رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بلومبرج»: أردوغان يغامر خارجيا ويستخدم الدين كأداة لتحقيق أطماعه

أردوغان
أردوغان

أكد خبير سياسي أمريكي أن الرئيس التركي رجب أردوغان يفعل كل ما بوسعه، من أجل تحقيق أية مكاسب، مشيرا إلى أن المغامرة التركية في الخارج مدفوعة على أمل تحقيق أي فرص والرهان أيضا على الإفلات من العقاب.

وقال بوبي غوش الخبير في الشرق الأوسط وأفريقيا، في مقال له بوكالة بلومبيرج، اليوم الاثنين، إنه في عام 2010 كانت عقيدة السياسة الخارجية التركية "صفر مشاكل" مثال للإعجاب في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط لكن بعد مرور عشر سنوات، يمكن وصف مشهد السياسة الخارجية لتركيا بأنه أصبح عبارة عن "مشاكل فقط"، حيث تتبع أنقرة أسلوب القوة الصلبة والخطاب القاسي، بدلًا من الدبلوماسية، للحفاظ على نفوذها.

وأوضح غوش أن تركيا تتبع مواجهة بدرجات متفاوتة مع معظم الدول المجاورة إما لحدودها البرية أو في مياه شرق البحر المتوسط وتشمل دول اليونان وسوريا وإسرائيل وقبرص والعراق وأرمينيا ومصر، بل ذهبت في صراع مع فرنسا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وقال الكاتب الأمريكي إنه في الوقت الذي لا يبدو أن القوى العالمية تتفق فيه على أي شيء، لكن هناك شبه إجماع بينهم على أن أردوغان هو مثيرو المشاكل، الأمر الذي عرضه إلى تلقي ضربات حادة وآخرها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اتبعت لهجة شديدة مع أردوغان رغم قربه من ترامب.

وخلافا لذلك ينظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصفه أردوغان بأنه "صديق جيد"، نظرة قاتمة إلى دوره كقائد للصراع القوقازي، حيث تدعم تركيا بحماس أذربيجان ضد أرمينيا، فقد اتهم الكرملين تركيا بأنها تصب الزيت على النار في النزاع المستمر منذ فترة طويلة حول منطقة ناغورنو كاراباخ.

وإلى جانب ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتفض ضد أردوغان بسبب تدخل تركيا في الحرب الليبية كما سلوك تركيا في شرق البحر المتوسط والقوقاز، أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي صدت دعوات أوروبية أوسع لمعاقبة تركيا، تجد نفسها في موقف حرج مع استئناف عمليات التنقيب في المياه المضطربة بالمتوسط.

وكأن كل هذا لم يكن كافيا، فقد جاءت الإدانة من جهات غير متوقعة مثل الهند، التي لم تكن مسرورة بتصريحات أردوغان حول كشمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد قال مندوب نيودلهي الدائم لدى الأمم المتحدة إنه يجب أن تتعلم تركيا احترام سيادة الدول الأخرى والتفكير في سياساتها الخاصة بشكل أعمق.

واعتبر غوش أن هناك سقوطا كبيرا لسياسة تركيا الخارجية لأن معظم صراعات أنقرة هي من اختيار أردوغان وقد كان من الممكن أن يتجنب بسهولة التورط في الحرب الأهلية الليبية أو أزمة القوقاز، وكذلك خطابه بشأن كشمير، إلا أنه اختار الخوض في هذه المشكلات.

وأكد الكاتب الأمريكي أنه من الصعب فهم "لماذا" يقوم أردوغان بكل هذا، فهناك من يتحدثون عن تفسيرات عقائدية لمغامرة أردوغان مدفوعة من العثمانية الجديدة والقومية العرقية التركية وكذلك الأيديولوجية الإسلاموية، فيما يشير آخرون إلى الجغرافيا السياسية باعتبارها محركا لأردوغان لأن تركيا تناور من أجل البحث عن فضاء في نظام متعدد الأقطاب قيد التشكل حيث ترى نفسها قوة عالمية متوسطة الحجم، ذات امتداد اقتصادي وثقافي يلائم هذا الوضع بالإضافة إلى القوة العسكرية المطلوبة.

وأضاف غوش أن البعض الآخر لا يزال يركز على الدوافع التجارية الضيقة، مثل التدافع على موارد النفط والغاز والبحث عن أسواق جديدة، خلافا للعوامل الداخلية السيئة والكآبة الاقتصادية المتفاقمة، دفعت أردوغان للتلويح بالعلم التركي في الخارج لإلهاء شعبه.

فيما أكد الكاتب أن أردوغان يفعل ما يفعله لأنه يفلت من العقاب، سواء في السياسة المحلية أو الإقليمية فهو لم يدفع ثمنًا باهظًا لمغامرته، فقد كانت التكلفة في الدم التركي منخفضة بشكل ملحوظ لأسباب عدة من بينها الاعتماد على المرتزقة الأجانب خاصة من سوريا.

فيما يتعلق بالتكاليف لا يتحمل أردوغان شيء بل يجادل بأنه سيحقق المكاسب الاقتصادية من وراء هذه التدخلات فمثلا من خلال التدخل في ليبيا تأمل أنقرة في تنفيذ صفقات بناء بقيمة 18 مليار دولار.

ومن الناحية التجارية فإن الربح المحتمل من هذه الغزوات يفوق إلى حد كبير أي خسارة للفرص مع اليونان أو أرمينيا أو مصر فهذه الدول لا تعتبر أي منها شريكًا تجاريًا رئيسيًا لتركيا، في المقابل، يتمتع خصوم تركيا بين القوى الكبرى بنفوذ اقتصادي هائل، لكنهم كانوا مترددين في استخدامه مثل الاتحاد الأوروبي كما أن الرئيس الأمريكي خجول بشأن فرض أي عقوبات على أردوغان.

وأكد الكاتب أن الدين أداة في يد أردوغان وليس دافعًا لسياساته الخارجية وهنا الانتهازية أفضل تفسير أفضل من العقيدة بالنسبة لاستخدام أردوغان للإسلام.