رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إبراهيم نجم يكتب: التنمر الحقوقى

إبراهيم نجم
إبراهيم نجم

أثارت التصريحات التى أطلقها البرلمان الأوروبى بحق ملف حقوق الإنسان فى مصر موجة استياء عارمة، ورفضًا شديدًا لدى كل القوى الوطنية المصرية، إذ اعتبرت تلك التصريحات المسيئة تدخلًا سافرًا غير مقبول فى الشأن المصرى، ولا شك أن ملف حقوق الإنسان من الملفات التى دأبت تلك القوى الخارجية على استعمالها كورقة ضغط عند اللزوم لاستصدار قرارات معينة أو تغيير المسار السياسى أو الاقتصادى للدول نحو اتجاهات محددة، فما هى إلا عملية ابتزاز لا علاقة لها فى الحقيقة بالدفاع عن حقوق الإنسان من قريب أو بعيد، أو إن شئت فقل «كلمة حق أريد بها باطل».
هذه التصريحات المسيئة التى لا قيمة لها فى الواقع ولا أساس لها من الصحة لم تحترم الخصوصية الحضارية والثقافية للشعب المصرى ولا للدولة المصرية، إذ إنها نددت وبشكل فج بالقوانين التى تجرّم العلاقات المثلية الشاذة، التى اتفق على تجريمها شعب مصر بكل أطيافه ومعتقداته، فلا الإسلام ولا المسيحية يقبلان ذلك النوع من الممارسات التى تخرج عن أصل الفطرة وتدمر أركان الأسرة والمجتمع.
ولم يكتفِ البرلمان بهذا، بل ندد بالقوانين والتشريعات المصرية التى تحارب الإرهاب وتضع العقوبات الرادعة والقصاص العادل بشأن فئة إرهابية مجرمة تستحل الدماء والأرواح وكل المحرمات باسم الدين، فلماذا يتعاطف البرلمان الأوروبى مع الإرهاب ويندد بالقوانين والتشريعات التى أصدرها برلمان الشعب المصرى بما يضمن حمايته ويصون مقدراته من خطر الإرهاب الذى يدمر كل شىء؟
إذا كان البرلمان الأوروبى لا يستطيع أن يفهم قضية الخصوصية الدينية والحضارية فى قضية المثلية، فما باله يتعاطف مع الإرهاب والإرهابيين الذين هم ضد الإنسانية من حيث هى إنسانية؟، ولماذا يردد البرلمان الأوروبى، الذى لا صفة له، كل هذا الكم من الأكاذيب والافتراءات بحق ملف حقوق الإنسان والسجناء فى مصر، ويزعم كذبًا وزورًا أن هناك محتجزين بشكل غير قانونى داخل مصر؟، وقد فنّدت مصر من قبل وبشكل رسمى وبالأدلة والمستندات الدامغة، أمام الاتحاد الأوروبى وفى كل الأوساط الرسمية، كل هذه الأكاذيب، وبينت بما لا يدع مجالًا للشك كذب ما يردده الإخوان وبعض التيارات السياسية الفاشلة بشأن قضية الاعتقال والاختفاء القسرى والمحاكمات خارج إطار القانون.
وقد بات مكشوفًا ومفضوحًا أسباب الضغط على مصر ومحاولة ابتزازها تحت ستار حماية حقوق الإنسان، فما هى إلا محاولة إيقاف مسيرة مصر وعرقلة توجهها نحو التنمية الشاملة والتطوير والتحديث المستمر الذى يقوده فخامة الرئيس السيسى، وأيضًا عرقلة مصر عن «حربها ضد الإرهاب» التى أعطاها قوة وزخمًا على مستوى العالم، وهذه العرقلة لا شك لصالح التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية.
ونحن نثق فى قدرة وتمكن القيادة المصرية، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، على إدارة هذا الملف والتعامل معه بحكمته المعهودة وخبرته الفائقة، وحنكته التى عرف بها فى العديد من المواقف الصعبة التى مرت بها مصر.
بيد أننا نلفت نظر بعض المتحمسين الذين يستدعون الخطاب الحماسى الذى كان يوجه فى مثل هذه الظروف بما يحمله من التهديد بالحرب والصدام والمواجهة والويل والثبور وعظائم الأمور- إلى أن هذه الطريقة لم تعد مناسبة ولا مجدية لهذا العصر وتلك الظروف والمعطيات السياسية، والأنسب من هذا أن نلتف بكل قوة، أفرادًا ومؤسسات، حول قيادتنا ودولتنا، أو إن شئت فقل حول وطننا العزيز مصر.
ولا شك أن على الإعلام واجبًا كبيرًا يتجاوز الاكتفاء بالخطاب الداخلى، بل على إعلامنا بكل أطيافه، إضافة إلى الهيئة العامة للاستعلامات، أن يخاطب الرأى العام العالمى وأن يفند بالأدلة والمستندات هذه الأكاذيب، فلا بد أن يعلم العالم كله حقيقة ما يجرى فى مصر، ومدى نزاهة وسلامة وقوة الموقف المصرى فى ملف حقوق الإنسان، وأن هناك دولًا كبيرة تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، وهى تنتهك حقوق الإنسان بشكل فاضح.
كما ينبغى على كل الجبهات الداخلية أن تتكاتف وتتوحد من أجل مواجهة هذه التهديدات التى هى بمثابة حرب قذرة غير مبررة ضد مصر، ومن مقتضيات توحيد الجبهة الداخلية الالتفات لعمل الخلايا النائمة فى الداخل والخارج، التى سوف تستغل هذا الجدل الذى أحدثته تصريحات البرلمان الأوروبى، وتطلق كمًا كبيرًا من الشائعات والأكاذيب بحق مصر وما يحدث فيها، والمراهنة دائمًا على وعى الشعب المصرى الأبى وإدراكه أبعاد المؤامرة ضد مصر ومحاولة إخضاعها حتى تعود مرة أخرى إلى الوراء إلى عهد حكومة الإخوان الخاضعة الخانعة لكى تتخلى مصر عن إرادتها وقدرتها على اتخاذ قراراتها التى تراها مناسبة لها، متماشية مع مصالحها.
إن هؤلاء السذج فى البرلمان الأوروبى لا يريدون تصديق أن مصر قد تجاوزت هذه الترهات منذ زمن بعيد، وأنها تغلبت على تحديات أكبر من ذلك بكثير، وأنها لن تقبل أى ضغط للعودة إلى عصر الفوضى والضعف والهشاشة والسطحية والسذاجة التى كانت عليها حكومة الإخوان.
أما عن سجوننا، فقد فُتحت مرارًا وتكرارًا أمام المنظمات الدولية وحقوق الإنسان، وقتلت هذه القضية بحثًا وأخذًا وردًا، وتبين لكل القوى بما لا يدع مجالًا للشك كذب أقاويل الإخوان، وكذب من ردد كلامهم أو استغله من أجل الابتزاز والضغط.
وفى الحقيقة، فإن هذه المواقف على ما فيها من مواجهة سخاقات وبذاءات، إلا أنها سوف تعكس كالعادة قوة وصلابة الشعب المصرى، وقدرة قيادته الحكيمة على تجاوز هذه العراقيل، والخروج من تلك المواقف أقوى وأصلب لأن صاحب الحق دائمًا منصور مؤيد، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز.