رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة العالمى.. ميدو والحب الأبدى مع الزمالك واللحظات الأقسى فى أوربا

جريدة الدستور

عاش أحمد حسام ميدو قصة حب مع نادي الزمالك، فرغم أنه هاجر في صباه إلى أوروبا، ليحقق الخطوة الأولى للتوهج والعالمية، لكنه لم ينس الحبيب الأبدي الأول،الزمالك، ظل على عهده به، مستعدًا للحظة التي يقدم فيها تضحيات له، حتى أنه في لحظات تألقه قبل انتقاله لنادي توتنهام أحد أكبر أندية الدوري الإنجليزي، عرض اللعب لمحبوبه الأول، وقت تولي مرتضى منصور رئاسة النادي، وفضلًا عن ذلك، بعدما هتف له جمهور النادي: "ميدو مننا، زملكاوي زينا"، أعلن تنازله عن أربعة ملايين جنيه، مستحقاته لدى الأبيض.

ارتباط أبدي
العلاقة بين "ميدو" ونادي الزمالك، أبدية، لا يحدها وقت، فمن الممكن أن تنهمر دموعه لحظة مشاهدته لجمهور النادي الأبيض على شاشة التلفزيون، فلا ينسى اللحظة التي سافر فيها بـ"ميكروباص" لمؤزرة الزمالك ضد نادي السويس، والتي لم يحالفهم الحظ، وخسروا الدوري وقتها، بهدف اللاعب أحمد متولي.
رفض اللاعب الإنجليزي الشهير ستيفن جيرارد الانضمام لأي نادي آخر في الدوري الإنجليزي، وظل على عهده مع ليفربول، وكان رده على المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو: "لن يلمس جسدي، سوى قميص ليفربول، لن ألعب لناد آخر مهما كانت الإغراءات"، وهو ما يحبذه "ميدو"، رغم الفكر الاحترافي الذي يجيز اللاعب لأي ناد، لكنه رفض كل العروض التي قُدمت له من أندية الدوري المصري، وعلى رأسهم النادي الأهلي الغريم التقليدي لنادي الزمالك، المحبوب الأبدي لـ"ميدو".

الخطوة الأولى
لا ينسى أحمد حسام ميدو، البدايات، لأنها كانت الأصعب في مشواره الكروي، واجه الرفض، التجاهل، من اللحظة الأولى في احترافه في نادي "جينت" البلجيكي، يقول: "رغم أن عمري لم يتجاوز الـ16، 17 عامًا، واجهت الرفض من اللاعبين الكبار في النادي البلجيكي، جميعهم تجاهلوني، لم يعجبهم أن شاب صغير مثلي، يثق في نفسه، لا يلتفت، كانت صدمة كبيرة لي".

ورغم قسوة تلك الفترة، يعتز "ميدو" بها، ثابر وصنع لحظاته الأولى بجدية، بعد أن رفض النادي البلجيكي توفير سيارة خاصة، لعدم امتلاكه رخصة قيادة، كان يستقل المترو، من الفندق للنادي، وحيدًا، دون أصدقاء، كان لا يزال في غمار الصدمة الثقافية.

اللحظات الأجمل والأزمات الكبرى
كانت اللحظة الأجمل في مسيرة احتراف "ميدو" حسبما يراها، في نادي أياكس الهولندي، الذي لعب له فترتين، الأولى بعد انتقاله من بلجيكا، والثانية وعمرها 27 عامًا، حيث كوّن خلالها صداقات مع لاعبين كبار، وحقق بطولات عديدة، الدوري، الكأس، السوبر الهولندي، فضلًا عن قيمة النادي الكبيرة في أوربا.

لم يفقد "ميدو" العالمي، ثقته في نفسه لاعبًا أو مدربًا، لأنه يحاول طيلة الوقت أن يكون الأفضل.

بعد مباراة مع النادي الفرنسي "رين" على ملعبه، حدث خلاف بين "ميدو" وديديه دروجبا لاعب المنتخب الإيفواري، أحرز خلالهما "ميدو" هدف، و"دروجبا" هدفين، لكنهما هزموا، وأصيب "العالمي" في ركبته ووضعها على الكرسي، طلبت منه المضيفة على متن الطائرة الخاصة بالفريق، أن يعدّل الكرسي أمامه، فلم يستجب، لأنه لم يرى أزمة، لتدخل "دروجبا" وحدثت بينهما مشادة.

وأزمة أخرى حدثت بين "ميدو" مع المدير الفني لنادي لـ"أياكس"، على طريقة اللعب الهجومية، فكل منهما كان له وجهة تختلف عن الآخر، "ميدو" يرى أنه لابد أن يهاجم دون أن يعود للدفاع، حتى يتسنى له تسجيل الأهداف، فضلًا عن وجود مهاجم آخر ينتظر الفرصة وهو إبراهيموفيتش الذي يراه "ميدو" أكثر منه مهارة.

وتفاقمت الأزمة بين "ميدو" و"كومان" إلى أن رحل "العالمي" عن الفريق الهولندي، للعب لصالح نادي "سيلتا فيجو" الإسباني، وشارك معهم في آخر ثمانية مباريات، وأحرز أربعة أهداف، وتأهل للبطولة الأوربية للمرة الأولى في تاريخ النادي، قال: "لعبت كورة جيدة جدًا، بغض النظر عن الأهداف".

لم يكن لدى النادي الإسباني سيلتا فيجو ميزانية كبيرة، لكنه اللاعب المصري كان سعيدًا بهذه التجربة للغاية، لكن المقابل المادي وراتب "ميدو" كان صعبًا وثقيلًا للغاية على النادي الإسباني، لم تستطع الإدارة التكفل به بمفردها، فل ظل تحمل أياكس الهولندي نصف الراتب.

بعد انتقال "ميدو" إلى الدوري الإنجليزي، للعب لنادي "توتنهام" سجل في مباراته الأولى ضد نادي "بورتثموث" هدفين، لذا لا تغب هذه المباراة عن خاطرة أبدًا، قال أثناء وجوده في برنامج "الماتش":"كنت قادمًا من نادي روما، بعد فترة طويلة عن المشاركة في المباريات، ولم أكن مشاركًا في هذه المباراة، كنت قد وصلت للتو من إيطاليا، لكن مهاجم الفريق كانوتيه أصيب قبل المباراة، فاستفسر منه مارتن يول مدرب الفريق عن إمكانية اللعب، فأبلغته أنني أتمكن من اللعب لمدة 60 دقيقة، وسأكون سبب الفوز بالمباراة، وكانت هي المرة الأولى التي أشارك فيها في الدوري الإنجليزي، وبالفعل أحرزت هدفين".

القدر يحكم
يحكي العالمي عن وكيله الإيطالي مينو رايولا، أحد أشهر وكلاء لاعبي كرة القدم الكبار في العالم: "كنت أجلس مع إبراهيمو فيتش في أحد المطاعم بمدينة نيس، رفقة مينو، وإحدى المحاميات تدعى رافايل، وقت أن كان السويدي لاعبًا في أياكس الهولندي، وأنا ألعب لنادي مارسليا الفرنسي، ووقتها كان الناديين الإيطاليين روما، واليوفينتوس يخططون لشراء إبراهيموفيتش، وإذا فشل، ينتقلون للخطة الأخرى وهي التعاقد معي، وكان السويدي يفضل الانتقال لروما، وأنا لم يكن لدي المانع للعب لأيهما، ووصلتنا مكالمة هاتفية أن روما قد توصل لاتفاق مع أياكس على شراء إبراهيموفيتش مقابل 17 مليون يورو، وبذلك سأنتقل أنا لليوفي، وبالفعل تم حجز تذاكر الطيران، للسفر إلى تورينو لإجراء الفحوصات الطبية، وأثناء وصولي للمطار، هاتفني مينو وأبلغني أن اليوفي توصل لاتفاق مع أياكس الهولندي للحصول على خدمات إبراهيموفيتش مقابل 19 مليون يورو، وبذلك قد تبدل التعاقد وسأنتقل لروما، وهو ما حدث".

ويرى "ميدو" أن المدير الفني كابيلو قد ساعد إبراهيموفيتش وسانده في تلك الرحلة، بعدما فضّله على اللاعب الشهير ديلبيرو، رغم أنه لم يسجل سوى ستة أهدف فقط في الموسم الأول، في الوقت الذي لم يجد فيه ميدو نفس المساندة، بعدما ساءت الأمور في روما، وتغير الجهاز الفني الذي كان صاحب قرار التعاقد معه.

يحكي "ميدو": "عُرض علىّ اللعب للنادي الأهلي، منذ أن كنت 17 عامًا، أكثر من مرة، وسط رحلتي الاحترافية، إلى اللحظة الختامية قبل انتهاء مشواري الكروي، لكن الأمر كان غير قابل للنقاش، لن ألعب سوى للزمالك". حسب حواره في برنامج "حصاد الأسبوع" على قناة "دي إم سي".

حب المنتخب
يعترف أحمد حسام ميدو، أنه تعلم حب المنتخب المصري من الجيل الذي شارك رفقته، حسام حسن، أحمد حسن، هاني رمزي، وهو يجعله سعيدًا، لتألقه في تلك الفترة التي ساعدته للمشاركة معهم، يقول "علموني أني أبقى راجل، وأحب المنتخب، لأنهم كانوا جيلًا مختلفًا، كان من الممكن أن يكمل حسام حسن المباراة، بكتف مخلوع، وضلع مكسور، دون أن يشتكي".

لكن الحظ لم يحالفه، فيما بعد، فقد كانت اللحظة الأكثر تألقًا، في وقت تغيير وظهور جيل آخر، لم يشارك معه في مباريات كثيرة، لأزمته الشهيرة مع المدرب المصري حسن شحاتة.

يوجه "ميدو" لنفسه السهام، قبل أن تصدر من الآخرين، فيحكي عن أزمته التي واجهها مع لاعبي المنتخب المصري، يقول "كان عندي أزمة، إني مبقولش حد يا كابتن، لأني تعودت في أوربا، بمناداة المدرب باسمه، كيف أنادي زميلي في المنتخب بلقب كابتن، ووقتها عُقد اجتماع مع الكابتن جوهري الذي طلب مني مناداتهم بالكابتن".

وأصر أحمد حسام ميدو على موقفه، بل أبلغ "الجوهري" بأنه قد يضطر لعدم الالتحاق بالمنتخب المصري، إذا أجبروه على قراراهم: "أنا كنت مقتنع إن كلمة كابتن هتعطلني، وهتعطل أي لعيب صغير"، وتخلصًا من هذه العقبة، ابتكر عدة ألقاب للاعبين، مثلا، حسام حسن "بابان"، إبراهيم حسن "الغزال"، ومرت الأمور، وتقبلها الجميع.

المثل الأعلى
بعد رحلته الطويلة، في الملاعب، وصعاب الحياة، يعترف أحمد حسام ميدو، أن والده هو المثلى الأعلى.
يرى أن جيل والده، مواليد 48، لابد أن يُنظر إليهم بعين التلميذ، للتعلم منهم، واكتساب الخبرات، يقول "كان أبويا يشتغل في فترة من الفترات، ستة أو سبع شغلانات، من من الممكن أن يأتي للنوم ساعة واحدة، ثم يخرج لبدء العمل ليلًا، تعلمت منهم تقديس العمل والإخلاص فيه، وتعلمت منه العمل قبل أي شئ".

وقت بث أهداف مباريات الدوريات الأوربية على شاشة القناة الثالثة بالتلفزيون المصري، كان والد "ميدو" يلفت انتباهه قائلًا "اللي ملعبش مع الناس دي ملعبش كورة" وهو ما ساعده على توطيد فكرة الطموح بداخله، لم تغب الكلمة من باله، وكان نصب عينيه للعب في أوربا.