رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتفاضة أوروبية ضد الجماعات الإرهابية


تشهد الساحة الأوروبية حاليًا تحولات جذرية فى علاقاتها وتعاملاتها مع الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، وكذلك العناصر المتطرفة، التى تتخذ من تلك الدول ملاذًا آمنًا لها تمارس من خلاله أنشطتها المعادية لدولها الأصلية التى تأتى مصر فى مقدمتها، حيث نجحت الدولة المصرية فى مواجهة تلك الجماعات وإجهاض مخططاتها الإجرامية، وأيضًا فى القضاء على العديد من العناصر التكفيرية المتطرفة التى تتحرك بإيعاز من تلك الدول وأجهزتها الأمنية المختلفة.
يأتى هذا التحول بعد تراكم الأدلة على تورط تلك الجماعات فى نشر الأفكار المتطرفة داخل المجتمعات الأوروبية، حيث شهد العديد من دولها عمليات إرهابية قامت بها عناصر تنتمى لتلك الجماعات، بدأت بقتل الفرنسى صامويل باتى، أستاذ التاريخ والجغرافيا، فى العاصمة الفرنسية، على يد شاب مسلم من أصل شيشانى، ثم حادث قتل ٣ ضحايا آخرين فى إحدى كنائس مدينة نيس الفرنسية، وأعقب ذلك حادث إرهابى فى النمسا راح ضحيته ٤ أشخاص، قام به أحد المتعاطفين مع تنظيم «داعش»، وهو ما تصدت إليه السلطات النمساوية وقامت بمداهمة العشرات من المؤسسات التى تسيطر عليها جماعة الإخوان الإرهابية، وقامت باعتقال ٧٠ من عناصر تلك الجماعة ومصادرة مبالغ مالية مودعة فى حساباتهم وصلت إلى ٢٥ مليون يورو.. وتسود حاليًا حالة من الرعب والفزع فى العديد من دول القارة الأوروبية خوفًا من التعرض لمثل تلك العمليات، التى قد يؤدى سقوط ضحايا فيها من شعوب تلك الدول إلى إسقاط حكوماتها نتيجة الرفض الشعبى لتلك السياسات التى تنتهجها تلك الحكومات، خاصة فيما يتعلق بدعم وإيواء تلك الجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة بها.. ومن هذا المنطلق فقد طالبت برلمانات هذه الدول بمحاصرة تلك الجماعات وحظر نشاطها واتخاذ إجراءات صارمة تجاهها، وهو ما حدث بالفعل فى كل من ألمانيا والنمسا وفرنسا، ومن المتوقع أن تنتهج برلمانات وحكومات إنجلترا وإيطاليا والسويد وبلجيكا وإسبانيا نفس هذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة، حيث تم مؤخرًا عقد لقاء موسع مع وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبى بناء على ما توصل إليه مؤتمر قمة مصغر، ضم قادة ألمانيا وفرنسا والنمسا ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبى، حيث بحثوا معًا إطلاق مبادرة للتصدى للتطرف تشارك فيها جميع دول القارة.
لقد أثبتت تحريات الأجهزة الأمنية فى الدول التى شهدت تلك العمليات الإرهابية الأخيرة تورط دول مثل تركيا وقطر فى دعم الجماعات والعناصر، وأيضًا الجمعيات والمساجد الموجودة فى هذه الدول، لتغذية التطرف والإرهاب فى العالم، حيث تبين على سبيل المثال أن هيئة الشئون الإسلامية التركية تمتلك ٦٤ مقرًا ومسجدًا فى النمسا، فضلًا عن مائة ألف شخص ينضوون تحت لوائها هناك.
كانت مصر، وما زالت، تحمل لواء مواجهة التطرف والإرهاب نيابة عن دول العالم إلى أن أصبح العديد من هذه الدول ضحايا للإرهاب، وهنا حدثت تلك الصحوة التى جاءت متأخرة عن موعدها عدة سنوات، بعدما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من مغبة التطرف والإرهاب وانتشاره بسرعة قد لا تجعل حكومات هذه الدول قادرة على ملاحقته.. والآن نرى قادة العالم يتواصلون مع قيادتنا السياسية للاسترشاد بالتجربة المصرية الرائدة فى مواجهة الإرهاب.. والحقيقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يألُ جهدًا فى عرض استعداد الدولة المصرية للمساهمة فى تلك الحرب المصيرية بما لديها من وقائع موثقة وأدلة دامغة على تورط جماعة الإخوان الإرهابية وروابطها السياسية فى دول العالم المختلفة، والأشخاص الذين تعتمد عليهم، سواء فى مصر أو فى الدول التى تؤويهم، أمثال الإخوانى إبراهيم منير، وأعضاء تنظيم القاعدة والجهاد الهاربين فى الخارج مثل هانى السباعى وياسر السرى وأسامة رشدى وغيرهم، ودور هؤلاء فى دفع عناصرهم الموالية للقيام بتلك العمليات الإرهابية التى باتت تؤرق دول القارة الأوروبية دون استثناء.
لقد أوضح الرئيس مرارًا وتكرارًا أن الأمر يحتم تكاتف الجميع للتصدى لتلك الآفة الآخذة فى الانتشار، من خلال مقاربة شاملة تتضمن عزل الفكر الأيديولوجى المتطرف، إلى جانب إعلاء قيم المواطنة والوسطية والحوار.
هكذا كانت مصر وسوف تبقى دائمًا، بإذن الله، فى مقدمة الدول التى تسعى لتحقيق الأمن والأمان على أرضها، وأيضًا على سائر ربوع دول العالم التى تسعى للقضاء على التطرف والإرهاب.
وتحيا مصر.