رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اسم الله «الولى».. يا ولى تولَّ أمرنا



«الولى» اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه المتولى للأمر والقائم به، نصير المؤمنين وظهيرهم، وقد ورد ذكره فى أكثر من موضع بالقرآن، ومن ذلك قوله تعالى: «اللّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ» (البقرة: ٢٥٧)، وهو مما يحظى به المؤمن من شرف أن يكون فى ولاية الله، محفوفًا برعايته وأمنه.
يقول الطبرى فى تفسيره: «نصيرهم وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه». سبحانه الخالق المهيمن مالك الملك العليم الحكيم الغنى القوى.. علا علوه وعظمته.. ولى الذين آمنوا.. ولله المثل الأعلى، عندما يقولون فى المدرسة للطالب: «هات ولى أمرك»، وعند الزواح يقول المأذون: «أين ولى العروس؟».. لذا فإن أكثر الناس حزنًا هو من ليس له ولى يتولى أموره ويرعاه.
هل ربنا ولى أمرك؟.. قل لى: مَنْ وليك؟.. فرق كبير بين أن تذهب للقوى تقول له: تول أمرى، وأن يعرض هو عليك: «اللّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُواْ». الحياة محفوفة بالمخاطر.. مَنْ يحبك.. مَنْ يرعاك.. مَنْ يتولى أمرك «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (يونس: ٦٢).
أنت متخيل مَنْ وليك؟.. مالك السموات والأرض.. النبى، صلى الله وعليه وسلم، وسط كل المؤامرات التى كان يتعرض لها كان يقول: «إِنَّ وَلِيِّىَ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ».. يوسف فى البئر.. أحوج الله القافلة إلى الماء ليصلوا إليه.. وأحوج عزيز مصر للأولاد حتى يتبناه.. أحوج مصر للطعام ليخرجه من السجن.
لذلك قال فى آخر السورة: «أَنتَ وَلِىّ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة». تخيل يوسف فى ركن وحده يدعو ربه: «أَنتَ وَلِيِّى فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة».. ناج ربك فى ساعات الليل، توجه إليه بقلبك مخلصًا قبل أن تتوجه إليه بلسانك: يا رب ليس لى سواك.. تول أمرى.. أنت وليى.
أحيانًا يكون لك شخص تحتمى به وتفتخر، وتقول: أنا معى رقم تليفونه قال لى اتصل بى لو هناك أى أمر تطلبه.. تخيل عندما يكون وليك الله الذى رفع السموات والأرض، ويقول: «من عادى لى وليًا فقد آذنته بالحرب».. إذا كان الله وليك فمَنْ يستطيع أن يقف فى وجهك؟ مَنْ يستطيع أن يؤذيك؟ مَنْ يستطيع أن يقهرك؟
هناك حالتان لا ثالث لهما: إما أن يتولى الله أمرك أو يكلك إلى نفسك.. وكان من دعاء النبى، صلى الله عليه وسلم: « اللهم لا تكلنى إلى نفسى طرفة عين».
ماذا سيعطيك الله إذا تولى أمرك؟
- يقول الله تعالى «أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» (يونس:٦٢)، ليس هناك خوف عليهم فى الدنيا ولا حزن فى الآخرة.
- ينور لك حياتك «اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ..» (البقرة: ٢٥٧) ينير لك قبرك، وينير لك يوم القيامة عندما تعبر الصراط.
- النصر، أنت مدعوم بالنصر من الله، إذا تولى أمرك، ينتقم ممن أذاك، يقول الله تبارك وتعالى «بَلْ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» (آل عمران: ١٥٠)، «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا..» (الحج: ٣٨)، «َمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ» (المائدة: ٥٦).
كيف تصل لأن تكون وليًا لله؟.. بتقوى الله.. أن يجدك الله حيث أمرك، ولا يجد حيث نهاك.. لو اتقيت الله فأنت من أوليائه بنص الآية: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» مَنْ هم؟ «الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ».
عش بتقوى الله تكن من أوليائه، يمكن أن يكون شاب أو فتاة فى عمر ١٨ سنة من أولياء الله، أو امرأة مطلقة كل همها رعاية ابنها، إذ ليس الأمر مقصورًا على العلماء والكبار كما قد يظن البعض.. ولا تُشترط فى الولاية شروط غير عادية كما يتصور البعض.
وحتى تحظى بشرف أن يكون وليك الله عليك بالإكثار من ذكر الله.. يقول النبى، صلى الله عليه وسلم: «مثل الذى يذكر ربه والذى لا يذكره كمثل الحى والميت». ويقول أيضًا، صلى الله عليه وسلم: «مثل البيت الذى يذكر فيه الله والبيت الذى لا يذكر فيه الله» الكلام للرجال والنساء.
جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علىّ فدلنى على عمل أتشبث به قال: «لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله»، وجاء إليه رجل يقول: يا رسول الله أى الإسلام أفضل؟ قال: «أن تموت ولسانك رطبًا بذكر الله».
ويقول الله تعالى فى الحديث القدسى: «أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه».. يا ولى تول أمرنا.. يا ولى اجعلنا من أوليائك، إنك ولى ذلك والقادر عليه.