رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمهات الأدباء 5| والدة جبران خليل جبران: أنقذته من التشرد في طفولته

جبران خليل جبران
جبران خليل جبران

كان لنشأة الشاعر الراحل جبران خليل جبران تأثير كبير على حياته الإبداعية، فهو ابن بلدة بشرى، التابعة إلى متصرفية جبل لبنان، لكن لم يعش فيها طويلًا، إذ هاجر وهو في الثانية عشرة من عمره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك بدأ تعليمه الرسمي.

في بداية حياته عاش جبران حياة فقيرة جدًا، فكان والده شخص كسول، فضلًا عن اتجاهه للسكر والقمار، واضطر ابنه أن ينصرف عن الذهاب للمدرسة، وكان يكتفي بحضور كاهن القرية حينها الأب جرمانوس، للمنزل وتعليمه للإنجيل والعربية والسريانية، كما تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وتطلع لعدد من الكتب في مجالات التاريخ والعلوم والآداب.

في 25 يونيو لعام 1895؛ قررت والدته كاملة رحمة الهجرة مع أخيها إلى أمريكا، وتحديدا نيويورك، واصطحبت معها كل من جبران وأختيه "ماريانا وسلطانة"، وأخيه بطرس، بعد أن تشردت العائلة بعد أن سجن والده بتهمة الاختلاس وصودرت أملاكه، وابتعدت العائلة عنه بسبب تصرفاته غير المسؤولة حتى بعد خروجه بسنوات.

وفي ولاية بوسطن، سكنت عائلة جبران، وعملت والدته كخياطة متجولة، بينما فتح أخاه بطرس متجرا صغيرا، وبدأ جبران الذهاب للمدرسة واستئناف تعليمه، وتعلم مهارات متعددة كالرسم، وتم استخدام إحدى رسوماته كغلاف لأحد الكتب، وعندما لاحظت والدته انجذابه للثقافة الغربية قررت إرساله إلى لبنان، ليتعرف بشكل أكبر على تراثه الشرقي.

كانت والدة جبران خليل جبران تمتلك شخصية قوية وجريئة إلى أبعد حد، فضلا عن أنها كانت صاحبة نزعة استقلالية، وظهر ذلك في اختيار أزواجها الثلاثة، فالأول عاشت معه في البرازيل ورحل بعد أن انجب ابنهما "بطرس"، وسرعان ما عادت إلى بلدتها بشري، وعاشت لمدة في منزل أهلها، حتى تزوجت مرة ثانية، ولكنها لم تستمر طويلا، فقد طلبت الطلاق بعد شهر واحد فقط من الزواج، ثم تزوجت من والد جبران.

عُرفت والدة جبران بشخصيتها الجريئة والعنيدة، وظلت متمسكة بقناعاتها حتى رحيلها، ونجحت في أن تورث ذلك لابنها جبران، فضلًا عن قوة الشخصية والطموح، الذي ساعده على أن يحقق نجاحا كبيرا في مسيرته الإبداعية، وأصبح واحدًا من أبرز أدباء وشعراء العرب في المهجر، وترك إرثًا كبيرًا من المؤلفات التي ترجمت إلى عشرات اللغات، كما بلغت اعماله الفنية أكثر من 700 عمل فني.