رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإبداع الآسيوي.. بين الحضور والغياب

 .زين عبد الهادي
.زين عبد الهادي

لا أحد يستطيع أن يعطي حكم قيمى بأن ثمة حضور للإبداع الآسيوي أو غيابه، تتباين الأراء حول اشتباك مثقفي المنطقة العربية بالإبداع الآسيوى، عن حضوره واشتباكه مع راهن المشهد الإبداعي العربي، لا يمكن مثلا وضع مقارنة بين الحضور الإبداعى الآسيوي بتنويعاته المختلفة الصيني اليابانى، الإيرانى الكوري، وحضور الإبداعي الإنجليزي أو الثقافة الإنجليزية، بالرغم من الاقتراب الجغرافي والتاريخى والقواسم المشتركة بين الثقافة الآسيوية والعربية إلا أنه من الواضح ثمة غياب للإبداع الآسيوي.

أكد الكاتب الصحفي والروائي أشرف أبو اليزيد أن إمكانية قياس الحضور الأدبي العالمي عامة، والآسيوي خاصة، بمدى انتشار ترجمات هذا الأدب، بنسخ تتخطى الأعداد المحدودة والرمزية، واستدعاء رموزه في أنشطة ثقافية تتجاوز الغرف المغلقة، والجلسات الرسمية، وأعتقد "أن مهمة تكريس هذا الحضور تقع على عاتق المترجمين المحترفين الموهوبين وهؤلاء يستمدون حياتهم العملية من المؤسسات الراعية لهم".

وأشار أبو اليزيد إلى تكاتف الدور المؤسسي، سواء كان حكوميا يمثله المركز القومي للترجمة، وسلسلة الجوائز في هيئة الكتاب، أو كان دارا خاصة يمثلها بشكل واضح بيت الحكمة، المتخصص في نشر الأدب الصيني، ضمن إصداراته المتنوعة.

ولفت إلى أن آسيا ليست الصين وحدها، ومن ثم أرى غيابا كبيرا للأدب الآسيوي، إلا من جهود فردية، يمثلها نموذجا عن الأدب الكوري الدكتور محمود عبد الغفار.

واستطرد أبو اليزيد لقد حاولتُ من خلال السلسلة التي أصدرها (إبداعات طريق الحرير) سد تلك الفجوة، فترجمتُ عن الإنجليزية مجموعة للشاعر الهندي هيمانت ديفاتي، ومختارات للشاعر الكوري مانهي، ونشرت دراسة نقدية للكاتبة الهندية سبينة عباس، وأصدرت رضوى أشرف في السلسلة ذاتها (الأنامل القرمزية) وهو 8 روايات قصيرة لكاتبات كوريات.

وختم أبو اليزيد: أتمنى أن تصدر سلسلة للأدب الآسيوي عن جهة رسمية لنخرج من الاستلاب الثقافي الأوروبي المدمن، وأن تنظم فعاليات موازية يدعى إليها أعلام الأدب الآسيوي لجمهور الثقافة في مصر، والمشتغلين بعوالمها الأدبية.

في نفس السياق، لفت الدكتور زين عبد الهادي إلى أن الحضور الإبداعي الأدبي الآسيوي الآن يختلف عن العقود الماضية، ولا يعود الأمر لأسباب تتعلق بحصول بعض الروائيين الآسيويين على جائزة نوبل الآداب، فعلى مدار العقود الماضية كانت الأعمال الأدبية التي تنتمي لدول آسيوية تترجم إلى العربية ولعل أهمها أعمال طاغور الشاعر الهندي العظيم صاحب فلسفة الحب والجمال (1861- 1941).

وخلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بدأت أعمال الكتاب من أدباء وشعراء يابانيين وصينيين تغزو الأدب العربي، ومنها الحضور القوي لمويان في الرواية خاصة بروايته الساخرة "الثور"، و"الذرة الرفيعة الحمراء"، كما أن مو نفسه تحدث عن العلاقة على المستوى الأدبي والتخيلي مع نجيب محفوظ والتماسات بين شخصيتيهما.

ميرا أحمد: كتاب الأغاني هو أيقونة الثقافة الصينية
تلفت مترجمة الأدب الصيني ميرا أحمد إلى أن الأدب الصينى برهن على مدى على تفوقه وقدرته، فهو من أشهر وأعرق الآداب فى العالم. وليس غريب على الصين أن تتطلع على الثقافات الخارجية لتثرى ثقافتها وتعزز من ميراثها الأدبى.

وتشير ميرا أحمد إلى أن الصين ظلت حبيسة أسوار من العزلة فترات طويلة، ربما يكون هذا بسبب الأسباب الجغرافية أو السياسية أو حتى تاريخية.ورغم ذلك قدم الكتاب الصينيين أعمالًا هامة على مدار 3000 عام تقريبا، فى البداية تضمنت الأعمال الأدبية موضوعات عن التاريخ والفلسفة والعلوم، وتجلت تعاليم الكونفوشيوسية فى معظم أعمالهم. وباكورة الأدب الصينى هى مختارات شعرية بعنوان كتاب الأغانى. وأشهر كلاسيكيات الأدب الصينى" حلم المقصورة الحمراء، الرحلة إلى الغرب، حرب الممالك الثلاثة.
مي ممدوح: الأدب الآسيوي حاضر بالفعل
تقول المترجمة مي ممدوح إن الأدب الأسيوى موجود بالفعل، لكن وجوده باهت قليلا لو قورن بالأدب الغربي الأوروبي منه والأمريكي، حتما الأدب الروسي سيحتل المرتبة الأولى في الحضور، فأعمال تشيخوف ودستويفسكي وآخرين لا يجهلها قاريء عربي مثقف، وعلى الجانب الأخر يتوالى نشر الإبداع الصيني وان كان أقل مما ينبغي نظرا لظروف الصين الخاصة، والتي جعلت منها مجتمعا منغلق لوقت قريب، لكن الآن بات نشاط حركة الترجمة عن الأدب الصيني أفضل مما سبق، وباتت اسماء مثل مويان ويوهوا، وسو تونغ، مألوفة بعض الشيء على الآذان، وخاصة بعد حصول مويان على جائزة.

ولفتت إلى أن ما يتعلق بالأدب الياباني فتبقى روايات هاروكي موراكامي قد ترجم منها الكثير، إجمالا الأدب الآسيوي حاضر غير أن معوقات كثيرة تحول دون انتشاره كما الآداب الغربية، فقد ترجمت الكثير من الأعمال عن ترجمات وسيطة، بينما تظل المشكلة التى تحول دون رواجه ممثلة في قلة أعداد المترجمين المؤهلين، وصعوبة الحصول على حقوق النشر، والصعوبات التي تلاقيها دور النشر في تقديم هذا الأدب.