رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمى لضحايا الإرهاب



اعتمدت منظمة الأمم المتحدة يوم الحادى والعشرين من أغسطس كل عام لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب فى العالم أجمع، وكم كنت أتمنى أن يتناول إعلامنا تلك المناسبة، لكى يتذكر المواطن المصرى تلك العمليات الإرهابية التى تعرضت لها البلاد على يد الجماعات التكفيرية، التى تأتمر بتعليمات وأوامر جماعة الإخوان الإرهابية، بل تتلقى منها أيضًا الدعمين المادى واللوجستى.
والواقع أنه، ومن خلال نظرة مجملة على الواقع المصرى، خلال السنوات التى أعقبت أحداث يناير ٢٠١١، نجد أن مصر قد مرت بفترة من الاضطرابات وجدت فيها تلك الجماعات البيئة المناسبة لممارسة أنشطتها الإجرامية، وتهديد أمن واستقرار الوطن، واستهداف المواطنين بعمليات غادرة، راح ضحيتها المئات من أبناء الشعب المصرى.
كنت أتمنى أيضًا أن يشير ويشيد الإعلام بنجاح القوات المسلحة والشرطة فى التصدى لتلك العمليات، ولكل ما يهدد أمن وسلامة الوطن، حتى تراجعت هذه الهجمات الخسيسة إلى أدنى مستوى لها.
ورغم أن تلك المؤامرات التى تتبناها هذه الجماعة الإرهابية لا تزال مستمرة، وإن اختلفت الوسائل والأساليب، فإن نجاح الأجهزة الأمنية فى القضاء على قيادات الصفا الأول والثانى منها قد أحدث شللًا فى تحركاتها وتأثيرها بشكل كبير.
وحسب بعض الدراسات، التى قامت برصد وتتبع خطى الإرهاب من عام ٢٠١١ إلى ٢٠١٩، وجدنا أنه كان هناك تصاعد كبير فى العمليات الإرهابية، بدأت بنحو ٣٤ عملية فى ٢٠١١، حتى وصلت إلى أعلى رقم لها خلال الفترة من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٧، حيث بلغت نحو ١٠٠٣ عمليات إرهابية، كان أبرزها استهداف النائب العام الراحل الشهيد هشام بركات، وكذا بعض القيادات العسكرية والأمنية والشخصيات العامة.
وبدأت تلك العمليات فى الانحسار مع بدايات عام ٢٠١٨، حيث وصل عددها لنحو ١٦ عملية، وها نحن اليوم نرى تراجعًا أكبر نتيجة لعدة عوامل أسهمت فى ذلك، من أهمها:
- تراجع كبير فى بنية التنظيمات والجماعات الإرهابية، وعدم قدرة العناصر المتطرفة على تنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
- انحسار شبه كامل لدور تنظيمى «حسم» و«لواء الثورة»، نتيجة تراجع حراك الجناح المسلح داخل الجماعة، عقب مقتل المسئول عنه الإخوانى محمد كمال.
- نجاح الضربات الاستباقية، التى قامت بها القوات المسلحة، والتى استهدفت العناصر الإرهابية من تنظيم بيت المقدس الإرهابى فى سيناء.
ومن هذا المنطلق فقد كنت أتمنى بالفعل أن تقوم أجهزتنا الإعلامية بتناول تلك المناسبة، لكى توضح لنا كم الإرهاب والتخريب الذى كنا نتعرض له، وكذلك حجم النجاحات والتضحيات التى قامت بها قواتنا المسلحة والشرطة المصرية لتحقيق أمن وسلام البلاد.
صناعة الفتن
صناعة الفتن من الصناعات التى يتقنها أهل الشر وينتظرون الفرص المناسبة لإطلاقها مع طرح الأكاذيب والشائعات، التى تعطى لها المصداقية والتأثير المطلوب، لإحداث التوترات والقلاقل بين الشعوب المختلفة أو بين أطياف الشعب الواحد.
وقد ابتليت مصر بآفة الفتن منذ عهود بعيدة، إلا أنها شهدت رواجًا وانتشارًا وتأثيرًا بشكل أكبر منذ نشأة جماعة الإخوان الإرهابية على يد حسن البنا ذى الجذور اليهودية، وهو ما يؤكد تأثره بأفكارها، وكذا أفكار الصهيونية والماسونية القائمة أساسًا على إثارة الفتن، والوقيعة بين الشعوب، والتى يتم ترويجها حسبما تريد تلك القوى الاستعمارية أن تحرك الأحداث فى منطقة أو دولة معينة، وفى توقيت معين بحيث يتحقق لها الهدف المنشود منها.
بيد أن هناك من يقوم بتلك الفتن بغير قصد أو تعمد أو عن جهل وعدم إدراك بحجم وخطورة ردود الأفعال التى سوف تترتب عليها، وهذا ما حدث مؤخرًا عندما حاول البعض فى فرنسا أن يربط بين الإسلام والإرهاب.
وللأسف تصادف أن جاء ذلك خلال مناسبة دينية عظيمة ينتظرها العالم الإسلامى كل عام، وهى ذكرى مولد رسولنا العظيم، سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو ما جعل ردود الأفعال الغاضبة ترفض أى إهانة تمس الإسلام ورسول الإسلام، وما ترتب على ذلك من تلك المظاهرات، وأيضًا بعض الأعمال الإجرامية الإرهابية التى تعرض لها بعض الآمنين من الشعب الفرنسى على يد بعض المتطرفين الذين لا يمثلون الإسلام بسماحته وقيمه وأخلاقه النبيلة.
وقد كانت مصر من أولى الدول التى فطنت إلى خطورة ما يحدث، وإلى احتمالية أن يكون ذلك بداية لانفلات أمنى فى فرنسا، وهو ما حدث بالفعل فى إحدى الكنائس ببلدية «نيس» الفرنسية، حيث قام أحد المتطرفين بقتل ثلاثة من الأبرياء وإصابة آخرين، كرد فعل للإساءة التى تعرض لها رسولنا الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم.
وكم كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حكيمًا وواضحًا، عندما أكد «أن نبينا العظيم قد أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسسًا عظيمة وخالدة للإنسانية جمعاء، وأن مكانة سيد الخلق فى قلوب ووجدان المسلمين لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، وأنه لا يمكن أن يتحمل مليار ونصف المليار مسلم أوزار ومفاسد وشرور فئة قليلة انحرفت عن صحيح الإسلام».
إن العلاقات المصرية- الفرنسية علاقات استراتيجية وتاريخية، الأمر الذى يجعلنا نناشد أبناء الشعب المصرى عدم الانجراف نحو تلك الفتنة، وأن نجتهد فى العمل على التأكيد على روح التسامح والسلام، التى ينادى بها الدين الإسلامى، وأن نثبت أن ديننا الحنيف يدعو إلى نشر مبادئ الوسطية والاعتدال.
وتحيا مصر.