رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن التعليم والتلعيم «2-3»



يحرص كل أولياء الأمور على أن يحقق أبناؤهم التفوق الدراسى.. رغم أن مفهوم التفوق يختلف باختلاف المكان والزمان، وأيضًا تختلف المنبهات والمؤشرات التى يعتمد عليها، فهناك من يرى أن المتفوقين هم من لديهم استعداد أكاديمى على مستوى مرتفع، وهناك من يحدده بمعيار واضح وهو تقدير الدرجات، وأنه الطالب الذى يحصل على ما نسبته ٨٥٪ فأكثر مـن الدرجات فـى الاختبارات الفصلية.
ويُعرَّف المتفوق عمومًا بأنه من لديه الاستعداد العقلى، ما قد يمكنه فى مستقبل حياته من الوصول إلى مستويات أداء مرتفعة فى مجال معين من المجالات التى تقدرها الجماعة إن توفرت له الظروف المناسبة، كما أنه الشخص الذى يُظهِر أداءً متميزًا- مقارنة مع الفئة العمرية التى ينتمى إليها- فى بعض أو معظم الجوانب التالية: القدرة العقلية العامة، القدرة الإبداعية العالية، التحصيل الدراسى المرتفع، القدرة على القيام بمهارات متميزة بينها المهارات فى اللغة أو الرياضيات أو العلوم، القدرة على المثابرة والالتزام والمرونة والاستقلالية فى التفكير.
فالمتفوق هو شخص لديه مواهب وسمات عقلية منحها الله مثل:
١- ارتفاع نسبة الذكاء لديه، إذ تبلغ ١٢٠ وتزيد على ذلك.
٢- تعدد الميول فى سن مبكرة.
وهذه السمات العقلية لا يمكن أن يتمتع بها الجميع، فالذكاء والجمال أو غيرهما من الصفات البيولوجية ليس لأحد يد فيها.. وماذا سيحدث إن لم يكن ابنى موفقًا دراسيًا؟
هل الذكاء المرتبط بالقدرة على التحصيل الدراسى هو كل شىء.. بالقطع لا، ولا يعنى كلامى أن يكون هناك نوع من الإهمال الدراسى ووجود منغصات بيئية تشغل بال الطفل، وعدم وجود رعاية أو اهتمام كافيين به، وإنما يكون بتذليل عقبات عدم الفهم أو الحفظ لدى الطالب.
ما أقصده أن العبرة فى التعليم ليست بالتفوق أو الحصيلة التى يستطيع الطالب استرجاعها عند الامتحان، ولكن المغزى والهدف أن أعوّد الطالب على أن يبذل أقصى جهده بأن يعمل ما عليه طوال العام الدراسى، وأن يتميز بالدأب والحرص، فإذا حاز التفوق فإنه لا شك مكسب كبير، وإذا لم يكن متفوقًا لأسباب خارجة عن قدراته فسيكون قد كسب التعليم، إن الآباء الراشدين هم من يغرسون فى أبنائهم اللاءات الثلاث التالية: لا تئن، لا تشك، لا تخلق أعذارًا.
وهى النصائح التى يسترجعها مدرب كرة السلة الأمريكى وخبير التنمية البشرية الشهير: جون وودن.
فقد كان والده يوصيه: فقط اخرج إلى هناك، وافعل ما تفعله، افعله بأفضل ما لديك من مقدرة، ولا أحد يستطيع فعل أفضل من ذلك، هذا هو ما يهم حقًا، إذا بذلت جهدًا لفعل أفضل ما تستطيع بصورة دائمة، فإن النتائج ستكون كما ينبغى أن تكون، ليس بالضرورة كما تشتهيها أن تكون، لكنها ستكون تقريبًا كما ينبغى أن تكون.
علينا أن نبذل أحسن ما لدينا، وألا نحاول أن نكون أفضل من شخص آخر، أن نتعلم دومًا من الآخرين.. من نجاحاتهم وإخفاقاتهم على السواء، ما نستطيعه هو محاولة أن نكون أفضل ما يمكننا أن نكون، لأنه أمر يمكننا السيطرة عليه بالجد والاجتهاد، وقد يستغرق شخص لكى يكون أفضل ما يستطيع شهرًا، وآخر شهرين، وثالث عامًا.. لا يهم الوقت عندما تحقق أقصى قدرة واستفادة من إمكانياتك، حينها ستكون قد تعلمت ومعها بالطبع ستكون قد نجحت.
يقول جون وودن: النجاح هو راحة البال، ويتحقق فقط من خلال رضا الذات بمعرفة أنك قمت بالجهد لفعل أفضل ما كان متاحًا لك، أعتقد أن هذا نجاحًا، ولا أعتقد أن الآخرين سيحكمون على هذا، أعتقد أنه كما الشخصية والسمعة «الصيت». سمعتك هى تصور لما أنت عليه. شخصيتك، هى ما أنت عليه حقًا. الشخصية أكثر أهمية من تصور الناس مما تحاول أنت أن تكون عليه. تأمل أن يكون كلاهما جيدًا. لكن ليس ضروريًا أن يكونا الشىء نفسه.
كل شخص منّا لديه تصور عن نفسه، عن أطفاله، كلنا يريد أن يكون متميزًا، وهذا لن يحدث بالصراع والتنافس مع الآخرين على درجات الشهر والحصول على ترتيب.
لكل أم، ليس مهمًا أن يحصل طفلك على الدرجة النهائية فى مادة العلوم، الأهم أن يعرف معنى «العلوم»، أن يدرك الهدف من تدريسها، أن تولِّد لديه الشغف وتعطيه مفاتيح العوالم المغلقة، أن تحفزه على التفكير والتخيل، وأن يكتشف نفسه والآخرين، وهذا هو الفرق بين التعليم والتلعيم.
وللحديث بقية.