جدل بين العلماء بشأن تأخير إعطاء الجرعة الثانية من لقاحات كورونا
سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على الجدل الذي احتدم مؤخرًا بين العلماء دوليًا، وفي الولايات المتحدة وبريطانيا تحديدًا، بشأن ما إذا كان من الممكن تأخير إعطاء الجرعة الثانية من لقاحات فيروس كورونا أم لا من أجل احتواء تفشي الفيروس بشكل أفضل.
وذكرت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني، اليوم الإثنين، أنه في الوقت الذي تهرع فيه الحكومات حول العالم إلى تطعيم مواطنيها، دخل العلماء وصناع السياسات في جدل محتدم حول سؤال مفاجئ: هل يكون الخيار الأكثر حكمة هو الاحتفاظ بجرعات اللقاح الثانية التي سيحتاجها الجميع أم تطعيم أكبر قدر ممكن من الأشخاص الآن وتأخير إعطاء الجرعات الثانية؟.
وأضاف التقرير أنه نظرًا إلى أن الجرعات الأولى أظهرت أنها توفر قدرًا من الحماية، يعتقد بعض الخبراء أن الطريق الأقصر لاحتواء الفيروس هو نشر الجرعات الأولى على أوسع نطاق ممكن الآن، ولذلك قرر المسئولون في بريطانيا بالفعل تأجيل الجرعة الثانية من لقاحي "أسترازينيكا" و"فايزر" كوسيلة لتوزيع الحماية الجزئية التي توفرها جرعة واحدة على نطاق أوسع.
ولفت إلى أن مسئولي الصحة في الولايات المتحدة عارضوا الفكرة بشدة، وقال الدكتور أنطوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في البلاد، في مقابلة مع "سي إن إن" يوم الجمعة: "لن أؤيد ذلك... سنستمر في فعل ما نقوم به".
وأشار التقرير إلى أن هذا الجدل يعكس حالة الإحباط من أن قلة قليلة من الأمريكيين قد حصلوا على الجرعات الأولى، حيث ظلت عملية الطرح العام للقاحات مليئة بالمطبات خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وكشف عن اصطفاف كبار السن في وقت مبكرة للحصول على اللقاحات في إحدى مدن ولاية تينيسي، لكن الجرعات اختفت بحلول الساعة 10 صباحًا أما في هيوستن، تعطل النظام الهاتفي التابع لوزارة الصحة يوم السبت، في اليوم الأول لفتح عيادة تطعيم مجاني.
وقال إريك جارسيتي، عمدة مدينة لوس أنجلوس، التي أصبحت الآن مركزًا للوباء، إن توزيع اللقاح يسير ببطء شديد، فيما تضاعف عدد مرضى "كوفيد-19" في مستشفيات ولاية كاليفورنيا خلال الشهر الماضي.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن اللقاحات المصرح بها في الولايات المتحدة حتى الآن هما لقاحا "فايزر- بيونتيك" و"موديرنا"، فيما أعطت بريطانيا الضوء الأخضر للقاحي "فايزر- بايونتك" و"أكسفورد- أسترازينيكا"، وجميعها يُعطى على جرعتين وفقًا لجدول زمني صارم.. مشيرة إلى التجارب السريرية لـ"فايزر-بايونتك" و"موديرنا" أظهرت أن اللقاحات كانت فعالة للغاية في الوقاية من "كوفيد-19" عندما أعطيت على جرعتين تفصل بينهما ثلاثة أو أربعة أسابيع.
وأضافت: "يبدو أن قدرًا من الحماية يبدأ بعد تلقي الجرعة الأولى من اللقاح، ومع ذلك، يجادل بعض الخبراء الآن بأن نشر لقاحات أضعف بين السكان من خلال التركيز على الجرعات الأولى قد ينقذ أرواحًا أكثر من ضمان تلقي نصف عدد الأفراد للجرعتين في الموعد المحدد".
ورأت الصحيفة أن ذلك سيكون خروجًا ملحوظًا عن الخطة الأصلية، فمنذ بدء طرح اللقاحات الشهر الماضي في الولايات المتحدة، تم الاحتفاظ بالجرعات الثانية من اللقاحات لضمان توفرها للأشخاص الذين حصلوا على الجرعات الأولى، لكن في بريطانيا، طُلب من الأطباء تأجيل مواعيد الجرعات الثانية التي كانت من المقرر إعطاؤها في يناير، حتى يتسنى إعطاء تلك الجرعات لآخرين كجرعات أولى، ويؤجل المسئولون هناك الجرعات الثانية من اللقاحات حتى 12 أسبوعًا من تلقي الأولى.
وقال مسئولو الصحة البريطانيون إن لقاح "أسترازينيكا" كان فعالًا بنسبة 73% مع المشاركين في التجارب السريرية بعد ثلاثة أسابيع من تلقي الجرعة الأولى وقبل الحصول على الجرعة الثانية.
ونقلت الصحيفة عن بعض الباحثين قولهم إنهم يخشون من أن نهج الجرعة المتأخرة يمكن أن يكون كارثيًا، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تتعثر عمليات الطرح بالفعل بسبب العقبات اللوجستية وطريقة تحديد الأشخاص ذوي الأولوية في الحصول على اللقاح أولًا.
وقال مسئولو الصحة الفيدراليون، الأسبوع الماضي، إن نحو 14 مليون جرعة من لقاحي "فايزر- بايونتك" و"موديرنا" جرى شحنها في أنحاء الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أنه حتى صباح يوم السبت، حصل 4.2 مليون شخص فقط على جرعاتهم الأولى، وهو رقم من المحتمل أن يكون أقل من الواقع بسبب التأخر في الإبلاغ، ورغم ذلك، فهو يقل كثيرًا من الهدف الذي حدده مسئولو الصحة في ديسمبر، وهو إعطاء 20 مليون شخص جرعاتهم الأولى بحلول نهاية عام 2020.