رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام زكريا يكتب: سيرة القلب.. ذكريات عن الثقافة والفن والحب فى نصف قرن (الحلقة الخامسة)

عصام زكريا
عصام زكريا

الذين سيأتون بعدنا محظوظون، لأنهم سيرون عالمًا لم نعرفه وأشياء لم تخطر ببالنا، ولكننا محظوظون لأننا رأينا عالمًا وأشياء لن يستطيع من يأتى بعدنا رؤيتها. ربما يتمنى المرء أن يركب سفينة فضاء مستقبلية ليزور المريخ، ولكنه قد يتمنى أيضًا لو عاد فى الزمن ليعيش فى زمن أحمس ورمسيس.
لا يكتفى الإنسان من العمر مهما طال، ولذلك اخترع الخلود، ولكن عمرًا واحدًا قد يكون أكثر مما ينبغى. لقد رأيت الدنيا وهى تتغير من حولنا ليس مرة واحدة ولكن مرات عدة. من لعب «البلى» وصيد العصافير بالنبلة إلى البلايستيشن وألعاب الفيديو والواقع الافتراضى، ومن الأراجوز وسينمات الدرجة التالتة إلى التليفزيون والفيديو والثرى دى والهالوجرام، ومن ركوب الحنطور والترام إلى مترو الأنفاق والطائرات والسفر الافتراضى حول العالم، ومن الكتابة بالقلم «الكوبيا» و«الحبر الشينى» إلى الآلة الكاتبة والكيبورد وقلم النوتبوك، ومن انتظار وصول الخطابات بالبريد وانتظار صدور الصحف ليلًا إلى الهاتف المحمول والإنترنت.
.. ها أنا أنتقل إلى الإعدادية، وها هو عام يمر على انتصار أكتوبر، وكأن عمرًا قد مر وجاء آخر جديد بالنسبة لى. هل كان الأمر كذلك بالنسبة للبلد أيضا؟
فى ذكرى الانتصار بدأت الاحتفالات بالإعلان عن نزول عدد من الأفلام التى تدور حول الحرب إلى دور العرض. ربما يكون التليفزيون قد عرض فيلمًا أو اثنين وثائقيين، لا أذكر، هل ما شاهدته كان أفلامًا أم مجرد مادة إخبارية مصورة. على كل حال لم تكن الأفلام الوثائقية أو المواد الإخبارية المصورة شيئًا له قيمة فى نظر المسئولين عن الإعلام و«التوجيه المعنوى». ولذلك لم نعرف تفاصيل ما حدث فى الحرب إلا من خلال بعض الصور الفوتوغرافية والتقارير الصحفية الرسمية، ثم من أفلام محمود يس، التى باتت، وما زالت، المرجع الرئيسى لما حدث فى أكتوبر 1973!.
أفكر الآن مندهشًا: كيف لبلد بحجم مصر وسينما بتاريخ السينما المصرية أن تختزل انتصارًا بحجم أكتوبر 73 فى هذه الأفلام الهزلية الهزيلة التى يلعب بطولتها ممثل واحد، وكأن البلد خلا من المخرجين والمؤلفين والممثلين، وقبل ذلك خلا من مسئولين يدعمون ويشرفون على صناعة هذه الأفلام؟.
نعم، ذهبنا لمشاهدة «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، أنجح هذه الأفلام، وأعجبت عيوننا الطفولية بمشاهد العبور والقتال التى ينتهى بها الفيلم، ولكننا، حتى فى تلك الفترة الفقيرة معلوماتيًا، كنا نشاهد، سواء فى السينما أو التليفزيون، أفلامًا حربية أجنبية، مثل «مدافع نافارون» و«جسر على نهر كواى» «والدستة القذرة» و«36 ساعة فى الجحيم»، المصنوعة فى الخمسينيات وبداية الستينيات، ولا مجال للمقارنة بينها وأفلام الحرب المصرية. أتصور الآن، وأنا أفكر بأثر رجعى، أن أول تفريط فى انتصار أكتوبر شعر به الناس، بشكل غير مباشر وغير واعٍ بالطبع، هو تضييع فرصة صنع أفلام روائية ووثائقية وبرامج تليفزيونية تليق بهذا الانتصار. إن حرب أكتوبر كما شاهدناها على الشاشات تبدو خناقة عيال، وأبطالها يبدون كارتونًا من ممثلين لم يكلفوا أنفسهم حتى حلاقة شعر رأسهم الطويل أو وضع بعض التراب على ستراتهم الجديدة اللامعة، والحرب نفسها تبدو مقحمة على سيناريوهات ميلودرامية يمكن أن تحذف منها الحرب وتستبدل بأى حدث آخر.
بعيدًا عن المبررات والأسباب والنتائج، فإن هذا التفريط، عندما ننظر إليه من هنا، يبدو متعمدًا بالتأكيد. ومع مرور السنوات القليلة التالية لم يكن قد بقى من روح أكتوبر سوى الإجازة والاحتفالات السنوية.
بين القراءة والسينما والشطرنج قضيت النصف الثانى من السبعينيات، لا أعرف، ولا أهتم بمعرفة، الواقع أو الحقائق من حولى، حتى التى تدور داخل العائلة.
ما زلت أمارس الكاراتيه وأدمن مشاهدة أفلام الكونغ فو والقتال اليدوى بأنواعها. والفيلم الذى جذبنا وحقق نجاحًا هائلًا وقتها هو «الأبطال» (إخراج حسام الدين مصطفى، 1974) من بطولة أحمد رمزى وفريد شوقى، باعتباره «أول فيلم كاراتيه مصرى».
شاهدت الفيلم فى عرضه الأول فى سينما مترو، الآن أصبحت أحصل على مصروف أكبر ويمكننى الذهاب أحيانا إلى دور عرض الدرجة الأولى، وكان «الأبطال» أول زيارة لى إلى سينمات وسط البلد. كان سعر التذكرة 16 قرشًا ونصف القرش، بينما كان سعر تذكرة سينمات الدرجة الثانية 3 قروش ونصف القرش!.
سألت عن الطريق وسرت من السيدة زينب حتى شارع طلعت حرب راسمًا خريطة الطريق فى ذهنى حتى يمكننى العودة بسهولة ودخلت الفيلم، وخرجت شاردًا، كعادتى بعد مشاهدة الأفلام، ولم أكن أعرف أن للسينما باب خروج خلفيًا يطل على شارع عدلى، وسرت وفقًا للخريطة المرسومة بذهنى فوجدت نفسى فى ميدان العتبة، وتهت. وسألت «أولاد الحلال» إلى أن عدت أخيرًا إلى شارع نوبار (شريف) ومنه لميدان لاظوغلى ثم للبيت.
من الآن فصاعدًا ستصير منطقة وسط البلد متاهة حياتى الثقافية والعاطفية، حيث تتوالى الأيام والأسابيع والشهور والسنوات، ضائعًا بين ميادينها وشوارعها وسينماتها ومكتباتها ومقاهيها وصحفها وأحزابها ومظاهراتها ومطاعمها الجميلة، عندما كانت كل هذه الأماكن تنبض بالحياة والأفكار والفنون، كأنها قلب القاهرة، وعقل مصر.
منذ زمن بعيد اكتشفت أننى لا أستطيع الابتعاد عن وسط البلد. عندما أذهب إلى مصر الجديدة أو مدينة نصر أو الهرم، ناهيك عن المدن الجديدة التى راحت تنبت وتتمدد فى أركان القاهرة منذ السبعينيات، أشعر بأننى غريب، فى غير محلى، أو خارج المكان out of place، كما يقول التعبير الإنجليزى المعروف، والذى استخدمه إدوارد سعيد عنوانًا لمذكراته.
وسط البلد بالنسبة لى هى المكان، وكل ما عداها هو الخارج. ووسط البلد التى عرفتها وعشت فيها لأكثر من نصف قرن، تلك التى تتلاشى الآن مثل صورة قديمة يمحى ملامحها الزمن، لا يمكن أن توجد فى مكان أو زمن آخر.
عندما أقرأ عن الإسكندرية فى بداية القرن العشرين، وأزور محطة الرمل وأتجول بين معالمها التى تتلاشى الآن، مثل وسط البلد، أو عندما أقرأ عن وسط باريس طوال النصف الأول من القرن العشرين، وعندما أزور معالمها الباقية مثل سان ميشيل ومونمارتر ونوتردام والكونكورد والشانزليزيه، هذه المعالم التى تكاد تتلاشى أيضا، لولا وجود أجيال تدرك قيمة الماضى والحفاظ عليه، أفكر فى أن الذين عاشوا فى مثل هذه المناطق النابضة بالفن والثقافة والفلسفة والسياسة، هم أكثر الناس حظًا، وقربًا من قلب الحياة.
فى كل شبر من ميدان التحرير إلى ميدان الأوبرا، ومن طلعت حرب إلى محمد فريد ومصطفى كامل، مرورًا بشوارع قصر النيل وعبدالخالق ثروت وعدلى ونوبار وعماد الدين و26 يوليو وبقية شوارع وأزقة وسط البلد، منطلقًا من شارع خيرت وميدان لاظوغلى، أو من شارع قصر العينى بعد ذلك، مشيت أميالًا وأميالًا على مدار السنوات.. أنثر الذكريات.
خلال النصف الثانى من السبعينيات تعمقت علاقتى تدريجيًا بوسط البلد، التى بدأت بفيلم «الأبطال» وسينما مترو (قبل أن يتم تمزيقها إلى صالات صغيرة)، ذات الصالة الواسعة، والبلكون الرحب، والشاشة الهائلة، والصوت والصورة الواضحين، بما لا يقارن بدور عرض الدرجة الثانية والثالثة التى كنت أرتادها من قبل، وبما لا يقارن حتى ببقية سينمات وسط البلد، لا يقترب منها سوى «راديو» و«قصر النيل».. ربما.
كان أبى قد سافر إلى الخليج مثل من سافروا، وتحسنت أحوالنا المعيشية قليلًا، ولعلها كانت ستسوء كثيرًا لو لم يسافر، فالأسعار كانت ترتفع باستمرار، والقاهرة بدأت تزدحم بسكانها، ولأول مرة ظهرت مشكلة العثور على شقة للإيجار، ولأول مرة أصبح من الصعب العثور على تاكسى، وتغنى عدوية برائعته «زحمة يا دنيا زحمة» فقلبت الدنيا.. ولأول مرة أرى بعينى «ثورة شعبية» (أو «انتفاضة حرامية» كما أطلق عليها السادات).. وكل هذه الظواهر قلبت الهرم الاجتماعى، الذى كان مستقرًا تقريبًا منذ 1952.
كانت السيارات الخاصة لا تزال قليلة جدًا. إذا نجحت سيارة فى الوصول إلى إحدى الحارات فهى تتحول إلى «فرجة» من قبل الأطفال والطفوليين لمعرفة هوية صاحبها. لكن السيارات، وعشرات السلع الفاخرة التى لم يسمع عنها المصريون، أو سمعوا عنها فى الأفلام فقط، كانت تتدفق عبر الحدود التى فتحت على البحرى من الخليج وليبيا وأوروبا وأمريكا.
وهكذا انتقلنا إلى عالم البنطلونات الشارلستون القطيفة والقمصان المشجرة ذات الياقات العريضة والجواكت ذات الياقات الأعرض، ووضعنا السلسلة العريضة فوق القميص والجاكت، مثل محمود يس وعبدالحليم وهانى شاكر، وصففنا شعورنا بـ«السشوار» ومشط الشعر «الكانيش»، مثل محمود الخطيب وشطة، واستخدمنا كريم «انجرام» لحلاقة ذقوننا النابتة حديثًا، وكريم «نيفيا» لمقاومة حب الشباب، وتعطرنا بـ«أولدسبايس» ودخنا سجائر «كينت» و«روثمان كينج سايز»، وتذوقنا «اللبان» المستورد بطعم الفواكه، وزجاجات «السفن أب» و«سبورت كولا». وعندما تحولت بورسعيد إلى مدينة مفتوحة أصبحت مزارًا يتوجه إليه المئات من القاهرة والمحافظات الأخرى يوميًا، ليعودوا محملين بالبضائع الجديدة من ملابس وأجهزة إلكترونية وشامبوهات وعطور ومأكولات ومشروبات لم نكن نعرفها من قبل.. وفى النهاية ارتدينا «الجينز» الذى كان بدعة أول من عرفها هو جيلنا الصاعد.
كانت «الموضة» آنذاك إطلاق الشوارب والسوالف وفتح أزرار القميص، وبعد المينى والميكروجيب ستأتى موضة «الشوال»، أو تلك الفساتين الطويلة الواسعة التى تبدو صاحبتها وكأنها وضعت فى شوال، وانتشرت «البواريك»– جمع باروكة، أو شعر مستعار- وحتى فى الأحياء الشعبية حين نسكن كانت هذه الموضات منتشرة، سواء الخاصة بالرجال أو النساء. وكان «السشوار» و«الباروكة» جزءًا من مكونات أى «تسريحة» «هذه الكلمة التى تصف وحدة الأدراج ومرآة تصفيف الشعر، والتى انقرضت لأنها «بيئة»، هى لغة عربية فصحى!».
فى منتصف السبعينيات كنت أقرأ كل ما تقع عليه يداى من كتب ومجلات، ومعظمها أحصل عليه من سور الكتب المستعملة بالسيدة زينب. وكنت أزور السور بشكل شبه يومى، خاصة يوم الجمعة، حيث «الأوكازيون» الأسبوعى، الذى تجمع فيه الكتب فى فرشات على الأرض، يباع فيها أى كتاب بقرش واحد، أو قرشين، أو خمسة قروش. وعندما تعلمت الشطرنج وبدأت التردد على مقهى «زهرة الميدان» بدأت أبحث عن كتب فى تعليم اللعبة، وأشترى مجلة «روزاليوسف» لأنها تحتوى على صفحة شطرنج تنشر مباريات وألغازًا وأخبارًا من مصر والعالم. فيما بعد سأعرف أن من يحررها هو بطل الجمهورية آنذاك عاصم عبدالرازق، ويشرف على تحريرها الأديب فتحى غانم، الذى كان رئيسًا لتحرير المجلة بالمشاركة مع صلاح حافظ، وسوف ألتقى بفتحى غانم بالصدفة على مقهى «زهرة الميدان»، عقب أحداث 1977 وطرده مع صلاح حافظ ورئيس مجلس الإدارة عبدالرحمن الشرقاوى من «روزاليوسف»، وفى مرحلة أخرى فى نهاية الثمانينيات، سيكتب لى أن أدخل «روز اليوسف» لأحرر صفحة الشطرنج بها عن طريق فتحى غانم لأبدأ بها طريقى فى الصحافة.
من بين الكتب «الشطرنجية» القليلة المكتوبة باللغة العربية التى كانت متاحة آنذاك كتاب بعنوان «مباراة العصر فى الشطرنج» يحتوى على مباريات أشهر بطولة عالم جرت فى الشطرنج بين الأمريكى بوبى فيشر والروسى بوريس سباسكى عام 1972، فى عز الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية، وفاز بها الأمريكى فيشر محطمًا الاحتكار الروسى للعبة الذى استمر منذ 1927. كان الكتاب يحتوى على عدة مقدمات، الأولى لمحررى الكتاب محمد أنيس وعبدالرحيم شلبى، والثانية مقتطف طويل من إحدى مقالات «بصراحة» لمحمد حسنين هيكل يحكى فيه عن حوار دار بينه وخبير عسكرى وسياسى بريطانى لخص فيه الأخير الصراع بين العرب وإسرائيل بأن العرب فى هذا الصراع يلعبون الطاولة والنرد «التى تعتمد على الفهلوة والحظ»، بينما تلعب إسرائيل الشطرنج «الذى يعتمد على التخطيط والحسابات»، وأنه لا مجال لفوز العرب فى هذا الصراع إلا إذا تعلموا كيف يلعبون الشطرنج!
المقدمة الثالثة من الكتاب كانت مقالة أخرى كتبها أحمد بهاءالدين عن مبارة فيشر وسباسكى يقارن فيه فيشر وسباسكى بإسرائيل والعرب، ويرى أن فيشر فاز بالمباراة لإنه مارس الحرب النفسية التى تمارسها إسرائيل على العرب!
هذا الكتاب الأول الذى اقتنيته عن الشطرنج، الذى يربط بين اللعبة واسمى هيكل وبهاءالدين، وهما أكبر كاتبين صحفيين وقتها «وربما كل الأوقات»، وبين اللعبة والسياسة الإقليمية والدولية، بجانب المقدمة الأساسية للمحررين التى تتكلم عن أهمية تعليم اللعبة للأجيال الصغيرة وبعض المعلومات المذكورة عن تاريخها عند العرب والأوربيين، وعن علاقتها بالعسكرية والقتال، وأنا الذى أهوى القتال اليدوى وأمارس الكاراتيه، وهكذا اجتمعت الثقافة بالأكشن بالشطرنج فى عالم واحد ظل، ولا يزال بعد مرور عقود، مزيج لا ينفصل من حياتى العقلية والنفسية.
كنت لا أزال أتردد على السينما بانتظام، ومن بين كل الأفلام التى شاهدتها خلال السبعينيات فى دور العرض السينمائى، وكانت معظمها أفلام «أكشن» ومغامرات، أو أفلامًا مصرية جديدة حظيت بسمعة جيدة لاحتوائها على مشاهد أكشن أو جنس مميزة، أتذكر بوضوح شديد اليوم الذى شاهدت فيه فيلم «سائق التاكسى» «إخراج مارتن سكورسيزى، 1976» من بطولة روبرت دى نيرو وسيبيل شيبرد وجودى فوستر، وقد شاهدته غالبًا فى سينما «مترو».
لا أذكر كيف عرفت بالفيلم. غالبًا من خلال المقالة البديعة التى كتبها عنه الأستاذ رءوف توفيق فى مجلة «صباح الخير». فيما بعد سيلعب القدر لعبته مرة أخرى، وأعمل مع رءوف توفيق فى مهرجان الإسكندرية السينمائى، ثم بمجلة «صباح الخير» التى كان يتولى رئاسة تحريرها فى بداية الألفية الثالثة.
سحرنى «سائق التاكسى»، ووقعت فى حب جودى فوستر، أما روبرت دى نيرو فصار مثلًا لى. فى ذلك الوقت كان لدى هذه العقلية الانعزالية «البيوريتانية» التى تحلم بتطهير المجتمع عن طريق العنف الفردى، وإنقاذ النساء الضحيات من أيدى الفاسدين، وكانت جودى فوستر نموذجًا للأنثى الطفلة الضحية التى يمكن أن تضحى من أجلها بحياتك.. لكن أهم ما فى الفيلم طبعًا هو جرأة العرض والنقد، وتلك اللغة السينمائية التى كانت تختلف عن أى شىء رأيته من قبل. لقد غير «سائق التاكسى» مفهومى عن السينما وطريقة تذوقى لها، بجانب بعض الأفلام والمناقشات التى تعقب عرض الأفلام فى برنامج «نادى السينما» الذى كانت تقدمه درية شرف الدين فى التليفزيون.
من أفلام «نادى السينما» أتذكر «هاملت» الروسى إخراج جريجورى كوزنتسيف، 1964 و«رجل لكل العصور» فريد زينمان، 1966، و«سايكو» هيتشكوك، 1960، و«سبارتكوس» ستانلى كوبريك، 1960، وغيرها، ولكل من هذه الأفلام حكاية.