استفاقة أوروبية ضد إرهاب الإخوان تنطلق من باريس
عبر الأموال القطرية والتركية استطاع تنظيم الاخوان الإرهابي في توسيع انتشاره في المجتمع الأوروبي سعيًا لنشر أفكاره المتطرفة، مما بات يهدد كثير من الدول الاوروبية بتفشى أعمال التطرف بالقارة العجوز.
تحذيرات أوروبية.. وقلق متزايد
في يونيو الماضي، أكد البرلمان الهولندي في تقرير له، أن هناك مخاوف كبيرة من تعاظم الدعم التركي والقطري للمراكز الدينية والمساجد في هولندا، موضحًا أن الدوحة وأنقرة تهدفان لتحقيق نفوذ قوي في المجتمع الهولندي، وفق ما ذكرته صحيفة "ذي ناشونال" الإماراتية في تقرير لها أمس الجمعة.
قلق متزايد
تزايد القلق في هولندا من نمو مجتمع الإخوان وامتداد تأثيره على مراكز دينية كبيرة، بعد كشف تقارير حكومية عن دعم لا محدود لتلك المؤسسات من قبل قطر وتركيا، ووصل في بعض الأحيان إلى عشرات ملايين الدولارات، واستهدف الدعم تحديدًا "المسجد الأزرق" في أمستردام، و"مركز الإسلام الثقافي في روتردام"، ومركز "ميدنويج".
وفي الشهر نفسه، سلط تقرير ألماني الضوء على أنشطة مشبوهة لخلايا سرية قال "إنها لإسلاميين تعمل على تخريب الديمقراطية وتفكيك النسيج الاجتماعي"، مشيرًا إلى أن تلك العناصر تنتمي لتنظيم الإخوان الإرهابي وتتلقى تمويلات تركية وقطرية.
وكشف تليفزيون "ولاية بافاريا الألمانية" في تقريره، عن أنشطة وتحركات يقوم بها الإخوان من خلال "خلايا تعمل على تدمير الديمقراطية"، تعمل سرًا، محذرًا من أن هذا التنظيم قد يكون يشكل خطرًا على أمن البلاد ونسيجها المجتمعي أكثر من ذلك الذي يمثله تنظيم داعش.
هل تصبح "فرنسا" كلمة السر للقضاء على التطرف؟
جاء حادث ذبح المعلم الفرنسي على يد أحد المتطرفين بباريس، ليصبح نقطة انطلاق المجتمع الأوروبي للحرب على جماعات الاسلام السياسي، التي استخدمت حرية الفكر بالقارة العجوز لنشر التطرف الفكري، إذ اتخذت باريس عدة قرارات لمحاربة التيارات المتطرفة في البلاد، إذ أعلنت أول أمس، عن أنها ستعزز مواجهة التيارات المتطرفة وستغلق مدارس وجمعيات تدعم التطرف.
وقررت الحكومة الفرنسية حظر جمعية مقربة من تنظيم الإخوان، وترحيل متطرفين
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية إن الخطر الذي يواجه الجمهورية الفرنسية له اسم هو "الإسلاموية السياسية"، معلنًا حل جمعية مقربة من حركة حماس، وإغلاق مسجد، وترحيل مطرفين.
فيما أكدت الحكومة أنها سترحل عشرات المتطرفين الأجانب، وستعلن في الأسابيع المقبلة عن إغلاق جمعيات إسلامية يتردد أنها ستشمل التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا وكذلك جمعية بركة سيتي.
استفاقة من غفلة أوروبية
وقال طارق البشبشي، القيادي السابق بجماعة الإخوان الإرهابية، والمتخصص في شئون الحركات الإسلامية، إن أوروبا بدأت تستفيق من غفلتها، بعدما استغل الإخوان أجواء الحريات وقوانين حقوق الإنسان في الانتشار والتمدد، وفرض واقع جديد في القارة العجوز.
وأضاف "البشبشي"، في تصريحات للدستور: "أوروبا تمر بمرحلة حرجة من تاريخها، بسبب الاستهتار بتنظيم الإخوان الدولي وجماعات التطرف التي تستغل الحرية هناك، لتحقيق أهداف السيطرة والانقضاض على الحضارة الغربية"، لافتًا إلى أن القارة العجوز أخطأت خطأ فادحًا بفتح أبوابها لهذه العصابات المتطرفة، نكاية في الأنظمة القومية في الشرق الأوسط التي دخلت في صدامات مع تلك الجماعات الإرهابية خاصة تنظيم الإخوان العتيد.
وأشار إلى أن أوروبا كانت حاسمة وحازمة في القضاء على الجماعات النازية والفاشية، منوهًا إلى أنها في الوقت نفسه تساهلت كثيرًا مع أفكار المتأسلم السياسي ولم تضعه في نفس مربع الفكر النازي والفاشي وتدفع ثمن ذلك الآن.
استطرد: "إذا كانت أوروبا جادة في إنقاذ نفسها من مصير مجهول فعليها أن تضع مسافة بينها وبين أمريكا وبريطانيا التي تستخدم الجماعات في تحقيق أهدافها الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط"، مؤكدًا على ضرورة التعاون الأوروبي مع مصر وباقي دول الرباعي العربي، للحرب بلا هوادة ضد هذه الجماعات لتقويض الفكر المتطرف.
تذكير المجتمع الأوروبي بخطورة التطرف
وقال عمار وقاف مدير مؤسسة جونسس للأبحاث، إن قرار الحكومة الفرنسية الأخير يندرج ضمن سياسة فرنسية عامة أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في بداية أكتوبر الجاري، تستهدف مواجهة "النزعة الإسلاموية" عند بعض شرائح المجتمع الفرنسي، ذى الأصول شمال الإفريقية، لافتًا إلى أن الهدف المعلن لهذه السياسة هو تصحيح استقطاب واتهامات متبادلة طال أمدها بين شرائح المجتمع الفرنسي، الأصلية منها والمهاجرة، ما يمنع اندماجًا تسعى إليه الطبقة الليبرالية الحاكمة في فرنسا، مختلف أرجاء أوروبا عمومًا.
وأضاف، في تصريحات للدستور، أن حادث ذبح المعلم الفرنسي وفر للحكومة غطاءً مثاليًا لاطلاق سلسلة إجراءات، تستهدف مراكز ترويج "النزعة الإسلاموية" بغية إضعاف قدرتها على التنظيم والتأثير، لافتًا أنه لولا تلك الحادثة، لكان من المحتمل أن تواجه تلك الحكومة ممانعة أكثر لإطلاق تلك الإجراءات، سواء من المجتمعات المسلمة التي ربما تشعر الآن ببعض الحرج، أو المجتمعات الأخرى التي كان يمكن لها أن تعارض سياسات الحكومة على أساس احترام قيم حرية التعبير.
وأشار إلى أنه بالنسبة لباقي دول أوروبا، فلا يظهر للعلن وجود سياسات مشابهة فيها ضد "النزعة الإسلاموية"، مردفًا: "لكن تبقى هذه الحادثة الأليمة فرصة لتذكير المجتمعات الأوروبية بخطورة التطرف، ويعني هذا أن الدول الأوروبية ستستغل هذه الحادثة، مثلما حدث بعد أي عمل إرهابي آخر واجهته في السنين الأخير، للتضييق على الهيئات التي تروج لتلك الأفكار".