شيخ مشايخ «الصوفية» لماكرون: تعاليم الرسول دواء لـ«فتنة فرنسا»
وجه الدكتور عبدالهادى القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية وشيخ مشايخها، رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مستنكرًا فيها الإصرار على نشر الرسوم الكارتونية المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية التعبير، مؤكدًا أن التعدى على حريات الآخرين فى رموزهم الدينية ليس بحرية تعبير.
وقال أحمد قنديل، المستشار الإعلامي للمشيخة العامة للطرق الصوفية، موضحًا أن القصبى قال فى بيان له منذ قليل أن هذا التصرف سوف يشعل الفتنة وعلينا جميعًا أن نتمسك بالتسامح والصفح عن الآخرين كما علمنا رسول الإنسانية ومعلم البشرية، ويجب ألا تدفعنا تلك التصرفات العقيمة إلى ردود أفعال لا تليق بسماحة الإسلام الذى يحترم الجميع ويحترم مقدساتهم.
وطالب رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية وشيخ مشايخها، بالتعلم من تعاليم ديننا الإسلامي السمح وتعاليم الرسول الكريم الذي يدعو إلى التسامح والحب وينهى عن البغضاء والكراهية، كما دعانا الرسول الكريم إلى احترام كل الأديان، فمبادئ الإسلام في التعامل مع غير المسلمين هو التسامح، وهو أساس العلاقة في التّعامل مع غير المسلمين، انطلاقًا من قول الله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أى أنّ معاملتهم قائمةٌ على البِرّ، والقِسط، والحوار بالحُسنى، تعامُل الرسول مع غير المسلمين بعد هجرة النبيّ- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة.
وما تبع ذلك من إقامة الدولة الإسلامية فيها كان المسلمون أمام حقيقة واقعة، تتمثّل بالوجود اليهودي فيها، حيث القبائل اليهودية الثلاث المشهورة: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وقد كانوا حينها يُشكّلون قوةً اقتصادية ودينية لا يمكن إنكارها؛ فرأى النبيّ- عليه السلام- ضرورة تنظيم العلاقة مع الوجود اليهودي بما يكفلُ لهم حقوقهم، ويكشف لهم واجباتهم في دولة الإسلام الفتيّة؛ فظهرت "وثيقة المدينة" التي أبرمها النبي عليه السلام مع يهود بني عوف شاهدَ صدقٍ ودليلَ حقٍّ على سماحة الإسلام واعترافه بالآخر، بل ودعوته للتّعايش مع غير المسلمين على أسس واضحة، تحفظ حقوق الجميع مثلما تفرض عليهم واجبات، وبناءً على ذلك قامت وثيقة المدينة على الأسس الآتية حرية العقيدة في الإسلام. استقلال الذمة المالية. التعاون في حماية الوطن حالة الحرب. العدل التام. المناصحة بالخير والتّعامل بالإحسان.
وأوضح "القصبي" أن التعنت الفرنسي الرسمي بنشر رسوم مسيئة للنبي محمد في موقف غير مسؤول يفتقر الى الحكمة ويغذي العنصرية، وينافي كل التعاليم الدينية ويختزن العداء لكل الأديان ورموزها موضحا أن الإساءة الى شخصية الرسول الأعظم، عدوان لا يقبله عقل ولا دين، فضلًا عن معارضته حرية الرأي والتعبير التي تقف عند احترام حرية معتقدات الآخرين وتقديس رموزهم.
واختتم القصبى رسالته داعيًا من يهاجمون الرسول الكريم إلى الانصات إلى بنى ذويهم من علماء ومفكرين ومستشرقين ومن على سبيل المثال الدكتور مايكل هارت صاحب كتاب «الخالدون مائة أعظمهم محمد»: إن محمدًا كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الدينى والدنيوى.. إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى معا يخوله أن يعتبر أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية.
وأشار مونتجومري وات، في كتابه «محمد في مكة»، إلى ان استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه.
وفى كتابه «الشرقيون وعاداتهم»، قال برتلي سانت هيلر المستشرق ألماني الذي ولد في درسدن 1793: كان محمد رئيسًا للدولة وساهرًا على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبي بين ظهرانيها، فكان النبي داعيًا إلى ديانة الإله الواحد وكان في دعوته هذه لطيفًا ورحيمًا حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة.