«إيدز النخيل».. كيف واجهت الدولة سوسة التمور؟
دخلت وزارة الزراعة في مواجهة عنيفة مع «سوسة النخيل» التي باتت تهدد الثروة القومية من التمور التي تشتهر بزراعته محافظة الوادي الجديد، وذلك بعد تفشي المرض في المحصول الاستراتيجي للبلاد.
يقول الدكتور محمد صبري، أستاذ أمراض النباتات، لـ«الدستور»، إن سوسة النخيل في حجم الذبابة وتعد حشرة قوية وخطيرة للغاية والتي جاءت إلى مصر من الخارج ولا تصيب سوى النخيل.
وأضاف صبري، أن قوة الحشرة تجعلها تحفر في جذع النخل مستخدمة أسنانها التي تشبه المنشار، ويصدر عن ذلك صوتًا يمكن سماعه، ومن ثم تصنع مدخلًا في النخلة، وتصل إلى قلبها "الجمار"، وفور وصول هذه الحشرة إلى قلب النخيل التي تصبح النخلة المصابة بالسوسة معرضة للإصابة بكل الأمراض الأخرى، لذلك أطلق عليها اسم "إيدز النخيل"، إضافة إلى ذلك فإن هذه السوسة تتكاثر داخل النخلة لتنتج أجيالًا جديدة منها يمكنها أن تسافر لمسافات بعيدة لنقل المرض.
وأشار أستاذ النباتات إلى أن مقاومة "سوسة النخيل الحمراء" لا بدّ أن تبدأ بشكل وقائي مثل الاهتمام بتغذية النخيل ونظافة المزرعة والاهتمام بتدريب الباحثين والاستعانة بهم لضمان حلول جديدة وفعالة، مشددًا على ضرورة محاربة السوسة من خلال صعقها بطرق معينة، أو كيماويًا بصناعة حفر صغيرة في الشجرة ووضع مواد كيماوية تعمل عمل فخ لها واستخدام المبيدات والحقن وغيرها من الطرق الأخرى.
جهود مكافحة السوسة
وتعمل الدولة ممثلة في وزارة الزراعة على بذل العديد من الجهود لمكافحة سوسة النخيل تلك من خلال عدة وسائل أولها نشر مجموعات من فرق مكافحة سوسة النخيل من أجل الكشف المبكر عنها وعلاجها قبل أن تصل إلى مرحلة متقدمة في الإصابة والاضطرار إلى إعدام النخلة بدلًا من علاجها.
وفور تلقي البلاغات من الآهالي يجرى الانتقال إلى الموقع للفحص، ويجرى الحقن اللازم للقضاء على هذه السوسة فورًا، ويجرى كل ذلك بالمجان على حساب وزارة الزراعة، وكذلك تعمل وزارة الزراعة على تدريب شباب المزارعين والخريجين على عمليات الفحص واكتشاف الإصابة المبكرة لتلك الحشرة من أجل الحد من الإصابات بها.
وتحظر الوزارة دخول فسائل جديدة من خارج المحافظة، لكي لا تنتشر الإصابات إلى أن تستكمل حملات فحص أشجار النخيل، وعن طريق الأكمنة المختلفة التي تتولاها مديريات الأمن يتم عدم السماح بمرور السيارات المحملة بفسائل النخيل على الطريق بين مراكز وقرى لمنع هذا الانتشار.
ومع الهجوم الأخير لهذه الحشرة سمحت وزارة الزراعة بزيادة الاعتمادات المخصصة لمبيدات حشرة سوسة النخيل الحمراء "إيدز النخيل"، بالوادي الجديد، إلى 850 ألف جنيه بدلًا من 110 ألف جنيه، كما وفرت الجمعية التعاوني الزراعية المركزية 20 جهازًا لحقن هذه المبيدات.
وعمدت الوادي الجديد إلى تفعيل قرار محافظ الإقليم محمد الزملوط رقم 297 لسنة 2017، بشأن إلزام مزارعي النخيل على مستوى المحافظة برش النخيل ضد سوسة النخيل الحمراء، الذي ينص في مادته الأولى أنه يلتزم مزارع النخيل بالمحافظة اتخاذ إجراءات الرش العلاجي بالمناطق المصابة بسوسة النخيل والرش الوقائي بالمناطق غير المصابة بسوسة النخيل وتحت إشراف جهاز المكافحة بمديرية الزراعة.
أما المادة الثانية منه، تنص على أنه يتولى جهاز المكافحة بمديرية الزراعة اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المزارعين الذين يتقاعسون في الرش العلاجي للمناطق المصابة بسوسة النخيل والرش الوقائي للمناطق غير المصابة بسوسة النخيل وفقا لأحكام المادة رقم 93 بند "ط" بند أ بالمادة 97 التي تنص، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 6 أشهر وغرامة لا تزيد عن 100 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحد البنود من المادة 73 وذلك بتحرير محضر مخالفة وإخطار النيابة العامة به.
وتم تكليف جميع المشرفين الزراعيين على مستوي القطاع الزراعي بالمرور على مزارع النخيل للتأكد من عمليات الرش العلاجي والوقائي، والتشديد على التزام المزارعين ورش النخيل والعلاج حتى لا تطبق عليهم أحكام القرار، إضافة إلى ذلك تم التشديد على حضور الندوات الإرشادية والتوعوية بالمساجد ودور المناسبات والتدريب العملي والنظري بالمحطة الإقليمية للبحوث الزراعية بالخارجة وكذلك المعمل المركزي لأبحاث وتطوير نخيل البلح للاستفادة من التجارب الزراعية بالداخلة لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، وكذلك الاستفادة بالتدريب على اكتشاف الإصابة وعلاج نخيلهم حفاظا على هذه الثروة القومية.
وتعد نتيجة هذه الجهود أنه تم إعلان خلو واحتي باريس وبلاط بالوادي الجديد من إصابات سوسة النخيل بجميع المزارع والحقول، عقب تشكيل فريق قسم المكافحة لفحص النخيل بمركز باريس والتأكد من خلوه من أي إصابات بهذه السوسة الحمراء.