رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة ماجدة ثروت: الإبداع غير مقيد بالقاهرة.. ولا أبحث عن الشهرة (حوار)

الكاتبة ماجدة ثروت
الكاتبة ماجدة ثروت


الكاتبة والقاصة والروائية ماجدة ثروت والتي اختارت العزلة متفرغة للسرد والتي كان آخر أعمالها "قلوب لا تهوى الألم" الصادرة عن دار "يسطرون" وتستعد لإصدار روايتها الثالثة، "ماوراء القلوب والدمع". ماجدة أصدرت من قبل روايتين على نفقتها الخاصة وهي لم تزل مصرة عن البعد عن القاهرة بمركزيتها وأضوائها الإعلامية الساطعة، ماجدة ثروت الدارسة لعلوم البيولوجي من كلية التربية بالغربية وتعمل بمجال الصيدلة وتعكف على الكثير من رؤى الكتابة معتمدة كل الاعتماد على فعل الإبداع متمسكة بالعزلة وعدم الخروج من بيئتها، "الدستور" التقت الكاتبة وسألتها بداية.

• بعد صدور مجموعتك القصصية الأولى "قلوب لا تهوى الألم" حدثينا عن كيفية البدايات وكيف جاء ابداعك الأولي في مسار القصة؟

- بدأت محاولاتي الأولى مع الكتابة في المرحلة الابتدائية ومن خلال مشاركتي في بعض الأنشطة المدرسية والتي منها الإذاعة المدرسية حيث تفردت من بين أصدقائى بأنني دوما ما أكتب المقدمات الإذاعية وألقيها وكذلك الكلمة الإذاعية ومواضيع التعبير وكتابة المسرحيات وبعض أغاني الحفلات لقد كنت شخص دؤوب وكثير المشاركة بالندوات والمبادرات الثقافية التي تقوم بها المدرسة وأذكر أنني في الصف السادس الابتدائي قمت بتأليف مسرحية بمساعدة والدي الذي انتبه لموهبتي الأدبية منذ نعومة أظافري وظل بجواري يشجعني دوما لتنميتها وكان يكتب لي الشعر وألقيه في الإذاعة المدرسية.

وكذلك في المرحلة الإعدادية كان لدي دفتر مذكرات خاص جدا أكتب به مشاعري الخاصة وبعض الخواطر الشعرية والنثرية المرتبطة بالتخبط الملازم لتلك المرحلة الحرجة من حياتي ك فتاة تودع أيام الطفولة وحديثة عهد بمرحلة المراهقة والتي تفاجأت بها دون علم مسبق وقتها تغيرت فكرتي عن القراءة والكتابة بشكل خاص وبدأت رحلة البحث عن الصديق الوفي دائما في زيادة المعرفة ألا وهو الكتاب وقضيت المرحلة الإعدادية والمراحل الدراسية التي تليها ما بين المكتبات والكتب وبالتالي زاد شغفي بالكتابة.

ذات مرة وأنا بالصف الثاني الإعدادي عثرت أمي علي ورقة مكتوبة بخط يدى ومدسوسة في جيب ملابسي وبها بعض السطور عن الحب صُدمت وعنفتني بشدة وسألتني من أين أتيت بتلك الكلمات؟ فأجبتها أنا اللي كتبتها سألتني لمن؟ قلتلها لنفسي فما كان من الأم سوى أنها أخبرت أبي بينها وبينه واستقبلني أبي في اليوم التالي قبل ذهابي إلى المدرسة وتلى عليّ تلك الكلمات بحزم شديد وأنا أتمني أن تنشق الأرض وتبتلعني من كثرة الخجل. ثم أنهي أبي كلماته قائلا انتي اللي كاتبه فعل
• لماذا كانت البدايات في مجال القصة رغم أنك تملكين مسارات متسعة من الشعر والرواية الطاغيان على سردك القصصي في عملك الأول؟

- شرعت بكتابة الرواية منذ 2016 ولكن نظرا لطول فترة كتابة الرواية ونظرا لما تحتاجه من تفرغ شبه تمام وتركيز وصبر طويل حتى تتجسد الشخصيات بآلامها النفسية وصراعاتها الحياتية ونظرا لما تحتاجه الفكرة في تحويلها من شيء يختلج في صدر الكاتب أو يداعب خياله الي ٱناس من لحم ودم ومشاعر ورؤي نفسية وفلسفية؛ كان الاتجاه لكتابة القصة القصيرة بجانب كتابة الرواية ولأن القصة القصيرة شديدة التكثيف والخصوصية ودائما ما تكون مركزة ومكثفة فبدأت بالرصد والترقب لكل ما هو حولي لأمسك بفكرة قصة ما، حتى تجمع لدى عدد ليس بالقليل من القصص القصيرة والقصيرة جدا قررت أن ٱخذ خطوة النشر حتي يتثني لي الوجود بالساحة الأدبية ومن هنا كانت بدايتي مع الكتابة القصصية تحديدا.

• كتاباتك يغلب عليها تيمات الحزن والفقد والوحدة فلماذا كل هذه الرؤية السوداوية في الكتابة؟

- لا أعرف تحديدا لماذا تغلب على كتاباتي تيمات الحزن والفقد والوحده ربما لإيماني الشديد أن الحزن أحد أهم المشاعر التي لا ينكرها أحد منا وأن لكل منا تجربة من الألم خاصة جدا لا يمكن إنكارها وكل منا يحاول دوما أن يتفرد بمشاعره الخاصة هذا من جهة الحزن أما من ناحية الفقد والوحدة فأنا مررت بتجربة فقد جدتي رحمها الله وكانت صدمة الفراق ثقيلة جدا ومؤلمة جدا وخصوصا لأنها كانت الأقرب إلى قلبي وبعد رحيلها دخلت في نوبة اكتئاب وانغلقت علي ذاتي مدة طويلة وانفردت بقلمي فكانت أثري فقرات حياتي إبداعا.
• تكتبين القصة والرواية ومجموعتك الأولى نالت استحسان القراء ولكنكِ بعيدة كل البعد عن الساحة الإعلامية والوسط الثقافي فلماذا؟

- ربما لانشغالي بالعمل وربما لضيق وقتي وأنا بكل الأحوال لا أبحث عن الأضواء أو الشهرة ولا أسعى للظهور الإعلامي رغم أن الأمر قد طُرح علي كثيرا لكني ٱفضل دائما أن يعرفني القارئ من بين أغلفة الكتب ولدي حلم أن أعمل بالصحافة وأتمنى أن تكون القراءة وأن تكون سطوري هي الرابط الوحيد بيني وبين القراء أما عن الوسط الثقافي فهو رغم أنه حافل بأدباء عظام وبأناس شكلت وعيا مجتمعيا فهو أيضا وسط شائك جدا فقد تلقيت وعودا كثيرة بخصوص حلم النشر قبل سنوات ولكن دون جدوى وأرى أيضا أنه وسط حافل بالمجاملات.
• هل وجودك الحياتي والمعيشي والعملي في محافظة الغربية سببا مباشرا في تجاهلك النقدي والإبداعي؟

- وجودي في محافظة الغربية قد يكون عاملا مهما في تجاهلي النقدي لكنه ليس العامل الوحيد فأنا على الرغم من معيشتي في الغربية الا أنني أنتهز أي فرصة لأسمع لنصائح النقاد والكتاب وكذلك القراء وخصوصا بعد توافر أهم وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك الذي جعل العالم قرية صغيرة وأزال عقبات كثيرة قد تقف في طريق التواصل مع النقاد والأدباء أما عن الإبداع فهو غير مقيد بمكان سواء القاهرة أو الغربية فالكاتب أينما توفرت له بيئة خصبة للإبداع يتأثر بها ويؤثر فيها ويتفاعل معها لن يتوقف إبداعه بالعكس سيكون له بصمة واضحة في نقل ثقافة تلك البيئة.


• ليتك تحديثنا عن خصوصية محافظة الغربية وكُتّابها فيما يخص فرادة إنتاجها الشعري والقصصي.. وما هو رصدك للمشهد القصصي المصري وخاصة الخارج من محافظة الغربية؟

- للغربية تميز فريد في المجال الأدبي بشكل خاص وهناك أدباء غربيون "من أبناء محافظة الغربية" كانت لهم بصمة واضحة جدا في صنع الثقافة المصرية وتأثرت بهم كثيرا بشكل شخصي ليس فقط على مستوى كتابة القصة القصيرة أو الرواية والشعر وإنما أيضا في تشكيل وجداني ومنهم ع سبيل المثال الكاتب مصطفى صادق الرافعي رحمه الله وهو أحد أشهر أدباء العرب في القرن العشرين وكذلك العراب أحمد خالد توفيق رحمه الله فهو أديب وصاحب سلسلة روايات منها ما وراء الطبيعة وسفاري والكاتب الكبير نبيل فاروق صاحب سلسلة رجل المستحيل وكذلك مصطفى محمود رحمه الله وهو أحد المشاهير العرب في الفكر والفلسفة.. وأما عني فأنا ولدت بالغربية في أحد قراها وهي قرية مسجد وصيف وعشت بين ضفاف نهر النيل حيث يعمل أبي الرجل المزارع المكافح والرجل الطموح تشكل وعي وإدراكي للحياة على ضفاف النيل كان والدي صيادا ويصحبني معه وأنا في الخامسة من عمري الي نهر النيل لنصطاد الأسماك وتأثرت كثيرا في كتابتي بالنيل والغروب والطبيعة الساحرة الخلابة التي هي أيضا كان لها الفضل في إثراء الخيال لدي.

• حصلت على بكالوريوس العلوم والتربية قسم بيولوجي وتعملين في مجال الأدوية.. ماذا استفدت من هذين المسارين في مجال الكتابة وفي كل من القصة والرواية ؟

- دراستي لعلم البيولوجي كانت نابعة عن حبي وشغفي بهذا العلم الغني بأسرار النفس وأسرار الكون كل شئ يدعوا للتأمل في عظمة صنع الله وهو بدوره يتضافر مع الكتابة الإبداعية التي أحد أهم عواميدها في نظري هو التأمل والرصد والمراقبة هذا من الناحية العلمية أما أكاديميا فمجال عملي الأساسي هو التدريس ورغم عشقي للتربية والتعليم الا أني حسمت الأمر على العمل بمجال تجارة الأدوية لأنه يضيف لي الكثير من التحقق وإثبات الذات. وانا أعتبر الشركة التي أعمل بها مشروع كتابي قائم بذاته سأتناول من خلاله أهمية العمل بالنسبة للمرأة في سن صغيرة.

وكذلك الصراعات الخفية على السُلطة وتنوع الشخصيات بين الروتين والإبداع. وبشكل شخصي أرى أن بيئة العمل هي بيئة خصبة للإبداع وأنا طوال الوقت أرقب التغيرات الخفية وأسجل في ذاكرتي كيفية التعامل تحت الضغوط النفسية والصراع في خضم الحياة من أجل لقمة العيش ومن أجل الحصول علي قسط من الرفاهية ايضا في بيئة عملي أراقب كيف تتغير الأنفس وأري كيف تفرض سُلطة المال نفسها وكيف تنضج الشخصيات وارقب أيضا كيف يصبح الصغير كبيرا وكيف تعالج الأمور وأشياء كثيرملهمة لي بطريقة أو بأخرى.