رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المال أولا».. أنقرة تستنزف الدوحة بدعوى «كسر العزلة»

أردوغان وتميم
أردوغان وتميم

فصل جديد من الاستنزاف التركي لأموال الإمارة الغنية بالغاز "قطر"، حيث شهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، توقيع حزمة جديدة من الاتفاقات التجارية والاقتصادية خلال أعمال الدورة السادسة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية - التركية، التي عقدت في القصر الرئاسي بمدينة أنقرة أمس الخميس.

وبينما أكدت الحكومتان القطرية والتركية، توقيع هذه الاتفاقات في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، أثارت هذه التعاقدات غضبًا متبادلًا بين القطريين الذين يرون أنقرة طامعة في ثرواتهم وتسعى لاستنزافها، وفي المقابل تنتقد المعارضة التركية، إبرام المزيد من الاتفاقات مع الدوحة، محذرة من بيع تركيا بأكملها لصالح الإمارة الخليجية.

استغلال ثروات قطر
في هذا الصدد، قالت صحيفة "آراب ويكلي" الصادرة من لندن، إن القطريين بدأوا ينظرون إلى العلاقات القطرية التركية على أنها غير متكافئة، ويشعرون أن تركيا تستغل ثروات قطر بعد أن شجعتها على الانعزال عن محيطها الخليجي العربي.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها عبر موقعها الإلكتروني، أن التعاون الاقتصادي والمالي المكثف بين تركيا وقطر، يكشف عن مدى اعتماد حزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أموال قطر الغنية بالغاز، للمساعدة في تخفيف أزمته الاقتصادية.

وأشار التقرير، إلى أن الرئيس التركي، تعرض خلال السنوات الأخيرة لضغوط متزايدة، حيث تلقيه المعارضة باللوم على تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد، ووصف بعض الاقتصاديون الأزمة بأنها "كارثة كبيرة".

ورأت "آراب ويكلي"، أن الحكومة التركية استخدمت استراتيجيتين أساسيتين للوصول إلى الثروة القطرية واستغلالها، الأولى: الحصول على مساعدات ومنح مالية قطرية، بعضها علني وبعضها الآخر سري، حيث يتم الحصول عليها بحجة دفع مساهمة قطر في دعم الحلفاء الإسلاميين الذين يقاتلون في صراعات المنطقة، وخاصة في سوريا وليبيا وأذربيجان.

أما الطريقة الثانية لابتزاز تركيا لقطر، هي إلزام الدوحة بالمعاهدات واتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، إلا أن معظم هذه الاتفاقيات غير عادلة إلى حد ما، ولا تفيد تركيا إلا من خلال جذب رؤوس الأموال القطرية للاستثمار في تركيا أو تنشيط المبادلات التجارية، وهو ما يعني عادة تصدير البضائع التركية إلى قطر.

تساؤلات قطرية
وأوضح التقرير، أن هناك اتفاقيات دفاعية وأمنية ترسل تركيا بموجبها قواتها إلى الأراضي القطرية مقابل مبالغ مالية متفق عليها، فيما تتحمل قطر بالكامل نفقات هذه القوات وتدفع رواتبهم وتكاليف نقلهم وإقامتهم.

وقالت "آراب ويكلي" إن القطريين بدأوا في التساؤل عما إذا كانت عبارة "شراكة استراتيجية" دقيقة أم لا؟، كما أنهم بدأوا ينظرون إلى العلاقات بين بلادهم وأنقرة على أنها غير متكافئة، ويشعرون أن تركيا تستغل قطر لثروتها بعد أن شجعتها على الانعزال عن محيطها الخليجي العربي.

وأشاروا إلى أن الاتفاقات المقبلة بين البلدين يمكن أن تكون جزءًا من محاولة تركيا لإبقاء قطر مرتبطة تمامًا بعلاقتها مع أنقرة.
ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، يقول القطريون إن الدوحة -بتوقيعها على مثل هذه الاتفاقيات- لن تكون قادرة على تغيير مسارها في المستقبل وتخفيف العبء المالي الكبير الذي تتحمله بسبب علاقتها مع تركيا والتورط في صراعات خارجية قد تفقد الدوحة الاهتمام بها.

"اتفاقات جديدة"
وكشف السفير التركي لدة الدوحة مصطفى كوكصو، عن توقيع أكثر من ثماني اتفاقيات جديدة بين بلاده وقطر خلال الاجتماع السادس للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة في أنقرة.

وقال جوكسو، في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية، إن الاتفاقيات تشمل مجموعة من المجالات مثل التعاون العسكري الدفاعي والتعاون الاقتصادي والصناعي، بالإضافة إلى مجال التجارة الدولية والمناطق الحرة وإدارة الموارد المائية، فضلًا عن اتفاق في مجال الشؤون الإسلامية والدينية والأسرية.

وكشف عن أنه سيتم التوقيع رسميًا على استثمارين جديدين لقطر في تركيا أحدهما في مجال الموانئ البحرية والآخر استثمار ضخم في أحد مراكز التسوق الكبرى المعروفة في اسطنبول.

وأوضح السفير التركي أن "وجود منطقة حرة تركية في قطر سيكون نقطة تحول رئيسية في العلاقات التجارية الفريدة بين البلدين، وسيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات التركية إلى قطر، وتوفير المزيد من فرص العمل".

وأشار إلى أن قطر دولة مستوردة للعمالة، ما يعني أن فرص العمل الجديدة التي يتحدث عنها السفير لن تفيد سوى القوى العاملة التركية.

وفي إشارة واضحة إلى كيفية استفادة تركيا من شراكتها مع قطر، صرح السفير التركي أن الصادرات التركية إلى قطر تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرًا إلى أن إجمالي حجم التجارة بين تركيا وقطر بلغ 2.24 مليار دولار العام الماضي.

واعتبرت "آراب ويكلي" أن شهية تركيا للمال القطري، تكشف حجم أزمتها الاقتصادية والمالية، لافتة إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، دفعت الأزمة الاقتصادية، الرئيس التركي، إلى إجراء تغيير عاجل في قيادة البنك المركزي، الذي أقيل رئيسه مراد أويسال، كما أقال أردوغان، صهره ومستشاره المقرب بيرات البيرق، الذي كان ذات يوم مرشحًا قويًا لخلافة الرئيس، كوزير للمالية.

وذكرت وسائل الإعلام القطرية الرسمية، أن الأمير تميم بن حمد آل ثاني، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، شهدا توقيع العديد من الاتفاقات الجديدة بين قطر وتركيا خلال أعمال الدورة السادسة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية - التركية، التي عقدت في القصر الرئاسي بمدينة أنقرة الخميس.

وشملت هذه الاتفاقات؛ مذكرة تفاهم لشراء حصة من مجمع استنيا بارك التجاري التركي، ومذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار وشركة "هاليك التون" تتعلق بالاستثمار المشترك المحتمل في مشروع "غولدن هورن"، ومذكرة شراء 10% من أسهم بورصة إسطنبول، واتفاقية بيع وشراء لميناء "اورتادوجو" أنطاليا بين شركة "جلوبال ليمان" وشركة "كيوتيرمينالز"، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم بين هيئة المناطق الحرة ووزارة التجارة التركية حول نشاط التعاون والترويج المشترك في مجال المناطق الحرة.

كما شهدت الزيارة، التوقيع على الإعلان المشترك بشأن إنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين أنقرة والدوحة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال إدارة المياه، وخطاب نوايا بين وزارة المالية القطري ووزارة الخزانة والمالية التركية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات شؤون الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية، وإعلان نوايا بشأن تبادل الدبلوماسيين بين المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية القطرية، والأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية التركية.

غضب تركي
ووقع صندوق الثروة السيادي التركي، وجهاز قطر للاستثمار (QIA)، مذكرة تفاهم لبيع 10% من حصة بورصة اسطنبول للدوحة.

ويعد صندوق التركي، أكبر مساهم في بورصة اسطنبول بحصة تبلغ 90.6 بالمائة، ولكن بعد نقل الأسهم إلى جهاز قطر للاستثمار، سيمتلك الصندوق التركي 80.6 في المائة من بورصة اسطنبول.

وفي السياق ذاته، انتقدت المعارضة التركية، اتفاقية بيع حصة من أسهم بورصة إسطنبول للدوحة، إذ أعرب فائق أوزتراق، متحدث حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، عن انتقاده لهذه الاتفاقية.

وقال "أوزتراك" في تغريدة عبر صفحته الشخصية بموقع "تويتر": "لقد باعوا مصنع صفائح الدبابات بولاية سكاريا لقطر، ووزعوا أراضي قناة إسطنبول لكنها لم تكن كافية، ودفعوا 300 مليون ليرة تركية لقطر، ولم تكن كافية أيضًا، الآن يمنحوهم 10% من أسهم بورصة إسطنبول! لتكن تركيا ملك لقطر!".