رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إجبار التلميذات على ارتداء الحجاب



جاء فى مقدمة الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى ٢٠١٤ وأقسم عليه أعضاء مجلس النواب، وكل المسئولين فى الدولة أقسموا على العمل به وعلى تفعيل مبادئه: «نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق فى العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان، وأن لكل مواطن حقًا فى يومه وغده»، وفى فقرة أخرى من ديباجة دستورنا، التى تعتبر جزءًا من الدستور ومبادئه «نحن- الآن- نكتب دستورًا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية.. نكتب دستورًا يصون حرياتنا ويحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية، دستورًا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز».
هذا معناه أننا نقوم ببناء دولة وطنية ديمقراطية مدنية حديثة دولة مواطنة لا تمييز فيها بين المواطنين والمواطنات بسبب الدين، أو العقيدة، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى، أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون.. هذا ما جاء فى دستورنا فى المادة «٥٣» فى باب «الحقوق والحريات والواجبات العامة»، كما أكدت أيضًا هذه المادة إنشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كل أشكال التمييز، وبالطبع يا سادة لم يكن من أولويات مجلس النواب، الذى انتهت فترته، «بل ونحن على أبواب إجراء انتخابات مجلس نواب جديد»، تشريع وإصدار قوانين خاصة بتجريم التمييز، ولم يهتم بإنشاء مفوضية عدم التمييز، رغم أننا نحارب الإرهاب والجماعات الإرهابية المتشددة دينيًا، التى تنتشر فى بلادنا ويحض شيوخها كل يوم على الفتنة والتمييز بين المواطنين، بل ويكفِّرون أبناء مصر من المسيحيين ويبثون سموم أفكارهم التى تحض على عدم قبول الآخر وتكفيره، بل ويقومون بإشعال الفتن والقتل والتدمير.
كل هذا تحت سمع وبصر الدولة التى لم تحل بعد الأحزاب الدينية، ولم تقم بتطهير أجهزة ومؤسسات الدولة من ذوى الأفكار الظلامية المتطرفة الذين تغلغلوا فى مفاصلها، وبالذات فى التعليم وتربية النشء، وكلنا يذكر يا سادة الخلاف الذى كان بين السلفيين بقيادة حزب النور، ومطالبتهم بوزارتى التربية والتعليم والإعلام أيام حكم الإخوان، وإفشاءهم لما تم من تعيين ١٣ ألفًا من الإخوان فى كل مؤسسات الدولة خاصة فى التعليم والحكم المحلى.
ولنقرأ معًا المادة «٧٤» من الدستور، التى لم يتم تفعيلها حتى الآن مما يساعد على نشر التطرف واستمرار الأعمال الإرهابية «للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معادٍ لمبادئ الديمقراطية، أو سرى أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى».
لماذا لم يتم تفعيل هذه المواد؟! التى بتفعيلها نسهم فى القضاء على الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى نعمل على بناء الدولة المدنية الحديثة دولة المواطنة والعدل والمساواة.
إن عدم تطهير أجهزة الدولة، وعلى رأسها التربية والتعليم، واستمرار المتطرفين والمتطرفات فى بث أفكارهم سيشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع، وطبعًا كلنا سمعنا ورأينا العديد من الجرائم التى تُرتكب باسم الدين، وآخرها ما تم بعد بدء العام الدراسى الجديد ١٧ أكتوبر ٢٠٢٠، وأقصد هنا الواقعة التى تمت فى مدرسة بلبيس للغات بمحافظة الشرقية، حيث تعمدت مديرة المدرسة فرض لبس الحجاب على إحدى الطالبات بالمرحلة الإعدادية باعتباره زيًا موحدًا للطالبات، وعندما اعترضت والدة الطالبة على إجبار ابنتها على ارتداء الحجاب ردت مديرة المدرسة «الحجاب زى مدرسى موحد على جميع الطالبات».
وردًا على هذه الواقعة أصدر عدد من المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والشخصيات ولجان المرأة بالأحزاب بيانًا جاء فيه: «نتقدم نحن الموقعون أدناه بطلب عاجل لكل الجهات المعنية بحماية سلامة المواطنة والدة الطالبة ريم صلاح، من أى تشهير أو بلاغات كيدية تهدد سلامة الأسرة، وتوفير بيئة تعليمية داعمة للمواطنة».
كما أعلن المجلس القومى للمرأة عن أنه تقدم بشكوى للسيد الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، جاء فيها: «نطالب بسرعة التدخل والتحقيق فيما حدث، وأخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان الحفاظ على حقوق فتيات مصر فى تلقى التعليم دون إرهاب أو تهديد».
كل ما نريده يا سادة ويا سيدات هو الالتزام بالدستور والاتفاقيات الدولية للمرأة والطفل، وضمان حقوق المواطنة بلا تمييز على أساس الجنس أو الدين.