رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحركة بركة والتغيير مش فبركة



غالبًا ما يرى بعض المسئولين المشكلات أو الأزمات فى مرحلة ما، ويعلمون تبعاتها الخطرة، ومع ذلك يؤثرون السلامة، والابتعاد عن محاولات دراستها وتحليلها للعمل على وجود سبل لوضع سياسات علمية موضوعية للاشتباك الإيجابى السريع مع معطياتها، وهذا التفكير والسلوك السياسى والوظيفى السلبى بات يشكل نمطًا مستمرًا من أنماط التعامل السياسى والبيروقراطى للصفوة السياسية والإدارية المصرية من عقود عديدة، ويبدو لى أن وراءه عددًا من الأسباب يمكن التوقف عند أهمها فيما يلى:
غياب المسئول الجاهز والمعد للتعامل السياسى والمحمل بخبرات معايشة الواقع مدعومًا بمعارف ثقافية وعلمية متعلقة بمجال عمله. وأظن أن الرئيس «السيسى» قد أولى ذلك الأمر القدر الكبير من الأهمية بالذهاب العاجل إلى إصدار القرارات المهمة لتجهيز مؤسسة أكاديمية رائعة تابعة لرئاسة الجمهورية، لتدريب وتكوين كوادر سياسية تكون جاهزة لتقلد مناصب سياسية وإدارية مهمة بتزويدها بعلوم العصر وخبرات أهل الخبرة، ولعلنا تابعنا حصاد ذلك المشروع وتلك التجربة الرائعة فى محصلتها بتعيين شباب وفتيات فى مواقع قيادية فى أقاليم مصر المحروسة ودواوين الوزارات، وكان إثبات كفاءة رائعة من جانبهم.
ولعل من أسباب تلك الحالة السلبية السابق الحديث عنها من عدم وجود الجاهزية الإدارية التى ما زلنا نعانى منها ونفتقدها فى عدد من المواقع للتمكن من التعامل بإيقاع عصرى جرىء ومتسارع- هو الإصرار على اللجوء إلى الحلول المسكنة الوقتية التى عاشت الحكومات المتعاقبة تعتمدها بدعوى الحفاظ على حالة الاستقرار البليدة قبل ثورة ٣٠ يونيو، وعلى مدى حقب ساداتية ومباركية وإخوانية كانت التدخلات الفاسدة والمفسدة التى ما زلنا نعانى تبعاتها الفوضوية للأسف تظهر وتتحكم عبر سلوكيات وأخلاقيات باتت من ثوابت أباطرة أهل الشر البيروقراطى.. ولولا القرارات الرائعة التى تبنتها حكومات ما بعد ٣٠ يونيو لتوقفت عجلة الاقتصاد وتراجعت عمليات التنمية.. لولا البداية بوجود إرادة سياسية وطنية فاعلة ودأب وتفاعل حكومى جرىء وعلمى وموضوعى فى التعامل مع قضايا الدعم الحكومى وقرارات الإصلاح الاقتصادى، والتى منها التعويم وغيره من تعاملات وزارة المالية والبنك المركزى الرائعة، والأهم التفاعل الشعبى البديع بتفهم أهل بلدى وناسنا لأهمية اتخاذ قرارات الإصلاح- لولا كل ما سبق، لكنا فى حالة يصعب العودة من تبعاتها السلبية الصعبة إلى الحياة من جديد.. ويبدو أن حالة وهن الشيخوخة السياسية، والجمود والثبات فى الموقع إلى أكثر مدة ممكنة لاعتماد الانتقال من جيل إلى جيل عند نقل مجاديف القيادة، تشكل حالة من الجمود الفكرى، وتراجع الخيال السياسى والإدارى، الأمر الذى يجعل من رئيس الموقع السياسى أو الإدارى أو حتى الأكاديمى هو ذلك المواطن الخائف والمرتجف من الإقبال على أى فكر إبداعى غير تقليدى خشية من أى مبادرات جديدة لحل مشكلة ما من خلال طرح أفكار غير مسبوقة، بما قد يؤدى إلى إثارة ضجة ما، أو ردود أفعال تؤدى إلى إزاحة هذا المسئول عن موقعه الوزارى أو الوظيفى.
لا يمكن لأصحاب الأيادى المرتعشة والأقدام غير الجاهزة الإقدام نحو الأمام لصياغة وتأسيس مبادئ سياسية قادرة على التخطيط لحلم البناء، وتطوير وتجهيز سواعد فتية متحمسة للصعود بأحلامنا إلى سماء واقع جديد. لا بد من تغيير الوجوه فى مواقع السياسة والدين والكتابة بتداول طبيعى ومنطقى، وفق متطلبات كل مرحلة، حتى لا نظل نعانى من حالة فراغ فى الخبرات السياسية والوظيفية والمهارات!.. وحيث غالب الخبرات القديمة لم تعد فى بعض الأحيان قادرة على حل المشكلات. ويبقى السؤال: إلى متى نُبقى فى بعض المواقع على صناع أزماتنا، الذين حاولوا دائمًا إدارتها نحو الفشل؟ هل هذا مقبول؟
أخيرًا، يا أهل بلدى وناسنا وشعبنا الطيب لا تقاوموا التغيير الذى تتبناه الدولة فى تلك المرحلة، وتحركوا نحو الهدف المنشود.. الحركة بركة والتغيير مش فبركة ولا تدجيل ومجرد شعارات.