رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيل جديد للعطاء




فى خضم تلك الأحداث المتسارعة التى تشهدها البلاد حاليًا داخليًا، والمتغيرات السياسية الخارجية التى يشهدها العالم أجمع، والتى أعتقد أن مصر سوف يكون لها دور محورى فيها- كانت وزارة الداخلية على موعد جديد لتقديم جيل جديد من رجال الشرطة الذين احتفلنا بتخرجهم منذ عدة أيام، لكى ينضموا إلى كتائب العطاء التى لا ينضب معينها من الأجيال التى سبقتهم فى الانضمام لأبطال الشرطة، كل فى موقعه وطبقًا للمهام المُوكلة إليه.
تم هذا الأسبوع توزيع جميع الضباط الجدد على المواقع والقطاعات المختلفة، وشاءت الظروف أن ألتقى البعض منهم، حيث قرأت فى أعينهم واستشعرت من حوارهم مدى الولاء والانتماء لهذا الوطن، وهو ما نجحت أكاديمية الشرطة فى تحقيق ذلك لهم، ومدى استعدادهم لتقديم أرواحهم فداء للوطن.
إنهم دماء جديدة تم ضخها فى شرايين الشرطة المصرية لكى تواصل رحلة الفداء والعطاء والعمل على مكافحة الجرائم والإرهاب، والقضاء على أى محاولات تمس أمن وسلامة البلاد.
يأتى هذا فى الوقت الذى يشهد فيه أيضًا جميع أجهزة وزارة الداخلية طفرة كبيرة فى مجال استخدام التقنيات الحديثة فى جميع قطاعات الوزارة، من خلال مخطط شامل لتطوير أداء المنظومة الأمنية بشكل عام، وذلك طبقًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتوسع فى الميكنة والتحديث، وربط تلك القطاعات بالمدن الجديدة الجارى إنشاؤها على مستوى الجمهورية، خاصة فيما يتعلق بضمان سهولة الحركة والتنقل من وإلى تلك المدن، على نحو يعزز الوجود والانتشار الأمنى بشكل متوازن على مستوى الجمهورية.
ولعلنا نرى بأنفسنا حاليًا ذلك التطوير الذى تشهده أقسام الشرطة فى جميع المحافظات وفقًا لنموذج موحد روعى فيه تحقيق معظم المتطلبات الحضارية التى تقدم للمواطنين، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة ومكاتب حقوق الإنسان.
وفى ذات الوقت كانت الوزارة حريصة على مراعاة الأبعاد الشخصية والنفسية لأبنائها من رجال الشرطة وتوفير الإمكانات المادية واللوجستية لهم، وتهيئة البيئة الوظيفية المواتية لتحقيق أعلى أداء أمنى للوصول بالرسالة الأمنية إلى مستهدفاتها وتدعيم ركائز الأمن وتقديم الخدمات الأمنية الجماهيرية بجودة وإتقان.
مصر وفلسفة مواجهة الإرهاب
تابعت بكل الفخر والتقدير ذلك اللقاء الذى تم مؤخرًا بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وشارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى، الذى جاءت زيارته لمصر فى أعقاب تلقى الرئيس اتصالات من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وذلك على ضوء تنامى خطاب الكراهية والتطرف والأعمال الإرهابية التى تواجه أوروبا خلال هذه الفترة، وذلك للاستفادة من التجربة المصرية، التى تمكن خلالها الرئيس من القضاء على براثن الإرهاب والتطرف ونشر قواعد التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وقد أوضح سيادته لهؤلاء القادة، الذين سعوا إليه لمعاونتهم فى كيفية التعامل مع ما يحدث حاليًا فى بعض الدول الأوروبية من أعمال إرهابية، ضرورة وضع النقاط التالية فى اعتبارهم:
١- ضرورة التفرقة بين صحيح الدين الإسلامى الذى يدعو إلى القيم الإنسانية السامية، وبين جرائم العنف والتطرف التى تدعو إليها الجماعات الإرهابية المتأسلمة والتى تستخدم وتوظف الإسلام لتحقيق أهداف دول أخرى، والإضرار بالشعوب ونهب الثروات والموارد بطرق غير مشروعة.
٢- ضرورة التركيز على نشر قيم التعايش بين المنتمين للأديان المختلفة عبر الحوار والفهم والاحترام المتبادل، وعدم المساس بالرموز الدينية والعمل على إرساء وترسيخ مظاهر ومبادئ وقيم التسامح والتعايش، والتأكيد على المساواة فى الحقوق والحريات، وإن اختلفت المعتقدات والأديان، فلا يوجد فارق فى التعامل بين المسلم وغير المسلم، وهنا سوف لا تجد الجماعات الإرهابية والدول الداعمة لها الفرصة فى تحقيق أهدافها وتأجيج مشاعر الغضب والعنف من خلال ترويج الفتن والشائعات بين أبناء الوطن الواحد، بسبب التفرقة فى المعاملة على أساس الدين أو العقيدة وهو ما يحدث فى فرنسا حاليًا.
٣- ضرورة أن يكون هناك تعاون دولى حقيقى وصادق، وهو ما تطالب به مصر منذ عدة سنوات، لتصدى المجتمع الدولى للدول الداعمة والراعية للإرهاب والتى تقوم بنقل المقاتلين المرتزقة إلى المناطق الآمنة والمستقرة لإحداث الفوضى، وتفكيك تلك الدول، بالإضافة إلى أهمية صياغة عمل جماعى على المستويين الإقليمى والدولى للتصدى لخطاب التطرف والكراهية.
لقد كانت مصر الدولة الأولى فى العالم التى دقت ناقوس الخطر للتنبيه على مخاطر التطرف والإرهاب، وضلوع دول إقليمية فى تقديم الدعم بالمال والسلاح والملاذات الآمنة لجماعات العنف والتعصب، واستطاعت من خلال حكمة إرادتها السياسية أن تحجم تلك المخاطر داخل دولتنا المصرية، وها هو العالم يلجأ إليها لكى يستنير بتلك التجربة ويسترشد بها بعدما تعرض للعديد من تلك العمليات الإرهابية التى كانت سببًا فى ترويع شعوب تلك الدول الآمنة، وهو ما يجعلنا نطالب بعقد مؤتمر دولى لمناقشة مفهوم الإرهاب ووضع أسس للتعاون الدولى فى مواجهة أعمال الإرهاب والعنف والتطرف.
وتحيا مصر.