رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرفيق (9)| «اليوم قطعوا رجلي».. أيام «مارادونا» الصعبة

مارادوانا
مارادوانا

"كنت قد استقررت فعلًا في منزلي الجديد في "كالي أرجيرتيش" مع باقي أفراد عائلتي جميعًا، كان لدينا شقة في الخلف وكان لعائلة "فيلا فاني" شقة مطلة على الشارع، كان يسكن فيها "دون كوكو"، وهو سائق تاكسي من مشجعي فريق "أرجنتينوس"، و"دونا بوتشي" وهي ربة منزل، و"كلوديا".. هكذا استرجع دييجو أرماندو مارادونا ذكرياته عن أيامه الأولى في فريق "أرجنتينتوس"، في مذكراته المنشورة بعنوان "أنا الدييجو".

يحكي "مارادونا" عن تلك الأيام، 1977، أنه كان يذهب للرقص في مكانه المعتاد في "سوشال ديبورتيفو بارك"، على وقع آلات الموسيقية للجاز، التي كان يؤديها أطفال صغار، الذين أصبحوا أعضاء في نادي "أرجنتينوس" بعد ذلك، وكان الرقص بعد الساعة الثانية صباحًا، يتحول للسلو "البطيء".

كان "دييجو" يذهب إلى هناك للرقص، يوقف سيارته الفيات 125 الحمراء عند الباب، في الوقت الذي يراقب فيه صديقته "كلوديا" التي تأتي مع صديقاتها من السنة الخامسة، يقول:" كلانا نعرف بأننا كنا نراقب بعضنا البعض، ولذلك عندما أومأت لها برأسي قبلت على الفور، وفي اللحظة المناسبة تمامًا بدأنا بالرقص، حتى إننا لم نلق التحية على "بعضنا"، ووضعوا أغنية "أتقدم لخطبتك" للمطرب "روبيرتو كارلوس" رائع، وفرت عليَّ الكلام، لم أكن بارعا في الكلام مطلقًا، ومنذ ذلك الوقت أصبحنا "إل دييفو" و"لا كلوديا". ولا نستطيع أن نفترق عن بعضنا البعض، أنا لا أقول إنها لم يكن عليها أن تتعود على أمر أو أمرين".

ويتابع "دييجو" الحكي عن في مذكراته، عن استعداداته للمباريات، بعد ليالي الرقص، بأنه في إحدى الليالي عاد من حفل رقص متأخرًا في السادسة صباحًا، لم يكن قد نام لحظة واحدة، لكنه أخذ حمامًا واتجه لملعب التمرين، ورغم أن والده شاهد كل ذلك لكنه لم يوجه له كلمة لوم واحدة، عندما عاد في الظهيرة، لكنه كان يوبخ "كلوديا" ويصرخ في وجهها قائلًا:"عليك أن لا تستمري في إبقاء ابني خارجًا حتى ذلك الوقت المتأخر، عليك أن تعتني به بشكل أفضل إن لديه تمارين يجب أن يحضرها".

وعن تلك اللحظة يروي "مارادونا":" أردت أن أزحف وأتسلل إلى حفرة لأختبئ لأنني لم أكن قد خرجت مع كلوديا تلك الليلة".

كان "دييجو" يعتقد أنه يمكنه المشاركة في مباريات كأس العالم لعام 1978، لشعوره بأنه يقدم مستويات متقدمة، وقوية، لكن المدير الفني للفريق "مينوتي" استبعده من صفوف المنتخب الأرجنتيني، وعن ذلك قال "مارادونا":"لم أسامح مينوتي، على ذلك، ولن أسامحه، وأعتقد أنه أخطأ التقدير في تلك المرة".

ويسترجع "مارادونا" تلك اللحظات، ويقول، أن السماء كانت تمطر في "خوسي باز" في أرض "ناتاليو سالفاتوبي" حيث كان الفريق مجتمعًا، ودعاهم "سكيني" إلى منتصف الملعب، كانوا خمسة وعشرين لاعبًا، خمسة منهم يحلمون رقم "10" فيلا، ألونسو، فالنسيا، يوتشيني.

كان "مارادونا" يعتقد أن اللاعب المحبب لدى "آل فلاكو" هو فلانسيا، لأنه هو الذي اكتشفه، وبعده كان اللاعب فيلا، وكان ألونسو قم تم ضمه بعد حملة صحفية كبيرة، وتم استبعاد "دييجو" وبوتشيني، قبل أي لاعب آخر.

بكى "دييجو" بعدما علم بنبأ استبعاده وقتها من المشاركة في منتخب الأرجنتين، وكانت تلك من اللحظات الصعبة والمؤلمة في مسيرته.

وكان عام 1994، في 25 يونيو، أحد تلك الأيام التي شعر فيها "دييجو" بأنه لعب بشكل ممتاز، وكان سعيدًا للغاية، لكن جاءته أحد الممرضات، كانت تبحث عنه في كل أنحاء الملعب، ولم يكن لديه شك في أي شيء، يقول:"ولم أشك بشيء. لماذا كان علي أن أشك؟ كنت نظيفًا تمامًا،كنت أحس أنني في أحسن حال وسعيد.. أسعد من أي شخص كان يعرف أنهم كاذبون. بعد ثلاثة أيام، كنت أتمتع بإحدى الإجازات القصيرة التي كان "إل كوكو" يمنحنا إياها بين الحين والآخر، كان الطقس حارًا مثل كل يوم ولكن ذلك لم يزعجنا. كنا سعداء مثل الأطفال".

كان "مارادونا" يجلس رفقة "كلوديا" و"جويكوتشي" وزوجته"آنالورا"، يثرثرون في أي حديث وكان والده هناك أيضًا، عندها أتى "ماركوس" وبدا عليه التجهم والاضطراب وفكر "دييجو" في نفسه، وتساءل "من مات؟"، فرد "ماركوس":"دييجو، أريد أن أتحدث إليك للحظة"، وأخبره بأن نتائج تحليل المخدرات بخصوص مباراة نيجيريا ظهرت إيجابية، بالكاد سمع "مارادونا" الجزء الأخير من حديث "ماركوس"، فقد بدأ يبحث عن "كلوديا"، كانت عيناه مليئة بالدموع.

يقول "مارادونا:" كان صوتي يرتجف عندما قلت لها:"عزيزتي"، نحن خارج بطولة كأس العالم"، وكان كل من حوله،"كلوديا" و"ماركوس"، و"كارماندو" العزيز ذلك المسكين، ولم يجرؤ أحد على قول كلمة، وهكذا قلت لهم كل شئ في عبارة ما أزال أذكرها:"اليوم قطعوا رجليَّ".