رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انفراجة مزعومة أم تجميد مؤقت.. هل تُجرى جولة جديدة في مسار الأزمة الخليجية؟

الأزمة الخليجية
الأزمة الخليجية

عاد الحديث مجددًا عن حلحلة الأزمة الخليجية بين قطر ودول الرباعي العربي "السعودية، مصر، الإمارات، والبحرين" والتي تقترب من عامها الرابع منذ بداية المقاطعة العربية في الخامس من يونيو 2017.

وترنحت التصريحات الرسمية في هذا الشأن بين تلويح أمريكي بحل الخلاف قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، وبين نفي إماراتي لأي انفراجة قريبة في هذا الملف، فيما كشفت قطر عن رغبتها في إنهاء الأزمة التي استمرت لسنوات، كما أكدت الكويت استمرار جهود الوساطة بعد رحيل الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح.

- الإمارات: لن نتوقع انفراجة قريبة
وفي هذا الصدد، قال سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة الأمريكية، يوسف العتيبة، إن الخلاف بين قطر ودول الخليج العربي الأخرى، لن يتم حله في أي وقت قريب، مؤكدًا أنه لا يتوقع حل الأزمة الخليجية ما لم تراجع قطر مواقفها وتعالج الأسباب الجذرية للأزمة.

وأضاف العتبية، خلال حلقة نقاشية مع نظيريه الإسرائيلي والبحريني، استضافها النادي الاقتصادي بالعاصمة الأمريكية واشنطن: "أنها ليست على قائمة أولويات أي شخص، إنهم يريدون أن يسلكوا طريقهم، ونحن سنذهب إلى طريقنا"، وفقًا لما ذكرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية.

- الكويت: مستمرون في الوساطة
من جانبه، أكد وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، أن الولايات المتحدة والدول الصديقة والحليفة، تدعم الوساطة الكويتية والمساعي التي كان يبذلها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد لرأب الصدع الخليجي، مشددًا على استمرار مساعي الكويت لحل الأزمة الخليجية، وفقا لتوجيهات الأمير الشيخ نواف الأحمد.

- إدارة ترامب: نعمل على إنهاء الخلاف
وفي السياق، أكد مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، أن إدارة ترامب تعمل على إنهاء الأزمة الخليجية في محاولة أخيرة لتحقيق فوز دبلوماسي قبل مغادرة الرئيس لمنصبه، حسبما أفادت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.

وأكد أوبراين، في مقابلة نشرتها الصحيفة مساء الإثنين، أن حل الأزمة بين دول الخليج تعد "أولوية" بالنسبة للرئيس ترامب، معتبرًا أنه أشبه بالخلاف العائلي، وتابع بالقول: "هذا نوع من الخلاف العائلي.. ومثل هذه الخلافات، يكون حلها هو الأصعب أحيانًا، لكننا نرغب في إعادة كل هؤلاء إلى الطاولة معًا، إذا جاز التعبير.. وهو شيء نعمل عليه وسنواصل العمل عليه"، وشدد قائلًا: "ما دام الرئيس في منصبه، فهذا شيء سيكون أولوية".

- قطر: لدينا رغبة في الحل
وفيما يخص الجانب القطري، أكد وزير خارجية الدوحة محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن الرغبة في حل الأزمة الخليجية يجب أن تكون لدى كل الدول الأطراف في النزاع.

وقال في جلسة، تحت عنوان "نظرة من الشرق الأوسط"، ضمن أعمال منتدى الأمن العالمي 2020: "نحن لدينا الرغبة في التوصل إلى حل لتحقيق مستقبل مستقر لمجلس التعاون الخليجي، وهو ما نحتاج إليه في هذه الأوقات المضطربة التي تمر بها المنطقة".

وأضاف: "سواء تم هذا الأمر من خلال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو الرئيس المنتخب جو بايدن، فإن أي حل يمكن التوصل إليه يجب أن يقوم على أساس من النوايا الطيبة من جانب دول الرباعي ودولة قطر أيضًا".

وحددت دول الرباعي العربي، 13 شرطًا لإنهاء الأزمة وبحث عودة العلاقات مع قطر، وفي مقدمتها تخفيض مستوى العلاقات بين الدوحة وطهران، وإغلاق قناة "الجزيرة" المملوكة للدوحة، والتوقف عند دعم الإرهاب وتمويل الجماعات المتطرفة، فيما أعربت قطر عن استعدادها للحوار غير المشروط.

- حل مستبعد وأزمة مجمدة
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أكد أنه من المستبعد حل الأزمة الخليجية حتى 20 يناير المقبل، موضحًا أنه مع وجود إدارة بايدن الجديدة، قد يكون هناك تحرك ما على هذا الصعيد، إذ أن جميع الأطراف قد تعيد حساباتها على ضوء الإدارة الأمريكية الجديدة.

وأضاف هريدي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "أعتقد أن الأمور ستظل مجمدة حتى دخول الإدارة الأمريكية الجديدة للبيت الأبيض"، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن إدارة بايدن ستحاول خلال العام المقبل أن تشجع أطراف أخرى مثل الكويت.

وأوضح هريدي، أن مجئ "بايدن" سيغير عدة معادلات في المنطقة ومن بينها النزاع الخليجي – الخليجي، مستبعدًا حدوث أية تغيرات في الأزمة خلال الفترة الراهنة.

- مزايدات إعلامية من إدارة راحلة
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه لن يحدث أي تغيير مفصلي في الأزمة الخليجية حاليًا، لعدة اعتبارات أولها تمسك الإمارات بالموقف الخليجي المصري والـ 13 شرط المحددين لإنهاء المقاطعة، وبالتالي، فإن موقف السفير الإماراتي في واشنطن موقف صحيح، مؤكدًا أن الإمارات لن تقدم أية تنازلات في ملف الأزمة.

وقال فهمي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن إدارة ترامب "إدارة راحلة" وليس لديها صلاحيات كثيرة، ومن ثَم لن يستمع إليها أحد في هذا التوقيت، موضحًا أن تحرك الإدارة الأمريكية الحالية في بعض الملفات الكبرى مثل ملف المقاطعة أو ملف إيران، هي مجرد مزايدات إعلامية من إدارة ترامب ولن يستمع إليها أحد.

وأشار فهمي، إلى أن ملف المقاطعة قد يكون ذات أولوية لدى إدارة بايدن، وربما تعمل الإدارة الأمريكية الجديدة على حلحلة مشكلات الإقليم ومن بينها الملف الخليجي، لافتًا إلى أن إدارة بايدن - رغم كافة التحفظات عليها قبل أن تبدأ عملها – ستحاول حل مشكلة المقاطعة العربية، إلا أن الأساس في الخلاف أن القطريين لن يرجعوا عن موقفهم، مضيفًا: "لا أعتقد أن المناخ الراهن خلال هذه الفترة يسمح بحدوث اختراق في هذا الملف على أي مستوى من المستويات".

وتعليقًا على تصريحات وزير الخارجية القطري بشأن رغبة بلاده في الحوار لإنهاء الأزمة، قال "فهمي"، إن "هذا الحديث تكرر طيلة السنوات الماضية، حيث أعلنوا رغبتهم في الحوار أكثر من مرة ولكن دون شروط"، مشيرًا إلى أنه كان هناك أكثر من فرصة للحوار خاصة عند حضور رئيس وزراء قطر القمة الخليجية السابقة.

وشدد "فهمي" على أن الأساس في الموقف الخليجي، هو الموقف المصري أيضًا، مؤكدًا أن الإمارات ستراعي مصر في هذا السياق، إذ أن خلاف مصر مع القطرييين يشمل عدة ملفات منها ملف جماعة الإخوان، ودعم التنظيمات الإرهابية، وإقامة عدد من العناصر المتطرفة، فضلًا عن سياسة الإعلام المضلل التي يتبعونها، وبالتالي فإن أي قرار بشأن الأزمة سيكون رباعيًا.

وأوضح فهمي، أنه لا توجد نوايا حاليًا من قِبَل الطرفين لإتمام هذا الأمر، منوهًا بأنه بالرغم من وجود تصريحات إيجابية في هذا الإطار، إلا أن قطر لم تستجب لأية شروط حتى الآن.