رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن التعليم والتلعيم «٣-3»



هناك بعض الأشياء التى تساعدنا على أن نكون أفضل مما نحن عليه، وعلى رأسها المعلمون الذين يستطيعون أن يرشدونا بخبرتهم إلى الطريق القويم لتحسين أنفسنا، المعلمون والأساتذة يعكسون من خلال شخصياتهم وسلوكهم ما سيكون عليه التلاميذ فى المستقبل، فإذا أردت النظر لمستقبل أمة، فانظر إلى معلميها: أى طريق فى الحياة ينتهجون؟ أى قيم يؤمنون بها، وبالتالى ينقلونها لتلاميذهم؟ ما الأفكار التى تشغل أذهانهم؟
اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎﺟﺢ هو من يدرك أن العملية التعليمية ﺗﺒﺪأ ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺔ دﺧﻮﻟﻪ اﻟﺼﻒ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ، لكنها ﻻ ﺗﻨﺘهى أﺑﺪًا، وﺛﻤﺔ ﺻﻔﺎت ﻋﺪة ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎﺟﺢ: اﻟﻤﻬﺎرة فى اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻠﻔظى وﻏﻴﺮ اﻟﻠﻔظى، ﻓﻬﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻜﻴﻴﻒ أﺳﻠﻮب اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﺪروس ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ وﺷﺮﺣﻬﺎ، ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ.
ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص وﻟﺪوا ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻣﻌﻠﻤﻴﻦ، إذ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻗﺪرة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺪ اﻧﺘﺒﺎه اﻷوﻻد وإﻟﻬﺎﻣﻬﻢ، وﻧﻘﻞ اﻷﻓﻜﺎر أو اﻟﻤﻌﺎرف إﻟﻴﻬﻢ، وﺿﺒﻂ ﺳﻠﻮك ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص، ﻳﻌﺘﻤﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﺎ واﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وﻗﻮة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﻏﻴﺮ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻮﻟﺪ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻣﻌﻠﻤﻴﻦ، لكن اﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﻄﻮر هى اﻷﻫﻢ وﻟﻴﺲ اﻟﻨﻘﻄﺔ التى تنطلق ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، وأن يصبح الإنسان قدوة ونموذج يحتاج إلى نوع من التعود وتوفير ﻣﺜﺎل داﺋﻢ ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻟﻼﺋﻘﺔ، داخل وخارج المدرسة.
إلى جانب دوره الأساسى فى نقل المعرفة العلمية وتمثيل القيم الأخلاقية المطلوب غرسها فى النشء، على المعلم أن يخلق بيئة تعليمية ودراسية جيدة وقادرة على تحقيق الهدف المرجو منها، حيث يؤثر القيام بهذا الدور أو التقصير فى مهامه على الطلاب ومستوى التركيز والإنجاز، بالإضافة إلى انعكاس تصرفاته على سلوك الطلبة الاجتماعى والدراسى، صحيح أن المعلم إنسان يمكنه أن يتعرض للضغوط المادية والنفسية والعصبية، إلا أن إدراكه طبيعة دوره وأنه مؤدٍ لرسالة معينة، يجعله يضبط انفعاله ولا يغالى فى الغضب والصراخ، وفى الوقت نفسه يتسم بالوعى والحزم وسرعة التصرف.
والمعلم الملهم تكون لديه قوانينه الخاصة التى اكتسب صياغتها وبلورتها من خبراته وحياته الخاصة، وقد اشتهر المدرب الأمريكى جون وودن برسائله القصيرة والبسيطة الملهمة للاعبيه، وعادةً ما كانت هذه الرسائل تتضمن توجيهات حول كيفية النجاح ليس فقط فى كرة السلة، وإنما أيضًا فى الحياة.
يقول وودن: «كان لدىّ ثلاثة قوانين كثيرًا ما استعملتها معظم الوقت، وقررت أنها مهمة للغاية. أولًا: لا تتأخر قط.. لا تتأخر قط. كما أعتقد أن الوقت مهم للغاية. أعتقد أن عليك أن تأتى فى الوقت المحدد، لكننى لم أشعر بأهميته إلّا عند التدريب، نبدأ فى وقت محدد، وننتهى فى وقت محدد. لا ينبغى للشباب الشعور بأننا سنبقيهم بعد انقضاء الوقت. يجب البدء عند الوقت المحدد، كما يجب الانتهاء عند وقتٍ محدد.
ثانيًا: علينا أن نكون نظيفين وأنيقين.. فى الملابس وفى اللسان، لم أسمح بأى كلمة وقحة.. كلمة واحدة غير لائقة، ستطرد من التمرين لكامل اليوم. إذا سمعتها خلال مباراة، فإننى سأستدعيك للجلوس خارج الملعب.
ثالثًا: لا تنتقد أو تجرح لاعبًا فى الفريق بصوت عالٍ أمام الآخرين.
على معلمينا، ونحن مقبلون على تغيرات كبيرة فى العملية التعليمية، أن يدركوا خطورة دورهم فى بناء الجيل القادم، وعليهم أن يعلموهم أن العملية التعليمية هى الأهم، والأكثر استمرارًا فى عملية التدريس التى تلتزم بمنهج محدد ومواد يمكن حذفها أو إضافتها، وعليهم أن يخففوا من حدة الصراع النفسى على مفهومى الفوز والخسارة، والنجاح والتفوق.
نحن نفوز أو نخسر داخل أنفسنا. الجوائز المرصوصة على أرففنا التى كسبناها فى مباريات سابقة لا تعنى أننا سنفوز حتمًا فى المباراة التالية، بل علينا دائمًا التمسك بالعزيمة والإصرار وتقديم كل شىء وعدم ادخار شىء حتى نكسب المباراة بحق، لا تخشَ الخسارة إذا كنت قد قدمت كل شىء بشجاعة، وما على معلمينا أن يغرسوه فى أبنائنا أن يتعلموا ويبذلوا أقصى ما لديهم.