رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف سرقت تركيا مقتنيات بيوت الله بمساعدة «الإخوان» فى 2013؟

جريدة الدستور

وكالة استخباراتية تعمل وراء ستار تنموى تولت المهمة.. والجماعة خدعت شيخ الأزهر

التنظيم وزع 37 نجفة على مساجد فى المحافظات ثم اختفت 9 منها

الجماعة وقعت بروتوكولًا رسميًا بحضور الطيب ثم أعادت صياغته من دون إخباره


قالت مصادر مطلعة بوزارة الأوقاف إن فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية شهدت إهدارًا متعمدًا لمقتنيات مسجد الإمام الحسين فى القاهرة، بعلم مسئولى الوزارة خلال هذه الفترة الكئيبة فى تاريخ مصر. وأضافت المصادر: «قيادات الأوقاف المنتمون لجماعة الإخوان آنذاك عملوا على توزيع مقتنيات المسجد العريق على عدد من مساجد الجمهورية، وفقًا لأهواء شخصية ومجاملات، ومن دون معيار واضح ومحدد».

 

 



وأوضحت أن قيادات الوزارة، بموافقة رئيس القطاع الدينى آنذاك، أرسلوا ٣ نجفات من المسجد إلى مديرية أوقاف دمياط، و٤ أخريات إلى مسجد «الرحمن» فى «عزبة أبوحشيش» التابعة لمنطقة حدائق القبة، و١٢ إلى مسجدى «الفتح» و«محمد أبوزهرة» فى منطقتى «الألف مسكن» و«ميدان الحجاز» بالنزهة، و٨ إلى مساجد «الناصر» و«الإمام» و«التقوى» فى الشرابية، و٦ إلى مسجد «القدوس» فى «الحى الثامن» بمدينة نصر، و٤ إلى مسجد «أبوطبل» فى عابدين، بإجمالى ٣٧ نجفة، فضلًا عن عدد من «المشكاوات» لم يُتعرف على الأماكن المنقولة إليها بعد.
وكشفت المصادر عن مفاجأة من العيار الثقيل تتمثل فى توقيع بروتوكول بين الأزهر الشريف، والوكالة التركية للتعاون والتنسيق «TIKA» التابعة لوزارة الثقافة والسياحة التركية، فى عام ٢٠١٢، لصيانة مسجد الحسين، وهو ما كان بابًا خلفيًا لإهدار العديد من مقتنياته.. فكيف حدث هذا؟
قبل الحديث عن ذلك البروتوكول وما تضمنه، نُلقى نظرة أولًا على طرفه التركى المتمثل فى الوكالة التركية للتعاون والتنسيق، التى تأسست فى عام ١٩٩٢، وتمتلك ٦١ مكتبًا فى ٥٩ بلدًا، ورصدت لها حكومة «العدالة والتنمية» الإخوانية ميزانية تتخطى ٩ ملايين دولار، مع نهاية العام الماضى.
وتزعم الوكالة المشبوهة، عبر موقعها الإلكترونى، بأنها «أداة من أدوات تطبيق السياسة الخارجية التركية فى عديد من الدول والمناطق، على رأسها الدول التى تشترك مع تركيا فى القيم والثقافة»، وتعتبر مكاتبها فى العالم أنها «تساعد تركيا فى بناء مفهوم سياستها الخارجية الفاعلة والمعتمدة على المبادئ».
لكن هذه «المبادئ» أثبتت الأعوام والحقائق أنها لم تكن إلا «أخونة» المجتمعات وزرع الفوضى ودعم الإرهاب بها، فالوكالة تعد ذراعًا مخابراتية للنظام الإخوانى الحاكم فى أنقرة، يستخدمها فى اختراق الدول والشعوب ودعم الإرهاب، من وراء ستار «التعاون مع دول العالم فى مشروعات تنموية وسياسية».
فمكاتب الوكالة تعمل على اختراق المساجد والجامعات وغيرها من المؤسسات الفاعلة فى هذه الدول، خاصة الإفريقية، بداعى «أعمال الإغاثة وأفعال الخير»، وذلك بمساعدة قوية من الخطوط الجوية التركية التى تتمدد فى معظم أنحاء القارة السمراء.
وبالطبع كانت مصر على رأس الدول التى اهتمت الوكالة بالعمل بها، وتنفيذ مخططاتها بداخل مؤسساتها بتنسيق تام مع جماعة الإخوان، وذلك عن طريق السفارة التركية فى القاهرة.
وحسب ما علمت «الدستور»، امتلكت الوكالة فرعًا فى شارع «محمد صالح مدنى» المتفرع من شارع «مصدق» فى منطقة الدقى بالجيزة، وبالتوجه إلى هذا العنوان، وجدنا فيلا مهجورة مخلوعة أبوابها ونوافذها.
وبسؤال أهالى المنطقة عما حدث فى الفيلا، جاءت التعليقات كلها بأنها كانت تابعة للسفارة التركية، وقبل تركها- منذ قرابة عامين- أخفوا معالمها، وخلعوا النوافذ والأبواب التى كانت تحمل العلم التركى، وتوجهوا إلى مقر جديد فى حى المعادى بالقاهرة.
توجهنا إلى العنوان الجديد فى شارع ١٣ بحى المعادى، حيث توجد فيلا مملوكة لأحد الأطباء النفسيين، استأجرتها الوكالة، ثم تركها موظفوها منذ أقل من عام، وفقًا لسكان المنطقة، الذين قالوا: «تم نزع الأعلام التركية وترك المكان بشكل مفاجئ».
نعود إلى قصة سرقة مقتنيات مسجد الحسين، باستغلال بروتوكول التعاون الموقع بين الوكالة التركية سالفة الذكر والأزهر الشريف، فى عام ٢٠١٢، وتحديدًا فى ٢٦ مارس من ذلك العام.
وحسب ما نُشر وقتها عن ذلك البروتوكول، فى عدد من المواقع الإخبارية، فإن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقع البروتوكول أو الاتفاقية مع وفد من السفارة التركية، فى حضور الشيخ فؤاد عبدالعظيم محمد، وكيل وزارة الأوقاف، ومحسن على، ممثلًا عن وزارة الآثار، علمًا بأن وزير الأوقاف وقتها كان الدكتور عبدالفضيل القوصى.
ونصت الاتفاقية على «قيام الجانب التركى بأعمال الترميمات اللازمة فى جامع ومجموعة الأزهر الشريف، وجامع أبوالذهب، وتكية السلطان محمود، وجامع الإمام الشافعى فى القاهرة، وجامع الشوربجى، وجامع إبراهيم تربانة، ومقبرة النبى دانيال بالإسكندرية، إلى جانب تجديد فرش جامع سيدنا الحسين وتحديث شبكته الكهربائية».
ولم يكن هناك أى شبهات حول هذا البروتوكول، حتى إنه عقب الاتفاق بين الجانبين، منح الإمام الأكبر المؤسسة التركية ٥ منح لدراسة اللغة العربية بالمجان، لكن ما حدث بعد عام من تاريخ التوقيع، فى عهد وزير الأوقاف الإخوانى، طلعت عفيفى، هو ما أثار كل الشبهات.
ففى ٢١ فبراير ٢٠١٣، التقى الدكتور عبده مقلد، رئيس القطاع الدينى فى وزارة الأوقاف، أحد رجال «الإخوان» بها آنذاك، مع جاهد أصيل، مدير مكتب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق فى القاهرة، واتفقا على إعادة توقيع البروتوكول ذاته، مع التغيير فى نصوصه، وذلك دون حضور أو مراسلة الأزهر الشريف أو شيخه.
وتضمنت التعديلات الجديدة: تبديل وتجديد شبكة كهرباء مسجد الإمام الحسين، وترميم جامع ومجموعة الأزهر الشريف، وتحويل مكتبة السلطان محمود إلى مركز ثقافى، وترميم الأجزاء المتضررة فى قبر وجامع الإمام الشافعى، وجامع الشوربجى، وجامع إبراهيم تربانة بالإسكندرية، إلى جانب «دراسة كيفية استعادة التراث التركى المصرى، وإنشاء مركز ثقافى تركى مصرى».
وفى التاسع من مارس ٢٠١٣، أى بعد ١٨ يومًا من توقيع البروتوكول الجديد مع رجل «الإخوان» فى الأوقاف، الدكتور عبده مقلد، وفى عهد وزير الأوقاف الإخوانى، طلعت عفيفى، بدأت «TIKA» أعمال فك النجف فى مسجد الإمام الحسين، وذلك دون علم شيخ الأزهر، الذى لم يحضر أو يطلع على صيغة البروتوكول الثانى.
وبعد تولى الوكالة أعمال ترميم مسجد الحسين، وفقًا للبروتوكول الموقع مع قيادات «الإخوان»، تم نقل ٣٧ نجفة من المسجد إلى عدد من مساجد الجمهورية، بتخطيط وتنفيذ من قيادات الجماعة، ثم اختفت من هذا العدد المنقول ٩ نجفات، وعدد من «المشكاوات»، بواقع ١ من دمياط، و١ من مسجد «الفتح» فى منطقة الألف مسكن، و٦ من مسجد «القدوس» فى مدينة نصر، و١ من مسجد «أبوزهرة» فى ميدان الحجاز.
والتقت «الدستور» أحد أطراف البروتوكول الأول، الذى تم توقيعه فى مارس ٢٠١٢، وهو الشيخ فؤاد عبدالعظيم، الذى كان ممثلًا عن وزارة الأوقاف آنذاك.
وقال «عبدالعظيم» إن البروتوكول تم توقيعه فى مشيخة الأزهر من قبل الإمام الأكبر، بحضور وفد كبير من السفارة التركية، وبعلم من الدكتور الراحل عبدالفضيل القوصى، وزير الأوقاف آنذاك، مضيفًا: «لم يكن هناك أى شبهة تجاه هذا البروتوكول، الذى كان يشمل ترميم ١٤ موقعًا، وعدد من الأماكن الأثرية الإسلامية».
وعن تفعيل البروتوكول، أو صياغة آخر بدلًا منه فى عهد وزير الأوقاف الإخوانى، طلعت عفيفى، قال: «تم إقصائى من الوزارة، لمعارضتى الدائمة لجماعة الإخوان فى فترة حكمهم».