رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام زكريا يكتب: ذكريات عن الثقافة والفن والحب فى نصف قرن (الحلقة الرابعة)

عصام زكريا
عصام زكريا

مات عبدالناصر. كان جرح هزيمة 1967 لا يزال ساخنًا، وجاء موت عبدالناصر كضربة قاصمة أحنت ظهر المصريين. لم أكن أعى شيئًا مما يدور حولى سوى أن هناك حدثًا جللًا مهيبًا يصبغ العالم بالأسى، وقد حزنت بالتبعية على موت عبدالناصر، وأحببت صوره التى كانت تملأ الأعداد التذكارية الخاصة من «المصور» و«الهلال» وحتى مجلة الأطفال «سمير» التى احتوى أحد أعدادها على هدية من كارتون يطبق بطريقة معينة فيشكل نموذجًا مجسمًا جميلًا من مسجد عبدالناصر «الذى بنى على عجل وقتها ليدفن فيه». أعتقد أن واحدًا من أهم أسباب شعبية عبدالناصر هو وسامته وجاذبيته الاستثنائية، من ملامح وجهه المرسومة بوضوح ودقة، بعينيه الكحيلتين الحزينتين، وأنفه الكبير المتكبر، وشفتيه الرفيعتين المزمومتين اللتين تنمان عن صرامة، إلى خصلات الشعر الأبيض التى تكلل فوديه، وبالطبع قامته العملاقة ولكن المحنية قليلًا مع ذلك، التى تثير إحساسًا بالأبوة الراعية.
مات عبدالناصر وساد إحساس عام باليتم أعتقد أنه انتقل عبر الأجيال. لم يحظ السادات، أو مبارك من بعده، بشىء من هذه الـ«كاريزما» ولا الجاذبية. كانت جنازته أسطورة تجسد معنى الزعامة والفقد الجماعى، ولكن سرعان ما ستمر الأيام، وتنهال معاول قتل الأب وتحطيم الأسطورة على أيدى أعدائه وبعض من كانوا أصدقاءه.
سنوات الابتدائية كانت هادئة وحزينة وفقيرة. هذه «المريلة» الصفراء الكئيبة من قماش «تيل نادية» بشكلها المضحك، والحذاء الكاوتش من «باتا» بـ99 قرشًا، وساندوتش الفول فى رغيف الخبز الشامى المدور، وكوب الشاى بلبن فى الصباحات الباكرة الباردة، وحقائب المدرسة الجلدية الضخمة التى تشبه حقائب السفر ولكنها أصغر قليلًا. ذات يوم، فى بداية العام الدراسى الخامس، فى أكتوبر 1973، أخرجونا مبكرًا من المدرسة، ولم نعد إلا بعد حوالى شهر، وقد تغير العالم من حولنا إلى الأبد. خلال هذا الشهر تحولت الهزيمة إلى انتصار، والروح المعنوية عادت لترتفع حد السماء، والأناشيد الوطنية وأهازيج الفرح كانت تتردد فى كل مكان. بغض النظر عن كل ما أثير، ويثار، حول حرب أكتوبر، لكنها بالنسبة لنا أكبر انتصار شهدناه.. فى الحقيقة هى الانتصار الوحيد الذى شهدناه، وقد تشبعنا به، وملأنا فخرًا وحبًا لبلدنا وإيمانًا بأننا قادرون على اجتراح المستحيل.
عقب انتهاء الحرب فى يناير من عام 1974 اصطحبنا أبى إلى معرض القاهرة للكتاب الذى كان يقام فى أرض المعارض بالجزيرة، مكان ساحة الأوبرا حاليًا، وهناك شاهدت المغنى ومؤلف الموسيقى محمد نوح لأول مرة يشدو بأغنيته الحماسية «مدد مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد»، وكان العالم كله يغنى معه بحماس شديد. بعد ذلك بسنوات طويلة سأتعرف على محمد نوح، وتدور بيننا أحاديث كثيرة حول الموسيقى والفن والسياسة والمجتمع، وكثيرًا ما كنت أذكره بذلك المساء الشجى الدافئ بالمشاعر فى معرض الكتاب. أعتقد أيضًا أنها كانت المرة الأولى لى فى معرض الكتاب الذى سيصبح حدثًا سنويًا مهمًا بعد ذلك، سواء عندما كان يقام فى أرض الجزيرة أو بعد انتقاله إلى أرض المعارض بمدينة نصر.
وقد ذهبنا أيضًا إلى أرض المعارض هذه لمشاهدة معرض حرب أكتوبر، الذى ضم بقايا الأسلحة والدبابات المدمرة وصور الأسرى الإسرائيليين، ومجسمات وصورًا لاقتحام خط بارليف والعبور.
من الغريب أن ذكرياتى عن الستينيات وبداية السبعينيات تتبدى لى بالأبيض والأسود، ولا تظهر الألوان إلا بعد ذلك.. مع القمصان المشجرة والبنطلونات الشارلستون و«أبى فوق الشجرة» و«خلى بالك من زوزو» و«حمام الملاطيلى».. هل ذلك بسبب السينما التى انتقلت من الأبيض والأسود إلى «الألوان الطبيعية»، أم بسبب فترة السبعينيات التى اتسمت بالفعل بصخب وبذخ الألوان؟
ماتت أم كلثوم فى فبراير 1974، وها هى جنازة أسطورية أخرى تجسد معنى التعلق والفقد الجماعى. كانت أم كلثوم بمثابة الأم كما كان عبدالناصر بمثابة الأب، وسرعان ما لحق عبدالحليم حافظ بالاثنين. والآن، فى خلو الساحة من هذه الكيانات الروحية الكبرى، راح التيار الدينى المتطرف من ناحية، ونجوم الفن الشعبى من ناحية أخرى، يهدمون ما بنته الطبقة الوسطى من أحلام وأوهام.
كنا نقترب حثيثًا من عصر الانفتاح والسفر للخليج وأحمد عدوية ونادية الجندى.

انتقلت من مدرسة «الشيخ على يوسف» الابتدائية بحى المنيرة إلى مدرسة «محمد على» بشارع مراسينا بجوار قسم شرطة السيدة زينب المجاور لجامع السيدة.. وتغير بالتالى خط سيرى اليومى إلى المدرسة فتغيرت حياتى بالتبعية.
كنت أمارس رياضة الكاراتيه فى عدة مراكز شباب من مركز شباب الخلفاوى بشبرا إلى مركز شباب الجزيرة إلى مركز شباب السيدة زينب الكائن بشارع مراسينا على بعد خطوات من المدرسة. ولكن مع انتقالى للمدرسة الجديدة ظهر كيانان كان لهما تأثير حاسم فى حياتى: الأول هو سور الكتب المستعملة المواجه للميدان «تحول إلى جاراج للسيارات الآن»، وكنت أمر عليه يوميًا فى طريق ذهابى إلى، وإيابى من المدرسة، والثانى هو مقهى «زهرة الميدان» أو «نادى الشطرنج»، كما تقول اللافتة المعلقة فوقه، والكائن على ناصية شارع مراسينا أمام مدرستى مباشرة.
فى تلك الفترة كنت قد تعلمت الشطرنج على يد بعض الأقارب الأكبر سنًا، وتعلقت به على الفور حتى بدأت أنسى الكاراتيه تدريجيًا، وقد ساهم هذا المقهى الذى كان يرتاده أبطال اللعبة فى مصر فى سحبى إلى عالم اللعبة واستغراقى فيه تمامًا، حتى أصبح الشطرنج عملى ودنياى لسنوات طويلة جدًا.. قبل أن أتخذ قرارًا باعتزاله، ولكن هذه حكاية أخرى لم يأت أوانها.
من ناحية أخرى ساهم سور الكتب القديمة فى انتقالى من عالم مجلات الأطفال والمغامرين الخمسة إلى مجالات أخرى راحت تتوسع وتتعمق باستمرار: من قصص «أرسين لوبين» و«الهارب» و«جيمس بوند»، وأجاثا كريستى وشرلوك هولمز، إلى نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وطه حسين والمنفلوطى، إلى كتب الفلسفة اليونانية وجان بول سارتر وألبير كامو وكولن ويلسون.
تميزت هذه الفترة بكثرة سلاسل الكتب المبسطة فى سائر المعارف مثل «اقرأ» التى كانت تصدرها «دار المعارف»، و«المختار» التى كانت ترجمة لمجلة Reader’s Digest الأمريكية، وسلسة «كتابى» التى كان يصدرها حلمى مراد، وهى من أجمل السلاسل تصميمًا ومحتوى، وقد تعرفت من خلالها على أمهات الكتب فى شتى المجالات وعدد كبير من أشهر الروايات والمسرحيات، بالرغم من أن ضرورة الاعتراف بأن هذه السلاسل التى تعتمد على التلخيص والتبسيط كانت سطحية بلا شك، ولا تنتج، إذا اعتمدت عليها وحدها، سوى ثقافة سطحية مثلها.
على سور السيدة زينب تعرفت ببعض المثقفين الأكبر سنًا، الذين شجعونى صبيًا شغوفًا بالقراءة، وعلى مقهى الشطرنج تعرفت على أبطال اللعبة الكبار الذين شجعونى صبيًا «موهوبًا» شغوفًا بالشطرنج وتعلمه.
على سور السيدة تعرفت أيضًا ببائع الكتب محمد جابر غريب، وهو نفسه كان كاتبًا للقصة القصيرة أصدر عدة مجموعات قصصية، كان بمثابة أخ أكبر لى فيما يتعلق بالقراءة، وكثيرًا ما كان يرشح لى أسماء كتب ومؤلفين، وعند مكتبته تعرفت على بعض مثقفى الحى مثل الناقد مصطفى عبدالوهاب (شقيق الناقد السينمائى وليد سيف) والأديب محمد إبراهيم مبروك، ومعيد شاب بكلية الفلسفة اسمه كمال، طالما كان يذكرنى بكمال عبدالجواد فى ثلاثية نجيب محفوظ. وكان يسكن فى بيت قريب جدًا من بيتنا، ويعقد فى غرفته الصغيرة جلسات وسهرات ثقافية مع أصدقائه أحضرها أحيانا. بعد عامين أو ثلاثة سيكون أول عمل أعمله فى حياتى هو قيامى مع كمال بتأجير مكتبة من مكتبات السور خلال إحدى الإجازات الصيفية، ولكن هدفنا بالطبع كان شراء، لا بيع، الكتب بأسعار زهيدة. ولما فشلت تجارتنا انتقلت للعمل مع محمد جابر غريب لبقية الإجازة.
ذات يوم اصطحبنى غريب إلى «نادى القصة» بجاردن سيتى، حيث كان سيقرأ إحدى قصصه، وهناك رأيت بعض أدباء العصر لأول مرة، وأتذكر أن أول قصة أستمع إليها على لسان مؤلفها كانت بعنوان «هذا الصوت وآخرون» للأديب عبدالعال الحمامصى، والقصة كانت تتحسر على عهد مضى وتنتقد العصر الذى أفرز أصواتًا مثل أحمد عدوية، الذى كان قد تحول إلى ظاهرة. هذا التوجه «البرجوازى» المعادى للذوق الشعبى، حتى لو كان صاحبه يتحدث دومًا باسم الشعب، كان، وربما لم يزل، سمة عامة لدى المثقفين والإعلاميين والناطقين باسم ثقافة الطبقة الوسطى، ولما كنت صغيرًا، سنًا وعقلًا، فقد تبنيت وجهات النظر هذه واعتبرت أحمد عدوية تجسيدًا للذوق الهابط الذى بدأ يحاصرنا منذ عهد الانفتاح والسفر للخليج. لكن عدوية كان نتاجًا لعصره وخير من عبر عن هذا العصر.
يبتكر الإنسان التكنولوجيا، ولكن التكنولوجيا تعيد ابتكار وتشكيل الإنسان. بعد الراديو دخل التليفزيون بيتنا وغير عقولنا وحياتنا. والكثير من مسلسلات وأفلام وبرامج التليفزيون تركت تأثيرها على حياتنا وبعضها لا يزال حيًا بقوة فى الذاكرة والوجدان: فيلم السهرة الأسبوعى، مسلسل «المطاردة» (1969) الذى يروى قصة «خط الصعيد»، مسلسل «العنكبوت» (1973) المأخوذ عن قصة مصطفى محمود، والذى خرجت من عباءته معظم مسلسلات وأفلام الخيال العلمى والفانتازيا المصرية، مثل «الرقص مع الشيطان» و«الفيل الأزرق». مباريات كرة القدم يوم الجمعة من كل أسبوع بتعليق الكابتن لطيف. مولد برنامج «نادى السينما» فى 1975 وانتقالى إلى مرحلة جديدة من تذوق الأفلام الفنية، وتقريبًا أتذكر بوضوح معظم، إن لم يكن كل، الأفلام التى شاهدتها فى «نادى السينما». وفى الوقت نفسه كانت محطة «أم كلثوم»، التى تبدأ فى الخامسة مساء وتنتهى فى العاشرة طقسًا يوميًا أستمع من خلاله إلى أفضل الأصوات والأغانى بداية بأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش ونجاة وليلى مراد وعبدالحليم حافظ وصولًا إلى الختام بأم كلثوم أيضًا.
بعد الراديو والتليفزيون جاء الكاسيت، وغير شكل الحياة مرة أخرى. من الكاسيت ولد عدوية ومعه عدد كبير من المطربين الشعبيين الذين لم يكن لديهم فرصة للغناء من قبل، فى ظل الاحتكار الذى مارسه المسئولون عن الإذاعة والتليفزيون، وظل عدوية ممنوعًا من الغناء فى الإثنين لسنوات طويلة، لكنه كان ملء الأسماع والأبصار من خلال الكاسيت والأفلام.
الكاسيت كان مدخلنا أيضًا إلى الموسيقى والأغانى العالمية. قبلها لم يكن أمامنا سوى برنامج «العالم يغنى»، الذى تقدمه حمدية حمدى فى التليفزيون والبرنامج الموسيقى فى الراديو وبعض الإذاعات الأجنبية، التى يمكن لأجهزة الراديو أن تلتقطها مثل «مونت كارلو» ومحطة يونانية يمكن التقاط ترددها أحيانا تذيع أغانى عذبة ذات موسيقى شبه شرقية تبدو وكأنها تأتى من مكان بعيد!.
بعد سنوات ستنتشر ثقافة الكاسيت فى كل مكان، وفى كل شارع وحارة سيظهر محل لبيع شرائط الكاسيت الأجنبية والمصرية، ومن خلالها سأتعرف على أشهر الفرق والمغنين العالميين. وعلى الفرق المصرية الوليدة حديثًا مثل «البيتى شاه» و«المصريين» و«الفور إم» و«الأصدقاء». كانت الأغنية المصرية تشهد ثورة هائلة فى الموسيقى والكلمات والأصوات، سيقدر لها أن تمضى قدمًا لسنوات، ثم تنتكس، ولهذا حديث آخر.
كنا قد انتقلنا من شقتنا الصغيرة إلى شقة أوسع، لكنها سرعان ما تحولت إلى فندق محطة مصر بفضل الوافدين من أقاربنا فى الصعيد الذين يتهياون للسفر إلى الخليج، وبعضهم كان يقضى أيامًا أو أسابيع أو شهورًا فى بيتنا قبل أن ينتهى من إتمام اجراءات سفره. ومع ضغوط الحياة وارتفاع الأسعار المتزايد وإغراءات العائدين الذين ظهرت عليهم آثار النعمة وبدأوا فى شراء الأراضى وبناء البيوت، بدأ أبى يقتنع بفكرة السفر للخليج تدريجيًا حتى أتى اليوم الذى سافر فيه ولم نعد نراه إلا كل عام أو عامين لبضعة أيام أو أسابيع.
كنت على أعتاب البلوغ والدخول إلى فترة المراهقة الصعبة، وبالتجربة والمشاهدة فهى أسوأ فترة فى حياة المرء على الإطلاق.. وأسوأ ما فيها أن المرء يفقد طفولته ويتحول إلى كائن غريب لا يطاق، لا هو طفل ولا هو ناضج، ولحسن الحظ أن الشطرنج والكتب والأفلام كانت أصدقائى التى تهون علىّ شعورى المزمن بالاغتراب والوحدة. كان يداهمنى هذا الشعور القاتل فى أوقات عجيبة: أحيانا وسط الأصدقاء أو فى زحام المقهى، ولم يكن له علاج سوى الذهاب إلى السينما أو الانفراد بنفسى فى غرفتى والجلوس على الأرض بين عشرات الكتب والمجلات أتقلب بينها، أو وضع لوحة الشطرنج والقطع وكتب الشطرنج أمامى، والاستغراق فى مشاهدة وتحليل بعض الأدوار والمواقف. ربما ينبغى أن أذكر هنا، لمن لا يعرف، أن للشطرنج كتبًا ومجلات (والآن داتا إليكترونية) لا حصر لها، وأنه لا طريق للتدريب والتقدم فى اللعبة سوى بقراءة ودراسة وأحيانًا حفظ هذه الكتب.
بالرغم من أن سفر أبى ترك فراغًا كبيرًا، كما حدث فى معظم بيوت مصر، إلا أنه ساهم فى مزيد من الاستقلالية والاعتماد على نفسى. ورغم أن هواياتى كانت تستهلك وقتى كله تقريبًا، إلا أننى كنت أتدارك نفسى فى اللحظات الأخيرة، لأذاكر وأنجح بدرجات جيدة، مما كان يطمئن أبوىّ بأننى بخير، وأننى لن أنحرف أو أصاب بالجنون بسبب هذه الهوايات!.
أثقل ما فى المراهقة أيضًا هو الغرائز التى تستيقظ بعد طول سبات وتبدأ فى الإلحاح بعنف على الجسد والعقل. ويزداد الأمر سوءًا فى مجتمع يتعامل مع الغريزة باعتبارها خطيئة وجرمًا يجب أن تكبت وتقمع وتتستر، وهو ما يولد شعورًا بالذنب والغضب وكراهية الجنس الآخر.
كنت خارجًا من طفولة وبراءة الستينيات إلى انفجار السبعينيات، وقد تشابه مسار حياتى الفردية مع مسار العصر، وهو ما يذكرنى بفيلمى «مزاج راغب بالحب» و«2046» للمخرج كار- واى وونج اللذين يعبران عن هذه الفترة الفاصلة بين الستينيات والسبعينيات من خلال بطل يتعلق بقصة حب أفلوطينى عذرى فى الفيلم الأول، ومع الثورة الجنسية والتحرر الذى تشهده نهاية الستينيات يتحول لعاشق متسلسل للنساء لا يفكر سوى فى الجسد فى الفيلم الثانى.
كانت آثار الثورة الجنسية العالمية قد وصلت إلى مصر مع بداية السبعينيات. وتجلى ذلك فى السينما المصرية، التى شهدت تحررًا فى الموضوعات والصور لم يسبق، ولم يلحق، بها مثيل.
.. ورحت مع رفاق السوء أطارد أفلامًا مثل «أبى فوق الشجرة» و«حمام الملاطيلى» و«الأستاذ أيوب» و«الحب الذى كان»، وحتى الفيلم السياسى «الكرنك» ذهبنا لمشاهدته بسبب سمعة مشهد الاغتصاب وصدر سعاد حسنى، الذى يظهر فيه.
لقد انطلق عفريت المراهق من القمقم، ولم يعد هناك مجال لإعادته للطفولة!.