليهودى دوجلاس إمهوف، الذى يعتبر أول يهودى تتولى زوجته منصب نائبة رئيس الولايات المتحدة.
وجعلت المواقف الإيجابية من «هاريس» تجاه تل أبيب واختيارها نائبة لـ«بايدن» خبرًا سعيدًا لإسرائيل والمجتمع اليهودى فى الولايات المتحدة، ما دفع الجماعات اليهودية الديمقراطية إلى إصدار إشادات واسعة وسريعة بهذا التعيين، خاصة بعدما قالت ليلى آدامز، مديرة الاتصالات فى الحملة الانتخابية لـ«هاريس»: «دعم كامالا لإسرائيل أمر أساسى بالنسبة لها».
وزارت «هاريس» إسرائيل، فى نوفمبر ٢٠١٧، والتقت رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فى الولايات المتحدة خلال أبريل ٢٠١٩، وتربطها علاقة قوية بلجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية، وتحرص على حضور اجتماعها السنوى. ورعت «هاريس» قرارات مجلس الشيوخ التى تدين إطلاق النار على «شجرة الحياة»، وهى أثر يهودى معروف، فى ٢٠١٨، وإطلاق النار على «شاباد بواى»، وهو مركز خاص باليهود الأمريكيين، فى أبريل ٢٠١٩، كما أيدت قرارًا من الحزبين الجمهورى والديمقراطى يدين جرائم الكراهية العنصرية والدينية والعرقية وجميع أشكال التحيز والتمييز والتحريض على العنف ضد المجتمعات اليهودية فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، خاصة تخريب المقابر اليهودية واستهداف مراكز الجالية اليهودية بالقنابل.
ومقارنة بالأعضاء الديمقراطيين مثل السيناتور بيرنى ساندرز، وعضو «الكونجرس» ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، فإن «هاريس» تعتبر أكثر دعمًا لإسرائيل، ولم تطالب مثلهما بتغييرات جوهرية فى تعاطى الحزب مع الملف الإسرائيلى. وتؤيد نائبة الرئيس الأمريكى خيار الدولتين كحل للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وتؤمن بأهمية المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وبحق تل أبيب فى الوجود والدفاع عن نفسها، خاصة ضد الهجمات الصاروخية من قطاع غزة. وعلى الرغم من عدم دعم «هاريس» حركة مقاطعة إسرائيل، صوتت ضد مشروع قانون «منع مقاطعة إسرائيل»، الذى يجرم مقاطعة تل أبيب، باعتباره ينتهك حرية التعبير.
وتعارض أيضًا الضم الأحادى المحتمل للضفة الغربية من قبل تل أبيب، وترى أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يمكن تحقيقه من خلال مفاوضات مباشرة واتفاق تنتج عنه دولتان لشعبين، كما أنها تؤيد الاتفاق النووى مع إيران، وتعهدت بإعادة بلادها إلى الاتفاق التاريخى مع طهران، عندما كانت مرشحة للرئاسة فى العام الماضى.

وزير الخارجية تربى على يد ناجٍ من «الهولوكوست».. ورفض تقييد الدعم لـ«الدولة العبرية»

يعد وزير الخارجية الأمريكى الجديد، أنتونى بلينكن، أحد أقرب المستشارين السياسيين لـ«بايدن» منذ ما يزيد على عقد من الزمان، وتعتمد سياسته الخارجية على معارضة أجندة الرئيس السابق دونالد ترامب، المعروفة باسم «أمريكا أولًا»، التى أعطت الأولوية للشئون الداخلية على حساب الدبلوماسية الدولية، ومن المنتظر الابتعاد عنها فى عهد «بايدن»، مع وجود خطط للعودة إلى العديد من الاتفاقيات الدولية التى غادرها «ترامب»، خاصة «باريس للمناخ» والاتفاق النووى الإيرانى.
ووزير الخارجية الجديد، البالغ من العمر ٥٨ عامًا، هو ابن عائلة يهودية من نيويورك، ووالده دونالد بلينكن كان سفير الولايات المتحدة فى المجر، وعمه «إلين» كان سفيرها فى بلجيكا، وبعد طلاق والديه فى صغره، تزوجت والدته «جوديث» بأحد الناجين من محرقة «الهولوكوست»، ويدعى صموئيل بيسار، الذى كان مستشارًا خاصًا للرئيس الأمريكى الأسبق جون كينيدى والعديد من الرؤساء الفرنسيين، وأثرت قصصه على نظرة «بلينكن» للعالم، وبالتالى قراراته السياسية المرتقبة تجاه الشرق الأوسط.
وظهر هذا التأثر بما حدث لزوج والدته فيما قاله «بلينكن»: «ذات يوم عندما كانوا يختبئون (اليهود)، سمعوا هذا الصوت المدوى، وعندما نظر زوج أمى إلى الخارج، رأى مشهدًا لم يسبق له مثيل من قبل.. ليس الصليب الحديدى المخيف، وليس الصليب المعقوف (علامة النازية)، ولكن دبابة عليها ٥ نجوم».
وأضاف: «بطريقة متهورة، اندفع زوج أمى نحو الدبابة، وعندما وصل إليها فتحها وظهر له جندى أمريكى من أصل إفريقى يحدق به، فجثا على ركبتيه وقال الكلمات الثلاث الوحيدة التى كان يعرفها باللغة الإنجليزية: (بارك الله أمريكا)، فرفعه الجندى إلى الدبابة.. إلى الحرية هناك فى أمريكا»، ثم عقب وزير الخارجية الأمريكى الجديد: «هذه هى القصة التى نشأتُ معها.. قصة حول ماهية إسرائيل وما تمثله، وماذا تعنى قيادة الولايات المتحدة للعالم».
ورغم محاولة أقلية من المشرعين والمدافعين عن الحزب الديمقراطى فى الولايات المتحدة تحويله إلى اليسار فيما يتعلق بقضايا إسرائيل، واقترح تقدميون، من بينهم بيرنى ساندرز، أن تكون مساعدة إسرائيل مشروطة بخيارات سياسية معينة- رفض «بلينكن» ذلك بشدة، مشددًا على أن سفارة بلاده ستبقى فى القدس، وستدعم إسرائيل بقوة فى الأمم المتحدة.
وعندما أعلن «بايدن» عن رفضه بشدة حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، أيده «بلينكن» ودعمه بقوة، وبارك اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، التى نجحت إدارة «ترامب» فى التوصل إليها، كما أنه يرى تطبيق «حل الدولتين» احتمالية ضعيفة، على الرغم من أن إدارة «بايدن» لا تزال تعتبرها الطريق الأفضل لـ«ضمان مستقبل إسرائيل».
ونتيجة هذه المواقف يحظى وزير الخارجية الأمريكى الجديد بتقدير كبير على الصعيد الإسرائيلى، ويحظى باحترام المسئولين هناك، حتى عندما كان على خلاف معهم.

نائبة وزير الخارجية صوت الحكومة الإسرائيلية فى مفاوضات الاتفاق النووى مع إيران

يعرف المتابعون للوضع السياسى على المستوى الدولى جيدًا اسم ويندى شيرمان، نائبة وزير الخارجية، فقد كانت على رأس الطاقم الأمريكى المسئول عن المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووى، فى عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وارتبط اسم «شيرمان» بالمفاوضات مع إيران حتى قبل تعيينها من قبل «أوباما» على رأس طاقم المفاوضات، الذى جاء لأكثر من سبب، من بينها خبرتها الكبيرة فى التفاوض التى تتوافق مع إصراره على حسم المشكلة مع إيران، كما أنها سياسية قبل أن تكون دبلوماسية، من خلال وجودها فى «الكونجرس» الأمريكى، وبالتالى تدرك جيدًا التبعات السياسية للمناورات الدبلوماسية، وهى ذات الأسباب التى جعلت «بايدن» يختارها فى منصب نائب وزير الخارجية.
ورغم أن «شيرمان» ترى ضرورة العودة إلى المفاوضات مع إيران الآن، وهى الفكرة التى تقلق إسرائيل، لكن الخلفية الاجتماعية والسياسية التى خرجت منها نائبة وزير الخارجية الأمريكى تخفف من حدة هذا القلق لدى القيادات فى تل أبيب. فما لا يعرفه كثيرون أن نائبة وزير الخارجية تنتمى إلى عائلة يهودية غنية ومهمة فى نيويورك، وتربت فى بيت يهودى بمدينة بالتيمور، وكانت ناشطة اجتماعية، وتولت مهمتها السياسية الأولى عندما ترأست مقر عضوة «الكونجرس» بربارة نيكولسكى، التى تعتبر مؤيدة لإسرائيل، مرورًا بمناصب: نائبة وزير الخارجية وورن كريستوفر للشئون التشريعية، ومستشارة مادلين أولبرايت، التى حلت محل «كريستوفر»، ورئيسة مركز قادة الجمهور فى جامعة هارفارد.
ونشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية تقريرًا سابقًا تحت عنوان: «اليهودية التى تقود المفاوضات مع إيران»، تحدثت فيه عن «شيرمان»، واختارتها فى أعلى قائمة «أهم الشخصيات اليهودية لعام ٢٠١٤».
وفى مؤتمر يهودى بولاية واشنطن عام ٢٠١٥، قالت مسئولة المفاوضات مع إيران: «أفخر بانتمائى إلى الجالية اليهودية- الأمريكية، وأود أن أنقل لكم أن الرئيس أوباما يحس بالفخر لعلاقاته القوية مع اليهود، وإسرائيل».
وشددت فى هذا المؤتمر ومؤتمرات أخرى على أن «اتفاقًا مع إيران يحد من قدرتها على إنتاج قنابل نووية أفضل من عدم اتفاق يسمح لإيران بالاستمرار فى إنتاج قنابل نووية»، ولذلك كله يأتى اختيار نائبة وزير الخارجية الأمريكى الجديد مطمئنًا لـ«اللوبى اليهودى» فى واشنطن، على ضوء أهميته فى إطلاع الإسرائيليين على المفاوضات مع إيران خطوة بعد خطوة، فـ«شيرمان» دائمة التواصل مع الحكومة الإسرائيلية.