يوسف فاخوري يرصد التاريخ الإنساني للسد العالي
فى كتابه «التاريخ الإنسانى للسد العالي»٬ الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة٬ يرصد الكاتب والروائى يوسف فاخورى التحولات الاجتماعية التى أثرت على العاملين فى هذا المشروع الضخم، وعلى أهل أسوان وجنوب الصعيد تحديدًا، ثم تأثيراته على المجتمع المصرى ككل، إذ لم يتوقف تأثير السد العالى على الدورة الزراعية وجعلها متاحة أكثر من موسمين كما كان الحال قبله، ولا على الكهرباء التى دخلت كل بيت مصرى خاصة فى الريف والقرى التى كانت محرومة من الإنارة قبل بنائه، بل تمثلت فى الحراك الاجتماعى والاقتصادى للشعب المصرى.
يذهب فاخوري إلى أن الفرق بين ما قبل وما بعد السد العالى، فى شهادة «وليم كيرلس»، وكيل البنك الأهلى بأسوان حتى عام 1969، فعن حجم التعامل فى البنوك فترة الخمسينيات فى أسوان يقول: «فترة الخمسينيات كان البنك الأهلى هو البنك الوحيد فى أسوان، وافتتح بنك مصر بعد كده من خمس لعشر سنين، وفتح بنك إسكندرية وبنك اسمه الجمهورية، البنوك دى ماستمرتش، يعنى بنك الجمهورية اندمج فى بنك إسكندرية، وأصبح فيه 3 بنوك بس: الأهلى وبنك مصر وبنك إسكندرية، فى الخمسينيات الشغل نفسه مكنش يكفى يشغل البنوك دى كلها، الحركة فى البلد كانت ضعيفة والمشاريع مكنتش لسه ابتدت وقاصرة على عمليات محدودة، كانت قاصرة على التجار والمعاملات الطبيعية حسابات جارية وحسابات القروض بسيطة، التجار بيكون عليهم كمبيالات وحاجات من هذا القبيل، بعد كده بدأ مشروع مناجم الحديد والصلب والسد العالى واتسعت المعاملات، كان مثلًا فى خزان أسوان شركة (هوختيف) وشركة باتنيول وشركة مرسيليا، دول كانوا بيتعاملوا مع البنك الأهلى وهو اللى فى الصدارة، العمليات بتاعتهم كبيرة ييجوا ياخدوا مصاريف العمال، وكوم أمبو شركة السكر كان مندوب يجيى ياخد القبض بتاع العمال، ماكنش فى بنوك فى كوم أمبو خالص».
وتابع: «بعد كده لما بدأت المعاملات تتغير ولما بدأ مشروع تهجير قرى النوبة، دا كان مشروع كبير جدًا، بلاد النوبة كان فيها النوبيون وفيه آثار فرعونية وقبطية، حاولوا ينقذوا أكبر عدد من المعابد والكنائس وقرروا يعملوا قرى بديلة نواحى كوم أمبو بنفس أسماء القديمة، وابتدى النشاط فى كوم أمبو وأسوان لأن تجار وعمال المعمار ابتدوا يشتغلوا كويس قوي، وأثرت فى أسوان باعتبار أنها المدينة والمشاريع جنبها».
وأضاف: «بدأت حركة ازدهار فى كل المجالات تقريبًا، لأن أسوان كانت محدودة جدًا قبل كدا، إللى أحيا أسوان فعلًا المشروعات بتاعة بحرى كوم أمبو دا كان موجود من زمان إنما ابتدى يشتغل واستوعب نسبة كبيرة من العمال، وده نتج عنه وجود حركة شغل وازدهار طبيعى فى البلد كلها، كان فى تجار مشهورين ابتدوا يرتفعوا شوية لأن البلد كبرت والمعاملات اتسعت والمشروعات كترت وحصلت نقلة فى النواحى المالية والاقتصادية».