رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى أنت يا بروتس


ذلك المثل الذى شاع وعم العالم كله مقولة يوليوس قيصر لأقرب المقربين إليه من أصدقائه، ورغم كل الإنجازات التى قام بها يوليوس قيصر لتحسين ظروف وأحوال مواطنيه الرومان حتى ارتقى بالبلاد والعباد، واهتمامه بحكومته حتى جعلها تتمسك بالصدق والأمانة والإخلاص للوطن، وجعل حُكمه دائمًا ليرفع من شأن روما.
لكن لدوام الحكم غضب عليه من حوله، وأصبحوا غير مهتمين بما فعله القيصر من رقى وتحضر للبلاد، وغرس فى الشعب مبادئ الصدق والأمانة، ومجلس الشيوخ لم يسترح لفكرة دوام الحكم ودبروا له مؤامرة لاغتياله فى شهر مارس من عام أربعة وأربعين قبل الميلاد، وفى شهر مارس من عام ٤٤ قبل الميلاد, وفى جلسة لمجلس الشيوخ الرومانى قاموا على قائدهم يوليوس قيصر فى جماعة من بينهم الصديق الحميم والمحبوب كالطفل المدلل الذى شارك فى التدبير والاغتيال حتى نظر إليه يوليوس قائلًا عبارته المشهورة «حتى أنت يا بروتس»، هذا الابن المدلل الذى ضرب القيصر الضربة القاضية، كما طالبه المهاجمون الذين اتفقوا على أن الجميع يطعن طعنة حتى لا يُتهم واحدٌ، بل شارك الجميع بمن فيهم حبيبه المدلل الذى طولب بالمشاركة فى الهجوم، حتى إنه عندها قال قولته: نعم أحب القيصر الذى ربانى وعلمنى، وأنا مدين له ولكن حب الوطن أهم وأكبر ولا يماثله حب البشر.
ولذا فبالرغم من أن يوليوس قيصر رباه واتخذه ابنًا له، فإن بروتس وضع الوطن فى مكانة أهم من العلاقة الشخصية والعطاء، ولا يزال حتى اليوم نكرر كلمات الابن المشارك فى قتل من اتخذه ابنًا له ورباه، ويعيش مثله عبر العصور، وعندما لفت القيصر انتباه الابن فى نزعاته الأخيرة قائلًا له: «حتى أنت يا بروتس»، قال بروتس «إنى أحبك ولكنى أحب روما أكثر منك».
ومن هنا انتشرت المقولة التى مضى عليها أكثر من ألفى عام «حتى أنت يا بروتس» وانتشرت مقولة «لا عداء دائمًا ولا صداقة دائمة، بل الوطن هو الذى يدوم والوطن يفوق كل ما عداه»، وصحيح أن اللعبة السياسية لا تعرف الصداقة الدائمة ولا العداوة الدائمة، بل الوطن هو الذى يدوم.